بعد زيارة قادته إلى روسيا، استحوذ الجانب الاقتصادي على حيز كبير منها، ينتظر أن يقوم الملك محمد السادس بزيارة رسمية إلى الصين، من أجل تنويع شراكات المغرب على المستوى السياسي والاقتصادي والإستراتيجي، وذلك خلال الأيام القليلة المقبلة. زيارة العاهل المغربي إلى أقوى فاعل اقتصادي في القارة الآسيوية ينتظر أن تعرف توقيع عدد من اتفاقيات التعاون الاقتصادي بين المغرب والصين، في وقت تشير عدد من الدارسات الاقتصادية إلى أن المبادلات التجارية المغربية الآسيوية بشكل عام، والصينية على وجه الخصوص، تبقى هزيلة بالمقارنة مع المبادلات مع الدول الأوروبية. الإعلان عن هذه الزيارة جاء في خطاب الملك محمد السادس في فعاليات القمة المغربية الخليجية، مؤكدا أنه رغم حرص المغرب على الحفاظ على علاقاته الإستراتيجية مع حلفائه، توجه في الأشهر الأخيرة نحو تنويع شراكاته، سواء على المستوى السياسي أو الإستراتيجي أو الاقتصادي، مضيفا: "وفي هذا الإطار، تندرج زيارتنا الناجحة إلى روسيا خلال الشهر الماضي، والتي تميزت بالارتقاء بعلاقاتنا إلى شراكة إستراتيجية معمقة، والتوقيع على اتفاقيات مهيكلة في العديد من المجالات الحيوية. كما نتوجه إلى إطلاق شراكات إستراتيجية مع كل من الهند وجمهورية الصين الشعبية، التي سنقوم قريبا، إن شاء الله، بزيارة رسمية إليها". ناصر عياد، الخبير المغربي في قطاع الاتصالات، والذي درس في الصين لعدة سنوات، رصد واقع العلاقات المغربية الصينية والتحديات التي تواجهها، وشدد على أنه عدا شركة صينية واحدة بالمغرب متخصصة في الاتصالات، لم تنجح عدد من الشركات الصينية في تطوير استثماراتها بالمغرب، رغم أن عددا منها تستثمر بشكل كبير في الأشغال الكبرى والتنقيب والبترول والاتصالات في دول أخرى. وأكد ناصر عياد، في تصريح لهسبريس، أن عددا من الشركات الصينية فشلت في الاستثمار في المملكة، ولم تجن سوى الخسارة، في حين يبقى المشكل الرئيس في هذا المجال هو اللغة، إذ إن أغلب المستثمرين الصينيين لا يتحدثون إلا لغتهم الأم، أو اللغة الإنجليزية، في حين أن اللغة المتداولة في المغرب على الصعيد الاقتصادي هي الفرنسية، وهي لغة لا يتقنها جل الصينيين، مضيفا أن هذه المسألة تعطل حتى الاستثمارات الأمريكية. في مقابل ذلك، يرى عياد أن التواجد المغربي في الصين يقتصر فقط على التجارة، مع غياب للاستثمار في صناعة مغربية، رغم أن عددا من الشركات الأمريكية والأوروبية تلجأ إلى هذا البلد من أجل البحث عن فرص استثمارية جديدة. "التجار المغاربة والصينيون لا يساهمون في تطوير الصناعات المتبادلة بين البلدين"، يقول الخبير في مجال الاتصالات، مضيفا أن التجار المغاربة يبحثون عن السلع الرديئة في الصين، ويقومون بجلبها إلى المملكة، محملا مسؤولية ذلك لإدارة الجمارك، ومطالبا إياها بتحمل المسؤولية وفرض معايير محددة لهذه السلع، على غرار ما تقوم به دولة الإماراتالمتحدة، التي تفرض شروطا صارمة على دخول السلع الصينية. وفي وقت ركز على أهمية الاستثمار في العنصر البشري بالمغرب، وفتح الباب أمام الشركات الصينية، وكذا وضع حد للإجراءات الإدارية المعقدة التي تقف أمام الاستثمار، شدد ناصر عياد على أن اليد العاملة المغربية تبقى أرخص من نظيرتها في الصين، مستشهدا في ذلك بالأشغال الكبرى التي يتقاضى فيها العمال الصينيون ضعف ما يحصل عليه العمال بالمملكة. ويؤكد عياد أن العلاقات الاقتصادية المغربية الصينية لم تتطور بالشكل المطلوب؛ فيما شدد على أن من بين أكثر المجالات التي يمكن أن تستثمر فيها الشركات المغربية هي قطاع الأبناك، خاصة مع مراكمتها تجربة ناجحة في عدد من الدول الإفريقية، ما يفتح الباب أمام نجاحها بالصين.