شهد إنتاج النفط في الجزائر تراجعا لافتا، إذ بلغ نحو 80 مليون برميل العام الماضي فقط، مقارنة بعام 2007؛ مما دفع خبراء إلى طرح تساؤلات حول الأسباب، وأجمعوا على أن شبهات الفساد في شركة "سوناطراك" الحكومية أحد العوامل الحاسمة في تراجع إنتاج النفط بالبلاد. وكان وزير الطاقة الجزائري، صلاح خبري، كشف أمام البرلمان، نهاية الشهر الماضي، أن "مستوى الإنتاج النفطي في الجزائر بلغ ذروته عام 2007 بقرابة 233 مليون طن من النفط، لكن الإنتاج سجل أدنى مستوى له خلال العام الماضي بحوالي 153 مليون طن فقط". وقال محمد سوالم، العضو القيادي السابق في نقابة عمال المحروقات، التي تمثل موظفي شركة سوناطراك الجزائرية: "إن صناعة استخراج النفط والغاز، العمود الفقري للاقتصاد الجزائري، تتعرض في السنوات الأخيرة لهزات عنيفة أثرت على الإنتاج". وأضاف المتحدث، في تصريحات نقلتها وكالة الأناضول للأنباء، أن أهم الهزات التي شهدها إنتاج النفط في الجزائر تعود إلى "التحقيقات حول شبهات الفساد في مجموعة سوناطراك الجزائرية، والتي دفعت عدداً كبيراً من مسؤوليها إلى الاستقالة أو طلب التقاعد". وأشار النقابي السابق ذاته إلى أن الإنتاج الجزائري من النفط والغاز بدأ في التراجع مباشرة بعد متابعة مدير عام شركة سوناطراك السابق محمد مزيان في قضية تتعلق بتسييرها، إذ توبع عدد من مسيري الشركة النفطية الجزائرية "سوناطراك" بتهم فساد في عام 2010. من جهته، قال الخبير الجزائري في شؤون الطاقة واعلي محمد الأمين: "أعتقد أن السبب الحقيقي في تراجع إنتاج الجزائر من النفط والغاز هو التحقيقات التي باشرتها أجهزة الأمن وجهات قضائية في شبهات فساد في مجموعة سوناطراك الحكومية خلال السنوات الماضية". وأردف الخبير الجزائري المقيم في العاصمة البريطانية لندن بالقول: "يمكن لأي خبير في مجال النفط أن يلاحظ أن الإنتاج الجزائري تراجع في الفترة نفسها التي بدأت فيها التحقيقات حول شبهات فساد في مجموعة سوناطراك الحكومية". وذهب المتحدث، في تصريحات لوكالة الأناضول، إلى أن "التحقيقات حول شبهات الفساد أدت إلى تأخير عدة مشاريع مهمة في مجموعة سوناطراك، بسبب خوف المديرين والمسؤولين الفرعيين في الشركة من ارتكاب الأخطاء أثناء التسيير". من جهته، عزا مدير فرعي في مجموعة سوناطراك تراجع إنتاج الجزائر إلى ما أسماه "دوافع تقنية"، أهمها "تردد الشركة في استثمار المزيد من المال في تطوير إنتاجية حقول نفط وغاز قديمة، وإطلاق عمليات جديدة لاستخراج الغاز والنفط في حقول جديدة بسبب تراجع أسعار النفط على المستوى العالمي". وتابع المتحدث قائلا: "يفكرون في وزرة الطاقة بالجزائر، وفي شركة سوناطراك بالطريقة التالية: إذا كانت أسعار النفط اليوم متدنية، فلا داعي لاستثمار المزيد من المال من أجل استخراج النفط والغاز والتنقيب عن الطاقة"، مضيفا سببا آخر متمثلا في "تأخر مشاريع ربط حقول النفط والغاز عبر شبكة من الأنابيب".