الجيش الإسرائيلي يٌعلن بدء الهجوم الإسرائيلي على إيران ودويّ انفجارات يٌسمع في عدة مدن إيرانية    النسخة الثانية من حكومة تستجيب لتعزيز زخم الأداء الحكومي    اتصالات المغرب تسجل رقم معاملات موطد بقيمة 27,46 مليار درهم    وزير إيطالي: المغرب شريك استراتيجي متميز لإيطاليا وركيزة مرجعية للقارة الأفريقية    برقية تهنئة من جلالة الملك إلى فخامة السيد لونغ كوونغ بمناسبة انتخابه رئيسا لجمهورية الفيتنام الاشتراكية    مقتل 3 صحفيين بغارة إسرائيلية جنوب لبنان    "الماط" يحقق فوزه الأول في البطولة    أهم توصيات مؤتمر الموثقين بمراكش    في أول امتحان له.. النقابات توجه رسالة إلى وزير الصحة الجديد    بعد أن صمت شهرا كاملا.. المغرب يدعو من باريس إلى وقف إطلاق النار في لبنان واحترام سيادته    وقفات مغربية تتمسك بوصية السنوار    تدشين أول رحلة جوية مباشرة تربط نيويورك بمراكش    تم اعتقاله في واقعة محاولة تصفيته.. القضاء المغربي يدين بارون مخدرات جزائري بالسجن 20 سنة نافذة    باريس سان جرمان يرفض قرار لجنة الاستئناف في رابطة المحترفين بدفع 55 مليون يورو لمبابي    إسرائيل تقتل منتظرين للمساعدات بغزة    محمد المحتوشي يكتب: التكنولوجيا كأداة لتحسين أداء الجماعات الترابية    أمن مراكش يحبط عملية تهريب طن من حشيش "الكيف"    بعد وفاة شخص وإصابة آخرين إثر تناولهم "برغر" من "ماكدونالد" بأمريكا.. السبب هو البكتيريا الإشريكية القولونية    خزينة المملكة: فائض في الميزانية يصل إلى 26,6 مليار درهم        نادي أولمبيك مارسيليا يكرم الراحل برادة        مديرية الأرصاد تحذر من امطار رعدية قوية بعدد من أقاليم المملكة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    الوكيل العام يرفض استدعاء "أحمد أحمد" لتبرير اقتناء الناصري "فيلا كاليفورنيا"    الأميرة لالة حسناء تترأس حفل "فاشن تراست أرابيا" العربية    بونو والركراكي والسكيتيوي والكعبي ودياز خارج المرشحين لجائزة الأفضل في إفريقيا    خطاب ماكرون أمام البرلمان المغربي.. التفاتة ملكية تعكس العلاقات المتميزة بين البلدين    الغافولي يعيد إصدار "المعفر" بتوزيع جديد    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش.. قائمة المشاريع والأفلام المختارة في ورشات الأطلس    هل ينجح الميداوي في إيجاد الحلقة المفقودة التي ضيعها الميراوي في ملف أزمة طلبة الطب؟    نشرة إنذارية: زخات رعدية قوية مصحوبة بهبات رياح اليوم الجمعة بعدد من مناطق المملكة    بورصة البيضاء تفتتح التداولات ب "ارتفاع"    لا بَيْتَ في الدَّارْ!    "أمو تضامن".. تحويل 15,51 مليار درهم من طرف الدولة إلى الضمان الاجتماعي    المغرب في المرتبة 92 عالميا في مؤشر سيادة القانون لعام 2024    لامين يامال يرد على مشجع لريال مدريد سخر من أدائه أمام بايرن    جورجينا رودريغيز تستعيد عافيتها بعد تغلبها على أزمة صحية خطيرة    بايتاس يستعرض استراتيجية الحكومة لضبط أثمان اللحوم الحمراء    زياد فكري.. قصة بطل انطلق من أكاديمية محمد السادس إلى الولايات المتحدة الأمريكية    مهنيو أرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب في وفقة احتجاجية جديدة على قرارات CNSS    الصورة والأسطورة في مواجهة الموت    مقتل 3 صحافيين في جنوب شرق لبنان    الجيش الإسرائيلي يٌعلن مقتل 5 من جنوده في جنوب لبنان.. وحصيلة خسائره ترتفع إلى 890 قتيلا وأكثر من 12 ألف مصابا    التهمت ميزانية ضخمة من المال العام.. فشل ذريع لأسواق القرب بمدينة الجديدة    ندوة علمية تقارب "الفلسفة الوسيطية"    مغاربة الإمارات يحتفون ب"أبطال القراءة"    لا أريد جوائز    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب تصادق بالأغلبية على مشروع القانون المتعلق بالصناعة السينمائية وإعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي    فرط صوديوم الدم .. الأعراض والأسباب    التغير المفاجئ للطقس بيئة خصبة لانتقال الفيروسات    مصطفى الفن يكتب: هكذا تصبح وزيرا بوصفة سهلة جدا    وفاة وحالات تسمم ببكتيريا في أحد منتجات "ماكدونالدز"    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السلطة التنفيذية على ضوء دستور 29 يوليوز 2011
نشر في هسبريس يوم 03 - 05 - 2016

جاء دستور 29 يوليوز2011 ، الذي وافق علية الاستفتاء الشعبي لفاتح يوليوز من نفس السنة (1)، وذلك بغية تقوية المؤسسات الدستورية التي تعمل إلى جانب المؤسسة الملكية، وإعادة توزيع الأدوار فيما بينها. ومن جملة هذه المؤسسات الدستورية – السالفة الذكر – هناك السلطة التنفيذية ومحورها الرئيس المتمثل في رئيس الوزراء.
أولا- الإطار القانوني للسلطة التنفيذية:
أولى مؤشرات التغيير هي الصفة ذاتها لرئيس الوزراء؛ بحيث أن الصفة الجديدة التي أعطاه إياها المشرع الدستوري هي " رئيس الحكومة"، وما لذلك من رمزية معنوية على السلطة والمكانة الجديدة التي أصبح يحظى بها – من الناحية الدستورية – في دواليب الحكم والجهاز التنفيذي للدولة.
تكريسا للمؤشر الأول، فقد نصت مقتضيات الفصل 47 من الدستور على أن رئيس الحكومة يعينه الملك من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب الذين يتم انتخابهم بالاقتراع العام المباشر(2)، في حين كان الفصل 24 من دستور 7 أكتوبر 1996 يقضي بأن: "الملك يعين الوزير الأول" دون تحديد ما إذا كان هذا التعيين يتم من الحزب الذي تصدر انتخابات مجلس النواب أو من الأغلبية البرلمانية أو من خارج هذا الإطار. وهو ما كان يعطي للملك – في المرحلة السابقة – حرية اختيار وزيره الأول وذلك سواء من الأحزاب السياسية التي تمثل الأغلبية البرلمانية أو من التكنوقراط.
وقد أعطى دستور 2011 لرئيس الحكومة وفريقه الوزاري العديد من الصلاحيات الجديدة. فعلى مستوى تشكيلة الحكومة، يعين الملك أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها – كما كان الحال عليه في دستور 1996–، ولرئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر من أعضاء الحكومة، في حين كان هذا الإعفاء من اختصاص الملك فقط في الدستور السابق. وعلى مستوى عمل الحكومة فإن هذه الأخيرة تمارس اختصاصاتها تحت سلطة رئيسها، والإدارة موضوعة تحت تصرفها، كما تمارس الإشراف والوصاية على المؤسسات والمقاولات العمومية. إلى جانب ذلك، يمارس رئيس الحكومة السلطة التنظيمية ويعين في الوظائف المدنية في الإدارات العمومية، وفي الوظائف السامية في المؤسسات والمقاولات العمومية، دون إخلال بأحكام الفصل 49 من الدستور، أي ما يتعلق بتعيين الملك، باقتراح من رئيس الحكومة، وبمبادرة من الوزير المعني، لوالي بنك المغرب، والسفراء والولاة والعمال، والمسؤولين عن الإدارات المكلفة بالأمن الداخلي، والمسؤولين عن المؤسسات والمقاولات الاستراتيجية.
من جانب آخر، نص الفصل 92 من الدستور على أن مجلس الحكومة يتداول، تحت رئاسة رئيس الحكومة، في القضايا والنصوص المتعلقة بالسياسة العامة للدولة، والسياسة العمومية والقطاعية، وطلب الثقة من مجلس النواب، والقضايا الراهنة لحقوق الإنسان والنظام العام، ومشاريع ومراسيم القوانين ومشاريع المراسيم والمراسيم التنظيمية، والمعاهدات والاتفاقيات الدولية، والتعيين في المناصب العليا – مع مراعاة ما تمت الإشارة إليه سابقا (الفصل 49).
وفيما يخص المجال التشريعي، فإن الفصل 78 من الدستور ينص على أن لرئيس الحكومة ولأعضاء البرلمان على السواء حق التقدم باقتراح القوانين. كما أن لرئيس الحكومة حق حل مجلس النواب بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء وفق مقتضيات الفصل 104 من الدستور.
ثانيا – الإطار العملي للسلطة التنفيذية:
إذا كان الوزير الأول – في الوقت الحالي – هو "رئيس الحكومة"، بمعنى المتحكم في زمام السلطة التنفيذية، فإن الممارسة الفعلية للسلطة لا ترقى بعد إلى هذا المستوى المنصوص عليه في دستور المملكة. فالاختلاف بين سلطة الوزير الأول (مرحلة ما قبل دستور 2011) وسلطة رئيس الحكومة (مرحلة ما بعد دستور 2011) لازالت غير ملموسة حسبما أبانت عليه تجربة حكومة عبد الإله بنكيران (3).
كما يلاحظ كذلك انفلات جزء مهم من السلطة التنفيذية من بين يدي رئيسها. ومن بين مؤشرات ذلك هو ما تعرضت إليه مظاهرات الأساتذة المتدربين من تفريق عنيف من لدن قوات الأمن، وما أعقب ذلك من تعارض في تصريحات كل من رئيس الحكومة ووزير الداخلية أمام مجلس النواب في هذا الشأن (جلسة 12 يناير 2016). ففي حين كان وزير الداخلية يقول بأن التفريق تم بتعليمات من الحكومة وباتفاق مع رئيس الحكومة، كان هذا الأخير ينفي ذلك ويصرح أمام البرلمان بأنه ليس له علم بما تعرض إليه الأساتذة المتدربين. وهو ما قد يدل على أن الشؤون الأمنية والداخلية للمملكة لا توجد بعد تحت سلطة رئيس الجهاز التنفيذي.
المؤشر الآخر للانفلات – السالف الذكر – هو تفويت وزير المالية والاقتصاد – في مشروع قانون المالية لعام 2016 – لوزير الفلاحة والصيد البحري الإشراف على أموال صندوق تنمية القرى، والذي يهم أكثر من قطاع حكومي ومؤسسة عمومية، دون أن يطلع رئيس الحكومة بذلك. تجدر الإشارة إلى أن برنامج تنمية القرى، الذي يكرس التعليمات التي وجهها الملك للحكومة (4)، يضم حوالي 20800 مشروع يخص التعليم والصحة والماء والكهرباء والطرق (...إلخ) ويستهدف أزيد من 12 مليون مواطن من سكان البوادي وبميزانية إجمالية تبلغ حوالي 50 مليار درهم.
من جانب آخر، ، فإنه إلى جانب صلاحيات الملك الدستورية، بصفته رئيس مجلس الوزراء، التي نصت عليها مقتضيات الفصل 49 من الدستور، والتي تجعل منه السلطة الأسمى في صناعة القرار داخل الدولة، فالملاحظ هو أن نفوذ المؤسسة الملكية على الجهاز التنفيذي لازالت إحدى المعطيات البارزة: على سبيل المثال، اجتماعات الملك مع بعض الوزراء والموظفين السامين، في غياب رئيس الحكومة، بخصوص مواضيع تعود عادة إلى المجال الحكومي، واعتبار القضايا المتعلقة بالتعليم – التي تدخل في مجال السياسات العمومية للحكومة – كمجال يسهر عليه الملك، كما أقر ذلك الخطاب الملكي ل 20 غشت 2013 (5)، وبالتالي إحدى الخيارات الاستراتيجية التي يعود النظر فيها إلى مجلس الوزراء.
ثالثا - خلاصات:
لا زالت صلاحيات السلطة التنفيذية، وخاصة ما يتعلق برئيس الحكومة، وفق ما نص عليه المشرع الدستوري، تحتاج إلى مزيد من التفعيل. ولعل من بين الأسباب الرئيسة التي تعوق ذلك هو غياب فريق حكومي قوي ومتجانس؛ وهي السمة المتوقعة لجميع الحكومات المغربية التي يمكن أن تفرزها صناديق الاقتراع في ظل الواقع الحالي للأحزاب ومناهج التقطيع الانتخابي والاقتراع وسوسيولوجيا الانتخابات. فالحكومة الحالية التي يرأسها عبد الإله بنكيران هي ليست حكومة حزب العدالة والتنمية الذي لم ينل في الانتخابات التشريعية ل 25 نونبر 2011 سوى 27,08% من مقاعد مجلس النواب؛ في حين أن هذا الوصف كان ممكنا إذا كان قد نال الأغلبية المطلقة داخل مجلس النواب (51% على الأقل من المقاعد). وفي الواقع، فإن حكومة بنكيران هي "حكومة ائتلاف"، والأكثر من ذلك فهي تتكون من أحزاب متنافرة وذلك سواء على المستوى الإيديولوجي أو على مستوى السجل التاريخي أو على مستوى المبادئ والأهداف.
وفي السياق ذاته، فإن الحياة الحزبية المغربية التي تعاني منذ عقود بما يمكن تسميته ب" البلقنة"، أي إقحام أحزاب إدارية وتيارات مختلفة ومتعادية ليس فقط فيما بين الأحزاب وإنما داخل الحزب الواحد، وكذلك ضعف التواصل السياسي لدى أكثرية الأحزاب السياسية (تواصل مرحلي بغايات انتخابية)، وأزمة الثقة بينها وبين المواطن المغربي أدت إلى عدم وجود أحزاب قوية قادرة – في الوقت الراهن – على نيل الأغلبية المطلقة داخل مجلس النواب وتكوين فريق حكومي قوي ومتجانس قادر على أن يلعب دوره الدستوري كاملا وتطبيق برنامجه الحكومي. الشيء الذي قد يفرغ الرهانات الانتخابية من قيمتها وقدرتها على التغيير. وبالتالي فإن هذا الواقع يخول للمؤسسة الملكية إمكانيات التدخل في المجال الحكومي – سواء بحكم الخيارات الاستراتيجية للدولة الواسعة المفهوم المشار إليها سابقا أو بحكم ضعف الحكومة وتشرذمها– لملء الفراغ أو للحسم في النزاعات المفتعلة بين مكونات الأغلبية.
أخيرا، فإن شيء من البراغماتية السياسية (عدم امتلاك الأغلبية المطلقة وكذلك تفادي الاصطدام بالمؤسسة الملكية) وشيء من محاولة تقريب الإسلاميين من إمارة المؤمنين تدفع برئيس الحكومة الحالي وحزب العدالة والتنمية، ذو المرجعية الإسلامية، للمهادنة بل وأيضا التنازل.
هوامش:
-%97،58 من الناخبين أدلوا ب "نعم" للتعديل الدستوري الجديد؛
-يتكون البرلمان من مجلسين، مجلس النواب الذي يتم انتخابه بالاقتراع العام المباشر لمدة خمس سنوات، ومجلس المستشارين الذي يتم انتخابه بالاقتراع العام غير المباشر لمدة ست سنوات؛
-عين الملك حكومة عبد الإله بنكيران بظهير شريف رقم 1.12.01 صادر في 9 صفر 1433 (3 يناير 2012)؛
-خطاب العرش ل30 يوليوز 2015؛
-أنظر،Bendourou (O), Réflexions sur la constitution du 29 juillet 2011 et la démocratie, in La nouvelle constitution marocaine à l'épreuve de la pratique, édition La Croisée des Chemins, Casablanca, 2014, p. 136-140.
*باحث، دكتوراه العلوم السياسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.