قال الباحث الأرجنتيني المتخصص في العلوم السياسية، أدالبيرتو كارلوس أغوزينو،بأن القمة المغربية الخليجية، شكّلت دليلا جديدا يعكس عراقة الروابط التي تجمع المملكة المغربية مع بلدان الخليج. وقال أغوزينو، في مقال بعنوان "قمة المغرب ومجلس التعاون الخليجي"، إن "هذه القمة، الأولى من نوعها، تعكس التوجه الذي اختارته الدبلوماسية المغربية لتعزيز انتمائها لفضاءات التعاون العربي الإسلامي ترسيخا للحوار جنوب جنوب مع الانفتاح على علاقات وتحالفات جديدة". وفي شهادة أخرى، قال جاك لانغ، رئيس معهد العالم العربي بباريس، إن خطاب الملك محمد السادس خلال القمة المغربية الخليجية، يشكل رسالة قوية وواضحة وصارمة، تنبني على رؤية واقعية للعالم. وأضاف جاك لانغ في تصريح نقلته وكالة المغرب العربي للأنباء أنه يشاطر تماما ما جاء على لسان الملك محمد السادس الذي أدان العنف والتعصب وموجات النزوح والمآسي الإنسانية التي تعيش منطقة المشرق على وقعها. وأشار إلى أن هذه القمة غير المسبوقة جمعت بلدانا تتقاسم نفس القيم والتوجهات المؤسسة للسلم والاستقرار في العالم، والتي تواجه نفس التهديدات خاصة في المجال الأمني. وزاد من أهمية القمة الخليجية المغربية أنها جاءت متزامنة مع القمة الخليجية الأميركية في سياق اعتبرته مصادر دبلوماسية عربية مفصليا في إطار العمل على التأسيس لنظام عربي جديد مجال اهتمامه بعيد المدى ويغطي كامل المساحة الجغرافية الممتدة من المحيط إلى الخليج. وتجسّدت هذه الرسالة من خلال الموقف من ملف الصحراء المغربية، حيث ذكّرت هذه المصادر بما أورده البيان الختامي للقمة من تجديد قادة الدول الخليجية لموقفهم المبدئي من أنَّ قضية الصحراء المغربية هي أيضا قضية دول مجلس التعاون الخليجي، ومساندتهم لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب كأساس لأي حل لهذا النزاع الإقليمي المفتعل. ورأت المصادر الدبلوماسية في هذا الموقف ردا حازما على الموقف التقليدي الجزائري وعلى الحديث الذي أعلنه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. وبالمثل، اعتبر مراقبون لشؤون المغرب أن الموقف الخليجي جاء داعما للرباط ضد بان كي مون، الذي وصف في تصريحاته مؤخرا الصحراء المغربية ب"المحتلة"، ما أثار غضب الحكومة المغربية، وعبّر عن تطوّر مزعج في موقف الأممالمتحدة من القضية، المستمرة منذ أكثر من أربعين سنة. تحالف بنيوي رغم أن المغرب قدّم في العام 2007 مبادرة مقترح الحكم الذاتي لحل هذا النزاع، ورغم التأييد الدولي العريض لهذه المبادرة، إلا أن الأطراف المعنية بالصراع، وعلى رأسها الجزائر، لم تقدّم أي تفاعل إيجابي معها، بما يدعو البعض إلى القول إن في ذلك تعمّدا وغاية مقصودة لتوريط المغرب. ورأت أوساط متابعة أن الموقف الخليجي يعزّز من موقع المغرب في مواجهة الجزائر في المشهد الدبلوماسي العربي، كما يدعم المغرب اقتصاديا وسياسيا ويضعه ضمن تحالف بنيوي مع دول مجلس التعاون الخليجي، ليكون قادرا على "الدفاع عن أمن البلدان واستقرارها، ورفض أي محاولة تستهدف زعزعة الأمن، ونشر نزعة الانفصال والتفرقة لإعادة رسم خارطة الدول أو تقسيمها بما يهدد الأمن والسلم الإقليمي والدولي"، وفق البيان الختامي للقمة. ويضيف مراقبون لشؤون العلاقة بين السعودية والجزائر، أن الرياض تقود موقفا خليجيا واضحا ضد الجزائر من خلال تعزيز التقارب مع المغرب، وذلك ردا على مواقف الجزائر في ملفات ساخنة كملف العلاقة مع إيران والموقف من حزب الله، أو ملف الأزمة السورية أو مقاربة الشأن اليمني والموقف من عاصفة الحزم في اليمن. وتعتبر مواقف الجزائر ملتبسة ومتحفّظة، وهي أقرب إلى العداء مع الموقف السعودي. ويذكر أن السعودية كانت قد قامت في عدة مرات سابقة بتمويل عمليات شراء أسلحة لصالح المغرب بغرض الحفاظ على توازن استراتيجي عسكري بين المغرب والجزائر. ومن جهته يعمل المغرب على تطوير علاقاته الاقتصادية مع دول الخليج بغية زيادة الاستثمارات الخليجية في المغرب التي تمثّل حاليا 16 بالمئة من إجمالي الاستثمارات الأجنبية، وتسهيل فتح الأسواق الخليجية أمام العمالة المغربية. مصالح مشتركة تتحدث الأرقام عن أن حجم الميزان التجاري بين المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي قد بلغ حوالي 3 مليارات دولار عام 2014، وهو ما يمثل أقل من 5 بالمئة فقط من إجمالي التجارة الخارجية للمغرب. وتقول الأرقام أيضا إنه في العام نفسه بلغت قيمة الهبات والمنح المالية من دول الخليج إلى المغرب نحو 4 مليارات دولار. ويرى الاقتصاديون أن ذلك مؤشّر على وجوب أن تعتمد الشراكة الاستراتيجية على تدفق الاستثمارات الخليجية إلى المغرب، ذلك أن التبادل التجاري لا يكفي لتثمير علاقة اقتصادية ناجعة. لكن، وبغضّ النظر عن الجانب الاقتصادي للعلاقة الخليجية المغربية، يرى مصدر دبلوماسي سعودي أنه يجب وضع الأمر في إطار ما ترسمه الرياض لسياستها الخارجية الجديدة والتي تمثّل عاصفة الحزم أبرز تجلياتها. ويعتبر هذا المصدر أن للسعودية مصلحة مباشرة في تعزيز التحالف مع المغرب بمنطقة شمال أفريقيا، لا سيما أن نظام المغرب الملكي متّسق مع أنظمة الحكم في الخليج، وسبق أن أثيرت داخل دول مجلس التعاون مسألة ضم المغرب إلى داخل المجلس، ناهيك عن أن العلاقة التاريخية كانت ممتازة في أجواء الحرب الباردة كما في ظروف الصراع الإقليمي بين الجمهوريات والملكيات. ويرى نفس المصدر أن المغرب يمتلك كفاءات أمنية عسكرية لرفد الجهد السعودي وإقامة تحالف سياسي عسكري إسلامي ضد التمدد الإيراني في المنطقة، ناهيك عن أنه كان للمغرب نفسه موقف متقدم وسباق في قطع العلاقات مع إيران في العام 2009 تضامنا مع البحرين قبل أن تستأنف العام الماضي.