بعد أشهر من الشد والجذب، نجحت "حكومة عبد الإله بنكيران" في تمرير مشاريع قوانين "إصلاح أنظمة التقاعد" بمجلس المستشارين، رغم الوعيد الذي لحقها، وخصوصا من طرف النقابات الممثل جزء منها في الغرفة الثانية. وفي الوقت الذي اختارت فيه النقابات مواجهة المشاريع الحكومية بالاحتجاج في الشارع ومحاولة ثني المجلس عن المصادقة عبر التوجه إلى تشكيل لجنة برلمانية لتقصي الحقائق، فإن الحكومة التي لا تملك الأغلبية في المجلس الذي يرأسه مستشار ينتمي إلى المعارضة هو حكيم بنشماس، استطاعت أن تكسب أولى جولات مسطرة التشريع، قبل الإحالة على مجلس النواب. القوانين التي وصفها رئيس الحكومة "بالشوكة" التي ستعمل الحكومة على إزالتها من رجل الدولة بكل معقولية وشجاعة مهما كلفها ذلك، ساهمت عوامل عدة في نجاح السلطة التنفيذية في تحقيقها، لتنال بذلك مصادقة مجلس المستشارين في الجلسة العامة التي انعقدت في ثاني أيام هذا الأسبوع، رغم رفض النقابات ما وصفته ب"الانفراد الحكومي بالملف"، ومطالبتها بإعادته إلى طاولة الحوار الاجتماعي. وكانت مؤشرات الجلسة التشريعية تشير إلى أن الحكومة ستجد صعوبة في تمرير المشاريع لكونها لا تتوفر على الأغلبية، لكن مباشرة بعد إعلان رئيس الجلسة عبد الإله الحلوطي الشروع في التصويت على المشاريع الحكومية، صوّت لصالح مشاريع القوانين 27 مستشارا ينتمون إلى الأغلبية، وعارضها 21، فيما تم تسجيل امتناع 4 مستشارين عن التصويت. وتعود أسباب نجاح الحكومة في تمرير المشاريع إلى انسحاب أربعة مستشارين من الكنفدرالية الديمقراطية للشغل في نوع من الاستمرار في نهج المقاطعة بعد تسجيلهم نقاط نظام احتجاجية، بالإضافة إلى تسجيل غياب عدد كبير من المستشارين؛ حيث لم يحضر مرحلة التصويت سوى 52 مستشارا من أصل 120 مستشارا يشكلون الغرفة الثانية. من جهة ثانية، بدا واضحا التحول الكبير في موقف حزب الاستقلال من المعارضة، ومعه مستشارو الاتحاد العام للشغالين، الذراع النقابي ل"حزب الميزان"؛ حيث لو صوت مستشاروه لصالح المعارضة ضد المشروع ولم تنسحب "نقابة الأموي" لوجدت الحكومة نفسها في موقف حرج من الناحية السياسية. وانضم الاتحاد العام لمقاولات المغرب إلى الحكومة وأعلن "الباطرونا" مساندتهم للمشاريع الحكومية بعدما وافقت على المقترح الذي سبق أن صوتت لصالحه في المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المرتبط بالرفع من سن التقاعد ستة أشهر كل سنة؛ حيث ستكتمل ال63 سنة التي حددتها الحكومة بحلول 2023.