لم تمر الزيارة التي يقوم بها الملك محمد السادس إلى عدد من دول الخليج، ومشاركته في القمة المغربية الخليجية الأولى من نوعها، دون أن تثير ردودا في الجارة الشرقية الجزائر؛ حيث اعتبرت وسائل إعلام جزائرية أن دعم الدول الخليجية للمغرب في قضية الصحراء، "ضربة قوية" للجزائر التي لطالما شحذت الدعم الدولي لجبهة البوليساريو. ويبدو أن قضية الصحراء ودعم أطروحة الانفصال باتت أحد أبرز الأضلاع المؤطرة للعلاقات الخارجية للجزائر، فبعد أن عبر المسؤولون الجزائريون عن غضبهم من الموقف الفرنسي الداعم للمملكة، وتأكيده على جدية المقترح الذي تقدمت به بمنح حكم ذاتي للأقاليم الجنوبية، تلوح في الأفق بوادر أزمة دبلوماسية جديدة بين الجزائر ودول الخليج، خاصة المملكة العربية السعودية التي استضافت عاصمتها الرياض فعاليات القمة المغربية الخليجية. جريدة "الشروق" اعتبرت أن إعلان ملك السعودية، سلمان بن عبد العزيز، دعم بلاده للمغرب، ينذر بأزمة جديدة بينها وبين الجزائر، نتيجة تباين الرؤى بينهما بشأن الصحراء، ومسائل خلافية أخرى سابقة، كالملفين السوري واليمني، مما يدخل العلاقات الثنائية في "مرحلة ركود" جديدة. ينضاف ذلك إلى تصريح وزير الخارجية، رمطان لعمامرة، تجاه موقف باريس من النزاع، إذ خاطب نظيره الفرنسي خلال زيارته الأخيرة بأن "على فرنسا أن تلعب دورها لإيجاد حل للقضية التي عمرت أزيد من 40 سنة"، وتأكيده أن الحل لن يكون سوى تقرير المصير، باعتبار القضية الصحراوية قضية تصفية استعمار. وهاجم الإعلام الجزائري مجلس التعاون الخليجي؛ حيث تأسفت جريدة "الخبر"، عبر مقال رأي نشر في بوابتها الإلكترونية، على ما اعتبرته حلول المجلس محل الجامعة العربية، مشددة على أن ملكيات المنطقة تريد تحجيم دور الدول ذات النظام الجمهوري، كمصر والجزائر. المصدر ذاته قال: "منذ سنوات والسعودية تتحرش بالجزائر في مناسبات عديدة، منها البترول، ومنها الحج، ومنها المواقف من اليمن وسوريا والعراق، ولو كانت الجزائر دولة واقفة كما كانت من قبل لرمت حفنة تراب إيرانية في آلة مجلس التعاون الخليجي، هذا الذي أصبح يتعاون على الإخلال بالأمن في شمال إفريقيا، وليس الشرق الأوسط فقط". وصورت وسائل إعلام جزائرية أخرى علاقة المغرب مع دول الخليج على أنها تقوم، أساسا، على مواجهة "الربيع العربي"، حيث قال موقع "ألجيري باتريوتيك"، استنادا إلى ما وصفها بمصادره الخاصة، إن العلاقات القوية بين الطرفين ليست بالأمر الجديد، وإن وقوف هذه الدول إلى جانب المغرب يعود إلى 2011؛ حيث تم الإعلان عن حلف للملكيات العربية. وتابعت المصادر ذاتها أن قمة الرياض هدفت إلى تعزيز العلاقات العسكرية بين المغرب والخليج، خاصة في ما يتعلق بمواجهة إيران، في وقت تؤكد فيه تصريحات لمسؤولين جزائريين على قوة علاقات بلدهم بالدول الخليجية، على الرغم من دعم هذه الأخيرة للمغرب في قضية الصحراء.