تنامت الزيارات رفيعة المستوى التي يقوم بها في الآونة الأخيرة مسؤولون جزائريون إلى بلدان خليجية، وهو ما فسره مراقبون برغبة الجزائر في جذب الاستثمارات الخليجية إثر انخفاض سعر النفط من جهة، ورغبة الخليج في ابتعاد الجزائر عن تأثير السياسات الإيرانية من جهة أخرى. التحركات الجزائرية الأخيرة صوب بلدان الخليج العربي تشبه الذي يحاول اللعب بالبيض والحجر، وهي معادلة صعبة التحقق باعتبار مخاطر تكسير الحجر للبيض؛ حيث إن الجزائر تسعى إلى خطب ود الدول الخليجية في قضية الصحراء، على الرغم من معرفتها بالدعم الكبير لهذه البلدان للأطروحة المغربية. واختتم وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، مساء الأربعاء، جولة خليجية شملت الإمارات، وسلطنة عمان، وقطر، صرح عقبها بأن "هناك توافقا بين الجزائر وقطر وباقي دول مجلس التعاون الخليجي، من أجل تضافر الجهود لحل الأزمة في سوريا وليبيا، وباقي الأزمات التي تمزق المجتمعات العربية". جولة لعمامرة تزامنت مع زيارة رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال إلى السعودية، برفقة وفد ضم وزراء ورجال أعمال؛ حيث التقى سلال عددا من كبار المسؤولين السعوديين، في مقدمتهم الملك سلمان بن عبد العزيز، وتناولت المحادثات سبل دعم التعاون الثنائي في مجالات مختلفة. وظلت علاقات الجزائر ودول الخليج توصف بكونها عادية. فرغم الاختلاف الكبير في العديد من المواقف تجاه قضايا عربية راهنة، لاسيما الملفين السوري واليمني، وحتى النزاع على إقليم الصحراء المغربية؛ حيث تدعم الجزائر جبهة البوليساريو، إلا أن الجانبين حافظا على حبل ود يربطهما. ويرى جلال بوعاتي، صحافي جزائري متخصص في العلاقات الجزائرية الخليجية، في تصريحات نقلتها وكالة الأناضول، أن "الجزائر تأمل عبر إعادة توجيه بوصلة دبلوماسيتها تجاه منطقة الخليج العربي أن يبقى ذلك خارج إطار مواقفها من قضايا عربية، منها سوريا واليمن وحزب الله اللبناني". وتابع بوعاتي: "منذ سنوات تتخذ الجزائر قرارات تتباين مع مواقف دول الخليج، ومنها الخلاف بشأن عملية صنع القرار في جامعة الدول العربية؛ حيث تهيمن الكتلة الخليجية على هذه المنظمة الإقليمية"، مبرزا أن ""هناك نوعا من البراغماتية أصبحت تطبع تحركات الدبلوماسية الجزائرية". وعن توقيت التحرك الجزائري المكثف نحو دول الخليج العربي، قال بوعاتي إن هذا التحرك "سبقته رسالة واضحة من قادة دول الخليج في اجتماع منظمة الدول المصدرة للنفط في الجزائر، خلال شتنبر الماضي، بدعم المقترح الجزائري بخفض إنتاج النفط، وهو ما فهمت منه الجزائر أن منظمة التعاون الخليجي ستقف بجانبها في أزمتها الاقتصادية". وبينما تتحرك الجزائر نحو دول الخليج العربي، فإن المقابل، وفقا للصحافي الجزائري، هو "ابتعاد الجزائر عن نطاق تأثير السياسة الخارجية الإيرانية المناهضة لدول الخليج، وفي مقدمتها السعودية؛ لذا كانت الجزائر ترفض الانخراط في المواقف المتدخلة في الشؤون الداخلية للدول الأخرى". وخلال زيارته الأخيرة إلى السعودية، صرح رئيس الوزراء الجزائري بأن "الشعب الجزائري سيهب للدفاع عن البقاع المقدسة في المملكة في حال تعرضها لأي تهديد إرهابي"، وهو ما اعتبره مراقبون موقفا جزائريا صريحا ضد تهديد أمن المملكة، لاسيما من قبل صواريخ جماعة الحوثي، المحسوبة على إيران.