اعتبر تقرير صادر عن فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالناظور أن سنة 2015 استمرارية لسنة 2014 في ما يخص تعامل السلطات المغربية والإسبانية مع المهاجرين واللاجئين، موردا أن 2015 كانت مسرحا لخروقات متعددة، متمثلة في المنع والمطاردة والاعتقال والاحتجاز والتعنيف. وشدد التقرير الذي تتوفر عليه هسبريس على أن الاتحاد الأوروبي يستمر في تصدير "حدوده" إلى الخارج، ويجعل الناظور ومليلية "الحدود" الإفريقية الأهم لتنفيذ سياسات الهجرة التي يلعب فيها المغرب دور الحارس المخلص لهذه البوابة، مقابل تمويلات مالية مهمة تحصل عليها سلطات مليلية والمغرب لبناء حدود فريدة من نوعها، وتعبئة إمكانيات مادية وبشرية مهمة لتعزيز المراقبة، في إطار من التنسيق التام والضيق بين المغاربة والإسبان. وفيات وقتلى كشف التقرير حول الهجرة واللجوء عدد الوفيات والقتلى المسجلين في صفوف المهاجرين غير النظاميين، موردا أنه تم تسجيل وفاة 23 فردا، بينهم 21 قضوا غرقا بسواحل الناظور أو ببحيرة مارشيكا. وأورد التقرير ذاته أنه سجل لأول مرة سقوط مهاجرين قتلى نتيجة عمليات اعتداء، مسجلا ارتفاعا في عدد الوفيات مقارنة مع سنة 2015 التي عرفت 4 حالات للوفيات استقبلها المستشفى الحسني بالناظور. واعتبرت الجمعية ذاتها أنه لوحظ كمعطى جديد ظهور حالات متكررة للاعتداء المسلح على المهاجرين العزل، وصلت حد القتل باستعمال السلاح البيض في حق اثنين من المهاجرين جنوب الصحراء، موردة أن "المنفذين عصابات تنشط بالقرب من أماكن تجمع المهاجرين، غير بعيد عن أماكن تواجد القوات العمومية، التي بالرغم من بلاغات الجمعية المتكررة لم تتدخل في الوقت المناسب لإيقاف هذه العصابات قبل وقوع الفاجعتين؛ مما يشكل خرقا فاضحا للحق في الحياة وفق المواثيق الدولية". واستعرضت الجمعية في تقريرها تفاصيل حالات القتل، متهمة السلطات بعدم التدخل في الوقت المناسب، وعدم التعاطي مع شكايات الضحايا، ومساهمتها في النظرة السلبية تجاههم، معتبرة أن الحالات المسجلة رغم كارثيتها تبقى جزئية وبعيدة عن الواقع، باعتبار أن الأمر يتعلق فقط بالجثث التي لفظتها مياه البحر على سواحل الناظور، والتي استقبلها المستشفى الحسني، وموردة أن تقرير جمعية حقوقية بإقليم الأندلس أورد أن أكثر من 50 مهاجرا لقوا مصرعهم في بحر البوران سنة 2015. مصابون وجرحى التقرير ذاته أورد ضمن صفحاته أن سنة 2015 عرفت استقبال مستشفيات الناظور، بما في ذلك المراكز الصحية بأزغنغان والعروي وسلوان وفرق الهلال الأحمر المغربي، 1179 جريحا تعرضوا للإصابة أثناء المطاردات والتدخلات، التي وصفت ب"العنيفة"، مستحضرا ما أسماه "حملة 10 فبراير" التي تم خلالها تفكيك وإحراق مخيمات "غوروغو"، واعتقال 1250 مهاجرا. وأضافت AMDH فرع الناظور أنها سجلت سنة 2015 ارتفاعا مهما في عدد الجرحى مقارنة مع سنة 2014، التي لم تسجل خلالها سوى 743 حالة، مخبرة بأن 58 حالة استدعت تدخلا جراحيا، وموردة أنه في غالب الأحيان يتم اعتقال المهاجرين الجرحى بمجرد تلقيهم للعلاجات من داخل المستشفيات، ويتم إبعادهم في ظروف صعبة داخل حافلات إلى مدن بعيدة. وتطرقت الجمعية ذاتها في تقريرها لإحصائيات مندوبية الهجرة بالناظور، التي أعلنت وجود 2091 من المهاجرين المرضى الذين تلقوا مساعدات عبارة عن أدوية أو علاجات خلال هذه السنة، وخاصة النساء الحوامل والأطفال بالمراكز الصحية، و"هي الإحصائيات التي تؤكد الظروف الصحية الصعبة التي يعيشها المهاجرون بغابات الإقليم". جغرافية تواجد المهاجرين واعتبر التقرير ذاته أن جغرافية تواجد المهاجرين جنوب الصحراء تغيرت خلال سنة 2015، مرجعا ذلك إلى "الهجمات غير المسبوقة التي شنتها السلطات المغربية على الأماكن الرئيسية لتواجدهم بغابات الناظور، قصد إبعادهم عن الحدود مع مليلية، في تطبيق حرفي لسياسات المناولة التي يقوم بها المغرب تنفيذا للسياسات الأوربية"، مستعرضا مجموعة من التحركات الأمنية، والتي كان من بينها إحراق وتفكيك المخيمات ابتداء من 10 فبراير 2015، وموردا أنه تم إبعاد المئات من المهاجرين الذين سبق أن استفادوا من التسوية الاستثنائية للإقامة. واعتبرت الجمعية أنه رغم الحملات لازال المهاجرون يتواجدون بأعداد مهمة بكل من مخيمات "الجوطية، وتاويمة- افرا، وبولينغو- سلوان، وبقيوا- لخميس اقديم"، إضافة إلى بعض التجمعات الأقل أهمية، والتي ظهرت مؤخرا بجماعة بني سيدال الجبل وبني انصار بالقرب من دوار "غاسي"، مخبرة بأن العديد ممن لم يستطيعوا الصبر على قسوة العيش بالغابات قاموا بالاستقرار وسط المدينة، معتمدين على التسول في معيشهم اليومي. محاولات الدخول لمليلية رغم الحراسة المشددة للحدود مع مليلية، سجلت خلال سنة 2015، وفق تقرير فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالناظور، 13 محاولة فقط للقفز عبر الحواجز الحديدية من أجل الدخول إلى مليلية، في حين سجلت سنة 2014 60 محاولة على طول "الحدود" مع مليلية، عازية هذا الانخفاض إلى الإجراءات المتخذة منذ بداية السنة من قبل السلطات المغربية والإسبانية، والتي اعتمدت، وفق الوثيقة، على "تفكيك وإحراق مخيمات غوروغو، وتشديد المراقبة وبناء السياج الرابع الذي يعرض حياة المهاجرين للخطر، إذ إن من لم تشمله حملات الاعتقال والإبعاد من المهاجرين، أصبح على مسافات بعيدة جدا من السياج الحدودي". واعتبرت السلطات الإسبانية والمغربية هذا الانخفاض الكبير نجاحا للسياسات المشتركة التي ينهجانها، إذ تحدثت إحصائيات إسبانية رسمية عن تسجيل 15 محاولة فقط خلال هذه السنة، شارك فيها 3700 مهاجر، وتمكن 105 فقط من الدخول إلى مليلية. وأورد فرع الجمعية ذاتها أنه "مع تقوية المراقبة والعسكرة شبه الدائمة لهذه الحدود، لم يتمكن المهاجرون في بعض المحاولات حتى من لمس السياج، إذ تعمد القوات العمومية المغربية إلى مطاردتهم وتفريقهم بعد اكتشاف محاولاتهم؛ وذلك بالاستعانة بأشخاص بزي مدني يعملون على مراقبة تحركات المهاجرين في جميع نقاط تجمعهم والتبليغ عنها". الإيقاف والاحتجاز وبخصوص الموقوفين خلال الحملات المفعلة، أورد التقرير أن العمليات الواسعة لتفكيك وإحراق مخيمات المهاجرين بغابات "غوروغو"، في ال10 من فبراير 2015، أفضت إلى إيقاف 1468 مهاجرا ومهاجرة.. "وهيأت السلطات كلا من مركز الاصطياف بقرية اركمان، التابع لوزارة الشبيبة والرياضة، ومقر الجمعية الخيرية بالناظور، كمكانين لتجميع واحتجاز مئات المهاجرين قبل ترحيلهم على متن حافلات إلى عدة مدن بجنوب ووسط المغرب، مع استمرار احتجازهم داخل عدة مراكز معدة سلفا، ولم يتم إطلاق سراحهم حتى الفترة مابين 21 فبراير و6 مارس"، يورد التقرير. وأضاف التقرير ذاته أن العملية شابتها حملات قمع وخروقات عديدة، كالتعنيف وضياع الحاجيات الخاصة للمهاجرين وتعريض حياتهم للخطر أثناء مطاردتهم في المنحدرات الصعبة، معتبرا أن العملية ملطخة بعيوب في الشكل وغير قانونية في المضمون. السوريون يعانون التقرير الذي تطرقت أغلب صفحاته للمهاجرين المنحدرين من دول جنوب الصحراء الكبرى أفرد بعض الفقرات للاجئين السوريين، مستعرضا شهادات بعض الأسر، وأورد أنهم كانوا ضحايا خروقات متعددة، في مقدمتها عدم الاعتراف الرسمي بهم كلاجئين، رغم أن المفوضية العليا للاجئين تعتبر حتى السوريين غير المسجلين بلوائحها لاجئين، إضافة إلى المنع باستعمال القوة في عدة مرات من الاقتراب من المراكز الحدودية ببني انصار، وفرخانة وباريو شينو. وأورد فرع الجمعية ذاتها أنه "لم يتم تحديد معايير موضوعية ومعروفة ومنشورة لمعرفة اللاجئين السوريين المسموح لهم بالدخول لمليلية، في إطار اتفاق غير معلن بين السلطات المغربية والإسبانية، وعدم التدخل لإيقاف عمل "المافيات" المتخصصة في إدخال اللاجئين، والتي تشتغل بكل حرية بالمقاهي القريبة من المعابر الحدودية، مستنكرة إيقاف ومتابعة العديد من السوريين قضائيا عند محاولتهم الدخول أو الاحتجاج على المنع". ووصف التقرير اللاجئين السوريين ب"الرهائن"، وأضاف: "عاش السوريون خلال هذه السنة شبه رهائن بين منع السلطات الدخول لمليلية، والمبالغ المرتفعة التي يفرضها المهربون، والمصاريف اليومية للبقاء بالناظور"، موردا أن عدد اللاجئين السوريين والفلسطينيين المسجلين بمكتب اللجوء بمليلية بلغ 5000 فرد، وأن بلاغا سبق إصداره معززا بشهادات سوريين يصرحون بدور بعض رجال السلطة في إدخالهم لمليلية بمقابل مالي يصل إلى 1200 أورو للفرد؛ وهو ما نفته عمالة الناظور في بلاغ رسمي، ليتم في ما بعد وبتاريخ 14 نونبر إعلان اعتقال أحد أعوان السلطة متلبسا بتهجير أم سورية و3 من أبنائها.. كما تم إيقاف بعض المهربين من الجنسيتين المغربية والإسبانية متلبسين بتهريب اللاجئين بوثائق مزورة. منهجية إنجاز التقرير AMDH فرع الناظور أوردت أن إنجاز التقرير اعتمد بالأساس على العمل الميداني الذي تقوم به لجنة الهجرة واللجوء بفرع الجمعية بالناظور، والذي يتلخص في الزيارات الميدانية إلى أماكن تواجد اللاجئين والمهاجرين، ومتابعة أوضاعهم ومؤازرتهم كلما تعرضوا للقمع والاعتقال من قبل الشرطة والدرك والقوات المساعدة، أو عندما يتم نقلهم إلى المستشفى، أو عبر التواصل الهاتفي الدائم مع مسؤولي المخيمات المتواجدة بالغابات. زيادة على ذلك أوردت الجمعية أنها تقوم بتنظيم جلسات استماع بمقر الجمعية؛ تستهدف معاينة الخروقات المرتكبة واستقاء شهادات، مع زيارة مركز الاصطياف بقرية اركمان، والقيام بزيارات لمركز استقبال المهاجرين بمليلية "CETI" لمعاينة خروقات السلطات الإسبانية، إضافة إلى المعاينات والشهادات الحية لتدخل القوات العمومية بأماكن تجمع المهاجرين وبالمستشفى والمراكز الصحية، زيادة على التغطيات الصحافية، والإحصائيات المستقاة من مندوبية الهجرة بالناظور، ومن المستشفى الحسني بالناظور، مخبرة بأن عمالة الناظور وإدارتي الشرطة والدرك تمتنع عن تقديم ما لديها من إحصائيات. خلاصة التقرير فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالناظور اعتبر أن سنة 2015 شهدت "الانخراط الكلي والمتواصل للسلطات المغربية في تنفيذ السياسات الإقصائية للهجرة للاتحاد الأوروبي، بانتهاج وسائل قمعية تضرب عرض الحائط حقوق المهاجرين واللاجئين المنصوص عليها في العهود والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، وتخرق حتى القوانين والمساطر الوطنية، بما في ذلك القانون 02-03، معتبرا أن ذلك ما يجعل الناظور حالة خاصة على المستوى الوطني، داعيا المنظمات الحقوقية إلى تركيز عملها ونضالها على الناظور، باعتبارها النقطة الأكثر سوادا في تعامل السلطات مع حقوق المهاجرين واللاجئين.