حذر الخبير الاقتصادي والرئيس السابق لمجلس المنافسة، عبد الرحمان مبتول من الإفراط في الإنفاق بشراهة الذي تنتهجه الحكومات المتعاقبة بدون الوقوف لتقييم نتائج السياسات الاقتصادية المنتهجة رغم العجز الواضح في مجال تنويع الاقتصاد الجزائري. وقال عبد الرحمان مبتول في تصريحات ل"الشروق"، إن الجزائر ستعود بقوة للاستدانة الخارجية بداية من العام 2017 لاجتماع مجموعة من العوامل عند هذا التاريخ، ومنها تراجع مداخيل النفط والمنافسة الشرسة من الغاز الروسي والقطري ودخول إسرائيل مرحلة الإنتاج والتصدير نحو الأسواق الأوروبية أيضا، فضلا عن تراجع كميات النفط الجزائري نحو الولاياتالمتحدةالأمريكية التي ستشرع بداية من العام 2017 في تصدير الغاز والنفط الصخري بفضل اكتفائها المحلي. وكشف مبتول، أن صادرات سوناطراك إلى الولاياتالمتحدة تراجعت من 11.5 مليار دولار عام 2011 إلى أقل من 4 مليار دولار العام الجاري، مضيفا أن الخطر الذي لا تريد سوناطراك الحديث عنه هو عدم تنوع أسواقها بالشكل الذي يسمح لها بتعويض السوق الأمريكية بسهولة، مضيفا أن 25 % من صادرات سوناطراك النفطية موجهة نحو الولاياتالمتحدة. وتقدر الاحتياطات التي اكتشفتها إسرائيل في شرق المتوسط بحوالي 7 مرات احتياطات حقل حاسي رمل، وهي كميات سيوجه جزء هام منها نحو الأسواق الأوروبية التي ستعرف بعض التشبع بفضل كميات الغاز الروسي والقطري وغاز بحر الشمال وليبيا وإسرائيل وقبرص، والغاز الصخري القادم من أمريكا الشمالية، وهو ما دفع بالاتحاد الأوروبي لممارسة ضغوط قوية على الجزائر لإرغامها على تخفيض سعر العقود الغازية الطويلة، وخاصة بعد الطعنة في الظهر التي تلقتها من شركة غاز بروم الروسية التي أصبحت توجه كميات مهولة من إنتاجها نحو الأسواق الحرة بموجب اتفاق برلين. وقال المتحدث، إن الرئيس المدير العام لمجموعة سوناطراك عبد الحميد زرقين، يتحدث عن زيادة الصادرات ولكنه لم يتحدث عن حجم الطلب العالمي والمنافسة، وهما عوامل رئيسية محددة للسعر. وأشار مبتول، أن عودة الجزائر إلى الأسواق المالية الدولية سيكون بوتيرة أسرع لأنها لم تستغل الوفرة المالية الاستثنائية التي سجلتها خلال العشرية الماضية، مضيفا أن تقرير الأوبك الصادر في جويلية الماضي يشير إلى أن تعديل الميزانية الجزائرية يتطلب 125 دولار للبرميل، وهو ما يتطلب العمل على خفض فاتورة الواردات التي ستتجاوز 72 مليار دولار العام الجاري منها 12 مليار دولار واردات الخدمات، فضلا عن حوالي 6 مليار دولار التي تمثل فوائد الشرطات الأجنبية العاملة بالجزائر. وأوضح مبتول أن رهان الإنتاجية وتنويع الاقتصاد يجب أن يتحقق قبل 2020 وإلا فإن الجزائر سيحكم عليها بالتخلف إلى الأبد بالنظر إلى التحولات الهيكلية التي سيعرفها الاقتصاد العالمي خلال السنوات السبعة القادمة، بالإضافة إلى تحديات داخلية أهمها ارتفاع الاستهلاك الداخلي للطاقة وتحوّلها بداية من العام 2030 إلى دولة مستوردة للنفط، وهو ما يتطلب على الرئيس القادم كسب معركة تحقيق التنمية وإنعاش الاقتصاد الوطني قبل حلول العام 2020 وإلا سيحكم على الجزائر بالتخلف إلى الأبد.