لم تكن حصيلة زيارة الوزير الأوّل الفرنسي، مانويل فالس، إلى الجزائر بحجم الخطابات التي تم ترويجها من قبل المسؤولين الجزائريين، وحتى وزير الخارجية الفرنسي الذي سبق فالس إلى الجزائر قبل أيام، ودعا إلى شراكة أقوى بين البلدين، خاصة على المستوى الاقتصادي، بعد أن تراجعت فرنسا إلى المركز الثاني كأفضل شريك للجارة الشرقية، لصالح الصين، التي أصبحت تسيطر شركاتها على عدد كبير من القطاعات الإنتاجية في البلاد. زيارة فالس سبقها جدل كبير، بعد قرار عدد من وسائل الإعلام الفرنسية عدم تغطية أنشطتها، بسبب حرمان صحافيي جريدة "لوموند" من تأشيرة الدخول إلى الجزائر، في حين كان رد مانويل فالس على ذلك بتغريدة نشرها في حسابه الرسمي على "تويتر"، أكد فيها أنه سيطرح الموضوع مع المسؤولين الجزائريين. المسؤولون الجزائريون حاولوا خلال الزيارة التي امتدت يومين أن يرسموا "صورة وردية" عن الشراكة الاقتصادية بين البلدين، إذ تحدث الوزير الأول الجزائري، عبد المالك سلال، عن توقيع 26 اتفاقية في مجالات الأشغال العمومية، والعدل، وكذا الصحة والتعليم، بالإضافة إلى 12 اتفاقا للشراكة بين مقاولات البلدين. أبرز الاتفاقيات التي كان من المنتظر أن توقع خلال الزيارة هي اتفاقية حول إنشاء مصنع للسيارات للشركة الفرنسية "بوجو سيتروين" في الجزائر، لكن الطرفين فشلا في الوصول إلى اتفاق بشأن الأرباح، إذ أعلن وزير الصناعة والمناجم الجزائري، عبد السلام بوشوارب، تأجيل توقيع الاتفاقية الخاصة بالمصنع؛ في حين لم يخبر بأي تاريخ من أجل هذا التوقيع، وهذا ما جعل صحيفة الوطن الجزائرية تتحدث عن أن الموقف الفرنسي من قضية الصحراء كان وراء ذلك، خاصة مع تصريحات المسؤولين الجزائريين غير الراضية على المواقف الفرنسية. ولم تتردد وسائل إعلام جزائرية في وصف الاتفاقيات الموقعة بين البلدين بأنها تنطوي على استثمارات هامشية، ولا تمثل أي بعد إستراتيجي، ذلك أنه في وقت تم إلغاء العقد الخاص بإنشاء وحدة لتجميع السيارات لشركة "بيجو ستروين"، أشرف كل من فالس وسلال على قَص شريط مصنع تابع لشركة "لوسيور" لإنتاج "المايونيز"، وهو ما أثار سخرية عدد من الخبراء الاقتصاديين الجزائريين. الحصيلة الاقتصادية الهزيلة للزيارة جعلت وسائل إعلام قريبة من قصر المرادية تعلق شماعة الفشل على الوزير الأول الفرنسي، إذ لم تتوان في الهجوم عليه، ووصفته ب"المرتبك"، خاصة خلال إبرازه موقف بلاده من قضية الصحراء ودعمها للمغرب، على عكس ما تهدف إليه الجزائر، التي تدعم جبهة البوليساريو منذ أكثر من أربعين سنة. واعتبرت المصادر ذاتها أن زيارة فالس إلى الجزائر كشفت خطابين متناقضين، الأول موجه للاستهلاك المحلي الفرنسي، على حد تعبيرها، أما الثاني موجه للسلطات الجزائرية الغاضبة من الكيفية التي تعاطت بها أوساط إعلامية فرنسية مع ورود أسماء مسؤولين جزائريين في تسريبات "بنما بايبرز".