تحت عنوان "الثابت والمتحول في ثقافة الرأسمال المادي واللامادي"، نظمت جمعية سكان وتجار رينشهاوسن للتنمية البشرية مع جمعية عين اقطيوط للقراءة والتربية، مساء السبت، حفلا بمناسبة الذكرى المئوية لمعلمة بناية "رينشهاوسن" ذات الجذور البروسية الجرمانية الدالة على التنوع الثقافي لمدينة طنجة، وذلك بفضاء البناية نفسها. وفي هذا السياق، قال ربيع الخمليشي، رئيس مرصد البيئة وحماية المآثر التاريخية، إن "التوليفة الناجحة في الدول المتقدمة في ما يخص المآثر هي ربط الموروث الحضاري بأدواره التاريخية، دون أن تكون هناك ضرورة لأن تتحول كلها إلى متاحف، مثلا، شرط الحفاظ على روحها وطرازها وأدوارها. وأضاف الخمليشي أن عقار "رينشهاوسن" في ملك الأجانب، لكن المسؤولية ملقاة على الجماعة الحضرية للمدينة، معتبرا أن التراث اللامادي "أغلى وأثمن من أي مقاربة اقتصادية ربحية محضة، وأن المعلمة المذكورة تتميز بوجود فئة حاملة لهمّ الحفاظ عليها والترافع من أجلها". من جهته اعتبر المؤرخ رشيد تفرسيتي أنه رغم وجود بناية "رينشهاوسن" خارج أسوار المدينة القديمة، فإنها تعتبر معلمة وتراثا في حالة نادرة تتميز بها طنجة، بحيث تتواجد عدد من المعالم التاريخية خارج أسوار المدينة العتيقة، مضيفا أن جمعية البوغاز التي يرأسها دافعت في التسعينيات عن البناية ووقفت في وجه مخطط كان يهدف إلى هدمها بالكامل. وعن تصنيف تراث المدينة، قال المتحدث إن عدد المواقع والبنايات المصنفة كان سنة 1992 ستة وعشرين موقعا، قبل أن ينتقل العدد إلى 46 بزيادة 20 موقعا كلها مصنفة تراثا وطنيا، وعلى رأسها معلمة "رينشهاوسن". عبد الرزاق بنعطية، أستاذ بالمعهد العالي الدولي للسياحة بطنجة، اعتبر أن التراث يرتبط بالهوية، وأن هوية طنجة هي هوية مختلطة ترتبط بعدد من الشخصيات التي تركت بصماتها على المدينة أكثر مما تظهر في المعمار الذي هو خليط غني أيضا، حيث مرت عدد من الثقافات بالمدينة وتركت بصماتها كالإنجليز، الإسبان، الفرنسيين، الألمان.. وغيرهم. وأوضح بنعطية أن مآثر طنجة تحتاج لإعادة الاكتشاف، لأن التراث موجود فعلا لكن المشكلة أن الناس يعيشون بجانبه ولا يعلمون عنه شيئا، خصوصا الموجود داخل أسوار المدينة العتيقة، مضيفا أن التراث ينبغي أن يعرض في جوّ به نوع من التنشيط كالإضاءة، والقيام بزيارات ليلية ذات طابع مختلف. واعتبر حبّوش العياشي، أستاذ الأدب الإنجليزي، أن طنجة ظلت على الدوام موقعا خطابيا لتمثّلات الأنا والآخر، من خلال تناولها في الكتابات التاريخية، والكتابات الثقافية، والأرشيفات السينمائية، والأوراق النقدية، وفي السينما الغربية. وضرب حبّوش أمثلة لريادة طنجة عالميا من خلال مثال لسيدة طنجاوية تدعى نجاة أبورك، والتي قامت سنة 1862 بعروض أكروبات في أمريكا، معتبرا أن طنجة لم تكن فقط موضوعا للتمثّل بل منطلقا جغرافيا لمغاربة العالم منذ بداية عصر النهضة.