ضمن فعاليات اليوم الرابع من "موازين"، وبعدما استمتع خلال الأيام الماضية بفرق من مختلف الجنسيات، وعلى مدى ساعة ونصف من الزمن، كان لجمهور المهرجان بمنصة شالة موعد مع الموسيقى الروحية والصوفية أبدعت وأمتعت خلاله فرقة "موسيقيو القاهرة". وعلى الرغم من أن الحضور لم يكن بالكثافة التي سجلها خلال حفل الفنان الإيراني علي رضا قرباني، إلا أن كلا من سيد إمام وسلامة متولي ورجب صادق وسمير العواد أبدعوا في عزف أفضل المقاطع الموسيقية المستوحاة من التراث الموسيقي المصري، وخاصة الشعبي منه. الفرقة نهلت من معجم التاريخ الإسلامي، حينما صدحت حناجر عناصرها بالأمداح النبوية التي تستحضر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وما كان يتميز به عن غيره قبل 14 قرنا، بمعجم ديني لافت لقي تفاعلا من الجمهور بشكل منقطع النظير. وأظهر أعضاء الفرقة قدرة كبيرة على المزج في الألحان بين الآلات الوترية، خاصة العود والربابة والكمان، والآلات الإيقاعية، ما أضفى على عرضها الموسيقي لمحة خاصة رحلت بالحضور إلى عوالم التراث المصري والموسيقى الإسلامية الروحية. وفيما قام هذا العرض الموسيقي الأول بالمملكة على "التراث الصعيدي"، استحضرت المجموعة روح الحسين بنمنصور المعروف بالحلاج، من خلال غناء عدد من أشعاره المتصوفة، وكذا أشعار ابن العربي، وكلها أشعار تسافر بالإنسان إلى عالم التصوف كما لو كان في حضرة الدراويش في إحدى الزوايا لحظة "التفكر في الحياة ودورتها"، كما هو الحال بالنسبة للرقص الصوفي. وحاولت المجموعة "نثر السعادة" وإبعاد الحزن عن الجمهور الذي لم يحُل اختلاف جنسياته دون الوقوع في حب المجموعة المصرية، وتجسيد ذلك من خلال التصفيق الحار وترديد عدد من المواويل الصوفية، فيما تنوعت تيمات ومواضيع العرض الغنائي لموسيقيي القاهرة، بين الدين والسياسة، الحب والكراهية، وحتى السعادة والحزن. وكان سلامة متولي "نجم موعد شالة" بامتياز، حينما أبدعت أنامله بشكل لافت في العزف على الكمان في البداية، خاصة خلال أداء الأغاني الشعبية، وبعدها رحل بالحضور في أسرار آلة الربابة المشرقية، التي تناسقت مع أشعار الحلاج، لتشكل خليطا موسيقيا لا يمكن أن يستمع له المرء إلا في حضرة متولي، الذي يعد أكبر أعضاء المجموعة سنا.