حولت الدكتورة رتيبة ركلمة ما سجلته من يوميات خلال زيارتها إلى بلاد العم سام، ضمن برنامج الزائر الدولي، إلى كتاب بعنوان "حوار الحضارات بالولاياتالمتحدةالأمريكية: يوميات مغربية لاكتشاف أمريكا من جديد"، تحتوي صفحاته على مجموعة من اليوميات موزعة على ثمانية فصول تتقاطع في ما بينها لترسم للقارئ صورا واقعية لرحلة مغربية إلى أمريكا قصد اكتشافها من جديد. وفي مقدمة الكتاب أعلنت المؤلفة بعض الأسباب التي كانت وراء تأليف هذا الكتاب؛ ومن بينها الصور النمطية التي ينقلها الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب، بشكل يومي، إلى المجتمعات؛ حيث تصبح هذه الصور هي الخلفية التي يتم التعامل بها مع هذه الشعوب، في الوقت الذي لا ينقل فيه الإعلام سوى قرارات الحكام والحروب والأحداث غير العادية، في حين تظل ثقافة كل شعب وحياته اليومية وعاداته وتقاليده غير متداولة أو معروفة. وتضيف المؤلفة في بيان أسباب تأليف الكتاب، "لتجاوز هذه الصور النمطية، بدأ في السنوات الأخيرة تنظيم العديد من اللقاءات والمؤتمرات الدولية من طرف الحكومات والمجتمع المدني شعارها حوار الحضارات من أجل إزالة سوء الفهم الكبير بين الشعوب وتذويب نقاط الخلاف والبحث عن نقاط التلاقي والتعريف بثقافة الآخر. غير أن هذه الملتقيات تبقى نخبوية ومحدودة في الزمان والمكان، ولم تساعد على تجاوز الآراء المسبقة حول كل شعب، لاسيما لدى الشرائح العريضة من المجتمع. بالتالي، فنحن كأفراد وجماعات بحاجة ماسة إلى معرفة المواطن البسيط للاطلاع على إنسيته بغية تجاوز الاختلاف وتعزيز التعايش السلمي فيما بيننا". يعتبر هذا الكتاب نتاج تجربة حقيقية مكتوبة بشكل يومي خلال مشاركة المؤلفة سنة 2008 ضمن برنامج الزائر الدولي القيادي في موضوع "الفنون الاستعراضية بالولاياتالمتحدةالأمريكية"، والذي شاركت فيه إلى جانب خمسة أفراد من دول عربية مختلفة؛ وهي قطر ومصر والبحرين واليمن وسوريا، فضلا عن مترجمة من تونس ومترجم عراقي ذي أصول كردية. وتكمن أهمية هذا الكتاب في كونه يؤرخ لجانب من الصورة الواقعية لوضعية بعض الشعوب العربية قبل الحراك الاجتماعي أو ما أصبح يعرف بالربيع العربي الذي انطلق سنة2011؛ إذ حرصت المؤلفة على تدوين مجموعة من الحوارات والمواقف والأحداث ووجهات نظر المشاركين في البرنامج المذكور في عدة قضايا عربية-إسلامية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ "من قبيل الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، والوضع الديمقراطي، ووضعية المرأة بالدول التي ننتمي إليها". كما يساهم في التعريف، بشكل خاص، بإنسية الشعبين المغربي والأمريكي عبر إطلاع القارئ العربي على جانب من تاريخهما وثقافتهما لتمكينهما من التعرف على هوية بعضهما البعض، لاسيما أن المملكة المغربية كانت أول دولة اعترفت باستقلال الولاياتالمتحدةالأمريكية في 20 فبراير 1778، وتم تعزيز هذا الاعتراف بتوقيع مجموعة من المعاهدات بين البلدين، دون أن ننسى رفض الرئيس الأمريكي ثيودور روزفلت الاعتراف بالحماية الفرنسية للمغرب، والدعوة الرسمية للولايات المتحدةالأمريكية بالأمم المتحدة إلى استقلال المغرب سنة 1953.