في غمرة احتفال المعمور باليوم العالمي للصحة كمناسبة لتسليط الأضواء على مجال يثير القلق ويحظى بالأولوية في سلّم منظمة الصحة العالمية؛ لازالت مدينة مراكش تعاني من غياب مستشفيات محلية ومستشفى جهوي، وغياب تأهيل المستشفيات الإقليمية داخل مدن الجهة. مقاطعة سيدي يوسف بن علي (سيبع)، التابعة للمجال الترابي للمدينة الحمراء، تعاني من الهشاشة الاجتماعية، وتعرف كثافة سكانية مرتفعة (حوالي 350 ألف نسمة تقريبا)، لكنها تفتقر إلى مستشفى محلي يضم تخصصات بعينها وقسما للمستعجلات، رغم أنه تمت المصادقة على صفقة إنشائه منذ عقدين، دون أن يرى النور إلى حد الآن. إبراهيم الخدوي، فاعل جمعوي من المقاطعة، وعضو الجمعية المغربية لحماية المال العام، أوضح لهسبريس أن المستشفى المذكور برمج في إطار المخطط التنموي لبلدية سيدي يوسف بن علي سنة 1997، لتأهيل البنيات التحتية للمنطقة في كافة المجالات، مضيفا أنه رصدت له ميزانية بإعانة من الجمهورية الصينية، في إطار ميزانية التجهيز الخاصة بوزارة الصحة، التي قامت بتسييج العقار الذي من المفترض أن يبنى عليه. لكن وحدة المدينة، يقول المتحدث ذاته، "كانت نذير شؤم على السكان، لأن بناء المستشفى المحلي أقبر"، متسائلا عن سبب عدم إنجاز المشروع رغم مرور ما يقارب عقدين من الزمن، وتوفر ميزانية مرصودة لذلك، ومشيرا إلى أن تخوف القائمين على الشأن العام من بناء المشفى كان بسبب "عجزهم عن توفير الأطر الطبية"؛ كما حذر من الإجهاز على الصفقة وتفويت العقار للمتربصين به. وذكر الخدوي بكون الموضوع فرض نفسه بقوة على جدول أعمال محمد مهيدية، الوالي السابق لجهة مراكش تانسيفت سنة 2011، بمناسبة احتجاجات حركة 20 فبراير، إذ عقد لقاء مع جمعيات المجتمع المدني من مقاطعة سيدي يوسف بن علي، واعدا إياهم بالتدخل لدى وزيرة الصحة حينها. "التأخر في إنجاز المستشفى المحلي السابق ذكره حول بقعته المسيجة إلى وكر للمتسكعين والمتشردين"، يقول رشيد بورزيق، رئيس جمعية "إصغاء"، مشيرا إلى أن المكان "أضحى عبارة عن نقطة سوداء بيئيا، إذ أضحى مجالا لتراكم الأزبال والأتربة، ويهدد أمن وسلامة المارة"، ومضيفا أن مواطنين عدة تعرضوا للاعتداء بالقرب من المكان نفسه. هشام نجمي، مدير المركز الاستشفائي محمد السادس، أكد من جهته الحاجة إلى مراكز استشفائية محلية وجهوية، "لأن غيابها جعل المستشفى الجامعي يعيش إكراهات عدة، ويعاني ضغطا كبيرا تثبته لغة الأرقام، التي تشير إلى أن أكثر من 450 ألف مواطن يتوافدون سنويا عليه"، حسب تعبيره. وأوضح المسؤول الأول عن المؤسسة ذاتها، التي تقدم الخدمات الصحية لساكنة الجنوب من مراكش إلى الداخلة، أن "هذا الوضع يعرقل أداء المركز الجامعي لدوره المتمثل في التكوين والبحث العلمي ومعالجة الأمراض من الدرجة الثالثة"، مضيفا: "لذا وجب إحداث مستشفيات محلية وتأهيل الإقليمية منها بجهة مراكش أسفي، بشريا ومن حيث المعدات والتدبير الإداري". وتعليقا على تأخر بناء المستشفى المحلي بمقاطعة سيدي يوسف بن علي، أكد عمر صباني، المدير الإقليمي لوزارة الصحة بعاصمة النخيل، لهسبريس، أن "المشروع لازال قائما كمؤسسة صحية تضم 45 سريرا، وتخصصات منها الطب العام والجراحة العامة ومصلحة الولادة وطب الأطفال، إلى جانب قسم للمستعجلات". واسترسل الطبيب ذاته بأن المستشفى المحلي المذكور يخضع للدراسة، مضيفا: "ننتظر الاعتماد المالي لإعلان انطلاقه"، وموردا أن "عمالة مراكش يفوق تعداد سكانها مليون و300 ألف نسمة، يضاف إليهم العدد الكبير من السائحين الداخليين والأجانب الذين يزورون المدينة الحمراء، إلى جانب مئات المرضى من أحوازها". "كل هذا جعل الوزارة الوصية على القطاع تعمل على برمجت مؤسسات صحية داخل المقاطعات، وتعمل على تأهيل المستشفيات الإقليمية وتدبير مواردها البشرية بشكل عقلاني، حتى توفر خدمات صحية ذات جودة للمواطنين، وتخفف الضغط على المستشفى الجامعي"، يقول المسؤول الأول عن الصحة بالإقليم.