العضوية في المجلس الأعلى للسلطة القضائية قطيعة مع الماضي .. وبداية عهد جديد تعد انتخابات المجلس الأعلى للسلطة القضائية المزمع إجراؤها يوم 23 يوليوز 2016 بمثابة إحدى اللبنات الأساسية لقيام سلطة قضائية مستقلة وفق المفهوم والضمانات المنصوص عليها في الدستور الجديد للمملكة، و الذي يجسد إرادة ملك وشعب في الرقي بالقضاء إلى سلطة قوية ضامنة للحقوق والحريات وحافظة لكرامة السادة القضاة باعتبارهم حماة العدالة. ولكي نصل إلى هذا الهدف المنشود، يتعين أن تفرز هذه الانتخابات عن فريق مستشعر للالتزامات الملقاة على عاتقه، قادر على إعطاء القضاء المكانة التي تليق به بين باقي السلط. وعليه، وبما أن العضوية في المجلس الأعلى للسلطة القضائية يجب أن تكون عبارة عن التزامات فقط، فإن العضو المرتقب يتعين عليه القيام بما يلي : الالتزام الأول: المساهمة الفعالة في صياغة القانون الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية الذي يعد حجر الأساس في بناء هذه المؤسسة وفق مفهومها الجديد في الدستور. فالقانون الداخلي هو الذي سيضمن حقوق السادة القضاة و سيحميهم من كل ما من شأنه أن يهدد استقرارهم المهني. وبالتالي يتعين على العضو المنتخب أن يساهم في تأسيس القانون المذكور من خلال تصوراته و كذا التقارير المنجزة من قبله بشكل يجعله لفائدة القضاة و حاميا لهم و ضامنا لاستقلالهم على كافة المستويات. الالتزام الثاني : تمثيل جميع القضاة بدون استثناء، بدون تمييز قبلي أو عرقي، وبغض النظر عن انتمائه الجغرافي أو حتى الجمعوي. ذلك أن الدفاع عن هيبة و كرامة كل قضاة المملكة التزام غير قابل للتجزئة ولا المفاضلة و لا المحاباة، صفة القاضي يجب أن تلازم عضو المجلس طيلة فترة ولايته، بهذا سنضمن تمثيلا فعليا للسادة القضاة و بدون تمييز بينهم، يدافع عنهم، يحمي استقلاليتهم، ويضمن تمتيعهم بكافة الضمانات الدستورية التي تكفل أمنهم واستقرارهم المهني. الالتزام الثالث : التفعيل السليم لكافة القوانين التنظيمية المتعلقة بالسلطة القضائية و تعد من ضمن أهم الالتزامات التي يتعين أن يضطلع بها العضو المنتخب في هذه المؤسسة، و المقصود هنا ترجمة مقتضياتها و خاصة تلك المتعلقة بحقوق السادة القضاة، من خلال التقارير المتعين إنجازها و التي يجب أن تصب في اتجاه تحقيق حماية أكبر لهم و ضمان ممارسة مهامهم في جو تطبعه الاستقلالية و الثقة بالنفس. هذه القوانين يجب أن تكون أداة لتقوية موقع السادة القضاة في نسق سلطتهم القضائية، خاصة فيما يتعلق بتحديد مفهوم واجب التحفظ، الذي يجب تفسيره في أضيق نطاق، لما أصبح يشكله من تهديد لحرية السادة القضاة وعائقا دون الاضطلاع بدورهم الذي يتوجب أن يتصف بالقوة والتميز، بالنظر للمسؤولية الجسيمة الملقاة على عاتقهم، ألا وهي حماية حقوق وحريات المواطنين. ومسؤولية بهذا الثقل توجب منح صاحبها مكانة واستقلالا يليقان بموضعه في منظومة العدالة. يبقى مجال تأديب السادة القضاة أهم ما يتعين الاعتناء به من لدن الأعضاء المنتخبين، بحيث يتعين التريث والتفكير ألف مرة قبل سلوك أي شكل من الأشكال التأديبية ومهما كانت درجتها في حق المعني بالأمر ،مع تخصيص عقوبة العزل بشروط ومعايير صارمة للجوء إليه، بحيث لا يجب اعتماده إلا في حالات معينة وبإجماع كافة الأعضاء، بحيث يجب استحضار الوضع العائلي للمعني بالأمر والآثار بعيدة المدى التي ستخلفها هذه العقوبة إن على المستوى الاجتماعي أو المادي أو النفسي له. الالتزام الرابع: الإشراف على الإدارة القضائية والسهر على مراقبة مدى تخليقها للعمل القضائي بالمحاكم هذا الدور الذي يتوجب أن يضطلع به العضو المنتخب،سيمكن السادة القضاة من ممارسة مهامهم بكل أريحية و بعيدا عن أية ضغوط كيفما كان نوعها. و عليه، يتعين على الأعضاء المنتخبين الإنتقال من المستوى النظري إلى التطبيقي، بمعنى عليهم تتبع أوضاع العمل التي يعيشها القضاة في المحاكم التي يزاولون بها عملهم و الإكراهات التي يواجهونها في علاقتهم بكافة مكونات جسم العدالة (المسؤول القضائي، كتابة الضبط، هيأة الدفاع.....إلخ)،و بناء على دراستهم الواقعية لهاته الأوضاع، سيتسنى لمؤسسة المجلس الأعلى للسلطة القضائية اتخاذ كافة التدابير التي تضمن للسادة القضاة جوا سليما للعمل. ما أرمي إلى تبيانه، هو أن الصورة النموذجية للعدالة ببلادنا و التي يسعى جلالة الملك و نحن معه إلى تحقيقها، تبدأ من هنا، من خلال إصلاح المحيط الذي يعمل فيه و به الجسم القضائي، حين سنضع أيدينا على مكامن الخلل التي تؤثر سلبا على هذا المحيط و نعالجها من الأساس و بشكل جذري و بعيدا عن الإصلاحات الوقتية و"الترقيعية"،آنذاك سنضمن مناخا سليما لسلطة قضائية مستقلة بكل ما في المصطلح من معنى. الالتزام الخامس: التدبير العادل والسليم لكل ما يتعلق بالوضعية الفردية للسادة القضاة. بطبيعة الحال كل الالتزامات الملقاة على عاتق الأعضاء المنتخبين لها نفس القدر من الأهمية، لكن الإلتزام الذي نحن بصدده الآن يكتسي قدرا خاصا من العناية، لماذا؟ لأن فلك مؤسسة المجلس الأعلى للسلطة القضائية يجب أن يدور حول هذا المعطى. كل ما يتعلق بالمسار المهني للسادة القضاة، من انتقالات، ترقيات، تأديبات، تقلد مناصب المسؤولية.....إلخ، يجب أن يخضع لمعايير موضوعية ولاحترام مبدأ تكافؤ الفرص. وإذا كان مجال تقلد مناصب المسؤولية سيصبح خاضعا لعدة شروط من ضمنها التقدم بالترشح للمنصب ودراسة ملف المرشح من حيث التكوين و الكفاءة والمسار المهني الخاص به بالإضافة إلى معايير شخصية تتعلق بمدى توفره على صفات القيادة والقدرة على التواصل وخلق جو الانسجام في العمل بين السادة القضاة....الخ، فإن باقي المجالات المتعلقة بالوضعية الفردية للقاضي يجب أن تراعى فيها عدة عوامل و اعتبارات( نورد على سبيل المثال لا الحصر مسألة الانتقالات، بحيث يجب الأخذ بعين الاعتبار الوضع العائلي والصحي ليس فقط للمعني بالأمر بل ولأسرته أيضا، حتى تحملاته العائلية يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار. ) مع التأكيد على مبدأ تكافؤ الفرص و المساواة و عدم التمييز بين قضاة المملكة. و يتوجب الإشارة في هذا الصدد إلى نقطة غاية في الأهمية، ألا وهي ضمان الشفافية والتجرد عند التعيين بالنسبة للقضاة الجدد، واعتماد معايير المواظبة والاجتهاد المبذول من طرفهم طيلة فترة التمرين و كذا النقط المحصل عليها خلال امتحانات التخرج والرتبة المحتلة بمناسبة اجتياز الامتحانات المذكورة. لأن شخصية القاضي تبنى من هنا، من هذه المرحلة، فحين سيشعر بأنه تم إنصافه وتمكينه من حقه وما يستحقه نظير جهده و اجتهاده، آنذاك سنطمئن بأننا كسبنا قاضيا قويا واثقا من نفسه و مؤمنا بأن السلطة التي ينتمي إليها ويمثلها لها من القوة ما يخوله الانطلاق في مساره المهني بخطى ثابتة، و أنه مؤهل لحفظ حقوق العباد طالما قد تم حفظ حقوقه بشكل قبلي. الالتزام الخامس: التدبير العادل والسليم لكل ما يتعلق بالوضعية الفردية للسادة القضاة يكتسي هذا الالتزام قدرا خاصا من العناية، لأن فلك مؤسسة المجلس الأعلى للسلطة القضائية يجب أن يدور حول هذا المعطى، فكل ما يتعلق بالمسار المهني للسادة القضاة، من انتقالات، ترقيات، تأديبات، تقلد مناصب المسؤولية.....إلخ، يجب أن يخضع لمعايير موضوعية و لاحترام مبدأ تكافؤ الفرص. و إذا كان مجال تقلد مناصب المسؤولية سيصبح خاضعا لعدة شروط من ضمنها اخضاعه للترشيح ودراسة ملف المرشح من حيث التكوين والكفاءة والمسار المهني الخاص به بالإضافة إلى معايير شخصية تتعلق بمدى توفره على صفات القيادة و القدرة على التواصل وخلق جو الانسجام في العمل بين السادة القضاة....الخ، فإن باقي المجالات المتعلقة بالوضعية الفردية للقاضي يجب أن تراعى فيها عدة عوامل واعتبارات(نورد على سبيل المثال لا الحصر مسألة الانتقالات، بحيث يجب الأخذ بعين الاعتبار الوضع العائلي والصحي ليس فقط للمعني بالأمر بل و لأسرته أيضا، فضلا عن تحملاته العائلية) مع التأكيد على مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة و عدم التمييز. و يتوجب الإشارة في هذا الصدد إلى نقطة غاية في الأهمية، ألا وهي ضمان الشفافية والتجرد عند التعيين بالنسبة للقضاة الجدد، و اعتماد معايير المواظبة و الاجتهاد المبذول من طرفهم طيلة فترة التمرين وكذا النقط المحصل عليها خلال امتحانات التخرج والرتبة المحتلة بمناسبة اجتياز الامتحانات المذكورة. لأن شخصية القاضي تبنى من هنا، من هذه المرحلة، فحين سيشعر بأنه تم إنصافه و تمكينه من حقه و ما يستحقه نظير جهده و اجتهاده، آنذاك سنطمئن بأننا كسبنا قاضيا قويا واثقا من نفسه و مؤمنا بأن السلطة التي ينتمي إليها و يمثلها لها من القوة ما يخوله الانطلاق في مساره المهني بخطى ثابتة، و أنه مؤهل لحفظ حقوق العباد طالما قد تم حفظ حقوقه بشكل قبلي. الالتزام السادس: العمل على الرفع من مستوى ظروف اشتغال القضاة العاملين بالمناطق النائية. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :"لا يقضي حكم بين اثنين وهو غضبان "،صدق رسول الله. و الغضب هنا تساهم فيه عوامل عدة :عوامل اقتصادية و اجتماعية و نفسية. القاضي توكل إليه أجل أمانة، و هي حفظ حقوق العباد و البلاد، و أمانة بهذا الثقل تستلزم بالمقابل تيسير و توفير كل الإمكانيات التي تساعده على القيام بهذا الواجب. إن الحس الوطني و الغيرة على مصلحة الوطن و حب خدمته و التضحية من أجله بالغالي و النفيس خصال يتميز بها كل قضاة بلادنا، و استعدادهم لأداء واجبهم المهني في أية رقعة من الوطن،يتعين أن يقابل بتوفير كل ما يحفزهم على العمل من وسائل، خاصة حين يتم تعيينهم في مناطق نائية( توفير سكن لائق بثمن تفضيلي،توفير وسيلة للتنقل، الاستفادة من تخفيضات في مختلف وسائل العيش من خلال تمكينهم من بطاقات خاصة بهم لهذا الغرض.....إلخ)،مع تكريس معايير لتنقيلهم بشكل تلقائي بعد تمضيتهم لفترة محددة في المناطق المذكورة، إلا إذا فضل المعني بالأمر البقاء لفترة أطول مثلا. السبل والوسائل الكفيلة بتحفيز السادة القضاة للعمل في تلك المناطق كثيرة و متنوعة، وما علينا سوى تفعيلها و أجرأتها. من هنا، يتعين على أعضاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية الاضطلاع بهذا الدور بشكل تطبيقي من خلال تقاريرهم و مقترحاتهم، بحيث يجب أن يضعوا نصب أعينهم الصفة القضائية التي تجمعهم بزملائهم الذين استأمنوهم على أصواتهم و مصالحهم. *نائبة رئيس المحكمة الابتدائية بمراكش