يحتفل العالم باليوم العالمي للمسرح في 27 مارس من كل عام. وهو مناسبة لتركيز الاهتمام على المسرح بكل أنواعه، هذا الفن الذي شكل عبر قرون طويلة مصدر متعة فائقة للشعوب المختلفة، كما مثل نافذة مشرعة على الثقافات والحضارات المتباينة، وقناة تواصل رمزية تتبادل من خلالها الشعوب خبراتها ورؤاها للعالم وللإنسان. كانت بداية فكرة الاحتفال باليوم العالمي للمسرح العام 1961 أثناء المؤتمر العالمي التاسع للمعهد الدولي للمسرح بمدينة "فيينا". وقد كلف "المركز الفنلندي" التابع للمعهد في العام 1962 بتحديد يوم عالمي للمسرح هو 27 مارس من كل عام. وبات من التقاليد الثقافية أن تكلف فى كل عام مسرحيا مميزا لكتابة رسالة اليوم العالمى للمسرح، الذي يصادف 27 من مارس من كل عام كما أسلفنا، وعادة ما تلقى كلمة اليوم العالمي للمسرح من مقر منظمة اليونسكو في باريس، ويتم ترجمتها إلى أكثر من 20 لغة، وتقرأ في آلاف القاعات المسرحية حول العالم. ومن بين من كتبوا رسالة اليوم العالمى للمسرح (آرثر ميلر، لورنس أوليفيه، بيتر بروك، مارتن أصلان، سعد الله ونوس، فتحية العسال التي كتبت رسالة بمناسبة اليوم العالمي للمسرح عام 2004، بعنوان: «المسرح أب الفنون» ...لقد آمنت بأن "أهم ما يميز الكاتب المسرحي هو امتلاء روحه برسالة إنسانية سامية ينشرها بين الناس من أجل الارتقاء بحياتهم وتحريرهم من كل عوامل القهر والاستغلال وانتهاك الكرامات. وأضافت "إنني أؤمن أخيراً، أن المسرح هو الضوء الذي ينير للإنسان الطريق. ويؤمن التواصل مع المشاهد. التواصل الذي يولد الدفء بيننا سواء كنا أمام النص المسرحي أو أمام خشبة المسرح". كما عُهِد شرف إلقاء رسالة السنة الماضية إلى المخرج البولندي كريستوف ورليكوفسكي (من مواليد 1962) الذي يعتبر من أبرز المخرجين الأوروبيين في جيله، والمدير الفني للمسرح الجديد بمدينة وارسو، وهو حاصل على العديد من الجوائز العالمية المرموقة. يشير في رسالته إلى العاملين في المسرح من كتّاب ومخرجين وجمهور بقوله إلى … »أن جهابذة الفنون المسرحية الحقيقيين ينبغي أن ننقب عنهم بعيدا عن خشبة المسرح، إنّهم دائمو البحث عن منابعه ومواضيعه وتياراته خارج أسوار أو قاعات التمثيل… « أما هذه السنة فقد كان نصيب كتابة كلمة اليوم العالمي للمسرح للمسرحي الروسى أناتولى فاسيليف، وترجمها إلى العربية الدكتور يوسف عيدابى من السودان. إن أهمية هذه الرسائل تتمثل في أنها تختزل خبرات متراكمة في كل التجارب المسرحية عبر مختلف بقاع الأرض، كما أنها تشير إلى الاتجاه الأمثل من أجل تطوير التجربة المسرحية وخدمة الكائن البشري، ولا شك أن أجيال المسرحيين القادمة ستستفيد من هذه الرسائل لتكون خارطة طريق بالنسبة لها، لتحسين وتجويد العمل المسرحي والرقي به. لنعد إلى هذا الفن في بلدنا يقول الأستاذ محمد أديب السلاوي أن " المسرح كطقس احتفالي، كان وما زال فطرة راسخة عند الشعب المغربي، وشكلا من أشكال وعيه وشعوره" فالمسرح في مفهومه الواسع هو سلسلة من الأشكال الفرجوية التي عرفها المجتمع المغربي حيث تجدرت عبر تاريخه وفي تراثه الشفاهي" (المسرح المغربي جدلية التأسيس ، محمد أديب السلاوي، ص: 24 ) فكانت فرجاته الشعبية حيث يبدع الفنان من خلالها الحكايات والأسطورة والرقص والأغنية، وهي أشكال ما قبل المسرحية ك"الحلقة"وهي فرجة شعبية منفتحة في تواصلها مع الجمهور و" البساط" و البسط في الدارجة المغربية يعني الانشراح، والبساط هو تمثيل مرح يعتمد على الحوار وسيدي الكتفي الذي يعتمد على تشخيص القضايا ذات العلاقة بالطرق الصوفية وزواياها، و"سلطان الطلبة" وهو مسرح مرتبط بطلبة جامعة القرويين، وبوجلود وهو مهرج مسرحي، ومختلف الرقصات الشعبية كأحواش وأحيدوس وغيرها هذه الأشكال الفرجائية تمارس في فضاءات المدن والقرى . ومن جهة أخرى فهذه الطقوس الفرجوية تعد المنابع الأولى لظهور المسرح المغربي الذي شهد تطورا مهما على يد مجموعة من رموزه ومبدعيه عبر التاريخ الذين استفادوا من التكوين والاحتكاك مع التجارب الأجنبية. وبخصوص المسرح الأمازيغي فقد عرف عدة تغيرات منذ أن نشأ في عهد الرومان إلى الآن، عرف الأمازيغ الظواهر المسرحية التقليدية إلا أنها تعرضت للتقويض في مرحلة الاستعمار ليتقنن بعدها، وهذا ما تدل عليه البنايات المسرحية والأعمال القديمة التي لازالت شاهدة إلى اليوم، وفي مرحلة الستينات والسبعينات حاول مجموعة من الباحثين الأمازيغ العودة إلى ذلك التراث لإحيائه لتأتي بعد ذلك فترة التسعينات وما بعدها لنرى بعض بواعث التجديد تأليفا وتمثيلا وإخراجا. إن الإرهاصات الأولى للمسرح الأمازيغي هي تلك الأشكال الاحتفالية، التي كانت تقام في المناسبات التي عرفها الأمازيغ منذ عصور مضت. فمثلا في الأطلس المتوسط عرف هذا الفن في الأسواق الأسبوعية وهي عبارة عن تجمع دائري بإحدى الساحات العمومية يقف فيها الشاعر "أمْدْيَازْ" - ومساعده وسط الناس، يقصان على الجمهور بالتناوب قصص البطولات والأساطير وقد يصل تجاوبه المستمر مع الجمهور إلى اتساع الدائرة لحظة بعد أخرى، ويقف جموع غفير من الرجال والنساء والأطفال والشيوخ، يركزون انتباههم حول حكايات الراوي/الممثل.../ المؤلف عن أولائك الأبطال الذين يحاربون باستمرار لإثبات حضورهم.كما يختلط على جدارية الحكايا السردية الإنسان والحيوان... ثم هناك فرقة "بوغانيم" بالأطلس المتوسط نسبة إلى رئيس المجموعة كمظهر من مظاهر الفرجة. وتتضح الرؤية، إذا أمعنا النظر في مظاهر فرجوية أمازيغية أخرى يمكن أن نعتبرها البداية الحقيقية لمسرح تلقائي متجذر في الحضارة المغربية، ونعني بذلك المسرح الطقوسي الذي يستمد تقاليده وإيقاعاته من الجسد المغربي عبر احتفالاته الدينية والشعبية، والذي تجسدت معالمه في تظاهرات فرجوية تقوم على الحكي والسرد واللعب، وتعتمد وسائل تعبيرية مثل الإيماء، والرقص والحركة وهذه التظاهرات يمكن أن نسميها بالأشكال الما- قبل المسرحية. إن المتأمل في مظاهر الفرجة الأمازيغية، التي رسخت في وجدان الإنسان المغربي عبر تاريخه يقتنع بأن ثمة مظاهر مسرحية لا يتسع المجال لذكرها في حاجة إلى التنقيب والبحث. بل إن ما تزخر به الحياة اليومية من تقاليد وفنون وحركة وإبداع تشكل بشكل أو بآخر، فرجة تساهم في إثراء موروثنا الوطني الغني. فمثلا فضاء الفرجة المكاني لأحواش يتمثل في "أسايس" أي المرقص، وهو مكان منبسط يتم اختياره وسط القرية وأن مظاهر إعداد المكان الذي سيقام فيه أحواش من تنظيم جلوس الجمهور على شكل دائري وإعداد ما يلزم من وسائل وتدابير تنظيمه مما يدل على إعداد للفرجة الفنية. وتعد مجموعة " إيهيَّاضْن " مسرحا متحركا، و"إيهيَّاضْن" هي فرقة فنية، تضم شبانا متمرسين في الغناء والرقص والألعاب الرياضية تتجول في القبائل والمناطق المتباعدة من سوس على مدار السنة، تحت نظر مقدمها، الذي له سلطة مطلقة على أعضاء الفرقة وكلمته نافذة فيهم، يشرف على تنظيم الحفلات الاستعراضية التي يقدمونها، وينسق بين مختلف الألعاب الرياضية التي يقومون بها. وتقوم هذه الفرقة بعروض فرجوية فكاهية بالإضافة إلى الأقاصيص والأخبار والحكايات مما تحفل به ذاكرة مجتمع سوس. وإضافة إلى فرق إصوابن هناك عروض باقشيش أوبيلماون. وبخصوص منطقة الريف فقد عرف سكان هذه المنطقة منذ القديم بعض الظواهر المسرحية ك " باشيخ /أقلَّوزْ/ شارح مدجاح/ ثاسريش أنونزار (عروس المطر) طقوس حفلة العرس. (مدخل لدراسة أشكال الأدب الأمازيغي بالريف، عبد الله شريق.ص 64 ). من خلال هذا الوصف السريع والمتواضع للجانب الأدائي (أداء) في بعض الفنون الشعبية، يتضح لنا جليا أنها مسرحا في مفهومه الفرجوي، إضافة إلى ارتباطه بالإطار البيئي الخاص، فهو عالم كامل من المدلولات الثقافية الفطرية التي مازالت تمارس على شكلها الطبيعي رغم تعاقب الأزمان عليها. تقول الأستاذة نوال بنبرايهم " أصبح المسرح الناطق باللغة الأمازيغية واقعا ملحوظا وتجربة متطورة رغم مسيرته التاريخية القصيرة التي لم تتجاوز عقدا زمنيا بإيعاز من الحركة الثقافية الأمازيغية التي اتخذت المسرح كوسيلة للتوعية. ( نوال ببراهيم، "المسرح الأمازيغي بين الكائن والممكن"، مداخلة في ندوة (المسرح الأمازيغي: في الجذور والممارسة)، يوم 16 أبريل 2008، المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية. ص: 47) . ومع بداية التسعينيات من القرن الماضي ظهرت تباشير أولى لميلاد فن (المسرح) الأمازيغي، حيث تجمعت أسباب وعوامل أسهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في ظهور هذا الجنس الأدبي، وقد تضافرت مجموعة من الأسباب الثقافية والإجتماعية للإحتفاء بهذا الفن العريق، الذي أكد بأن اللغة الأمازيغية لغة خلق وإبداع وبمقدورها أن تطرق باب جميع الأجناس الإبداعية، وأن تخلق لنفسها نصوصا في جميع مجالات الخطاب الأدبي والفني، فقد لاقت العروض المسرحية الأولى إقبالا جماهيريا مهما واحتفاءا بالغا من لدن مختلف الشرائح الإجتماعية، وهذه الظروف ساعدت في ظرف وجيز على ضرورة تكاثف الجهود لخلق مسرح أمازيغي وإرساء الطقوس والتقاليد المسرحية. ومع تنامي الوعي بالثقافة واللغة الأمازيغيتين كعنصرين مهمين من مكونات الثقافة والشخصية المغربية، تأسست أول جمعية ثقافية اهتمت بالمسرح الأمازيغي في سنة 1967 وهي جمعية البحث والتبادل الثقافي التي حاولت لفت الإنتباه إلى التراث الشعبي الأمازيغي. وقد دعت هذه الجمعية في أكثر من مناسبة إلى الاهتمام بالتراث الأمازيغي. ولعبت الجمعيات الثقافية الأمازيغية دورا أساسيا في تنشيط المجال المسرحي وتفعيله، كما أن الظروف التاريخية والثقافية والإجتماعية التي ولد فيها المسرح الأمازيغي كانت عاملا أساسيا في خلق جمهور متحمس وعريض لاستقبال هذا الفن. ومنذ أواخر السبعينات من القرن الماضي برزت إلى الوجود جمعيات أخرى دأبت على تنظيم المهرجانات واللقاءات المختلفة وساعد على ظهور هذا الفن بعض الجرائد والمجلات التي فتحت صفحاتها لبعض الأقلام التي تهتم بهذا الجنس الأدبي، كمجلتي أمود وتفاوت وجريدتي أكراو أمازيغ وتسافوت. وشكلت المهرجانات الوطنية أحد أبرز المحطات التي أسهمت في بلورة المسرح الأمازيغي الذي بدأت معالمه تطفو على السطح منذ الثمانينات. غير أن أول مسرحية أمازيغية كانت تلك التي قدمت في أوائل التسعينيات في الريف بفضل الفنان الرائد في هذا الميدان فؤاد أزروال بحيث قدم مسرحية "أزوغ ذ- ثايوث" "ابحث في الضباب" في شتنبر 1991 وهي من تأليف وإخراج الأستاذ فؤاد أزروال كما شخصها الأستاذ أحمد زاهد، وقد لقيت هذه المسرحية نجاحا كبيرا، ثم تلتها مسرحية جماعية تحمل عنوان "علال ذك - ليمان" علال في ألمانيا، ومسرحية "أمقاز إمضران" "حفار القبور" والتي عالجت قضايا فلسفية، لها علاقة بالموت والحياة وكانت مسرحية فردية، كما انطلق العديد من الشباب- في مختلف جهات البلاد- في ممارسة هذا الفن معتمدين على العزيمة والوعي بضرورة المشاركة في التعبير عن انشغالاتهم واهتماماتهم عبر هذا الفن، فتراكمت الإنتاجات المسرحية وتعددت عروضها واتجاهاتها. وتأسست فرق وجمعيات سخرت كل جهدها للمسرح حتى جعلت منه - مع بدايات القرن الحالي- فنا رائجا في مجال الفنون الأمازيغية. وحسب الأستاذ سليمان البغدادي، فان بزوغ تجربة المسرح الأمازيغي أو المسرح بالأمازيغية " مرتبط أساسا بسؤال الوعي بالذات الأمازيغية وبهوية لها الحق والقدرة على التعبير من خلال هذا الجنس الأدبي/الفني". وبعد هذه الفترة ظهرت بعض المسرحيات المنشورة منها روميو وجولييت وأوسان اسميضْنين " الأيام الباردة". ورغم ذلك، فإن المسرح الأمازيغي مازال يتلمس طريقه نحو بناء أدواته الفنية والجمالية الخاصة. ولم يشيد بعد مقوماته وخصائصه التي تصله بينابيع وخصوصيات الثقافة الأمازيغية الغنية.وأشهر الفرق المسرحية فرقة محترف المسرح بأكادير، فرقة إمْدًّكال للمسرح، فرقة تيكفاريناس للمسرح، فرقة أبوليوس وفرقة تافوكت... وتشكل عملية إدماج وتوظيف عناصر الثقافة الأمازيغية في فضاءات المسرح الأمازيغي أمرا مهما في خلق مسرح متميز. إضافة إلى أن تقييم وتمحيص ما راكمته التجربة لاستدراك النواقص سيساعد على إيجاد أدوات تعبيرية لطرح القضايا الثقافية والاجتماعية. فلا يمكن التوصل إلى فهم (هذا المسرح) وفهم الكثير مما يحفل به راهنا إلا عن طريق التحاور حول قضاياه وإشكالاته. ولن يصبح منطويا على قيمة حقيقية إلا إذا أحيط بجهد نظري يضيء زواياه وينير مسالكه ولذلك تَمَّ إسناده بنقاش يمتلك القدرة الحقيقية على استكشاف المواقع التي يشغلها داخل السياق العام للنشاط الأدبي والفني الأمازيغي وعلاقاته بالمؤسسات الثقافية التي تهتم به أو يمكن لها أن تساهم في تأسيس تقاليد وإنتاج صيغها وأشكالها الممكن تكييفها وملاءمتها للواقع المحلي. ومع ذلك، لابد من الإشارة إلى أن المسرحيات الأمازيغية لاقت إقبالا لافتا كالمسرحية التي قدمتها فرقة مسرح الصورة "أوال أوفلا" الأوامر العليا، بحيث تشكل العروض التي قدمتها هذه الفرقة تحولا مهما في المسرح الأمازيغي على جميع المستويات من ناحية الإخراج الذي تحكم في عملية التشخيص والتعامل مع الكلمة. ومن ناحية الموضوع الذي تناول الأدب الشعبي الذي يزخر به التراث الأمازيغي. كما قدمت مسرحية "العادلون" لألبير كامي بالأمازيغية التي أخرجت لأول مرة باللغة الفرنسية عام 1949 بشكل جيد. وقد قامت بترجمتها الدكتورة شادية الدرقاوي أستاذة اللسانيات بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير وقام بإخراجها موسى توري، كل هذه التجارب جامعة تعد بادرة خير بالنسبة للمسرح الأمازيغي. إذا كان المسرح الأمازيغي يتوفر اليوم على طاقات أدبية وفنية، فإنه اتسم بخصوصيات متنوعة وأساسية منها أنه ولد تحت تأثير الجمهور وبتشجيع من الجمعيات الثقافية. وبالإضافة إلى كونه فن تمارس فيه اللغة الأمازيغية فإنه كان في بداياته، شبابيا، وهاويا. وفي هذا الإطار أشار الأستاذ فؤاد أزروال أن " المسرح الامازيغي ولد مناضلا في إطار الحركة الامازيغية وفي أحضان جمعياتها، وولد متوقدا بحماس الشباب، وولد فقيرا في إمكانياته المادية والمعنوية.. وكان، في كل ذلك، قويا بجمهوره الذي كان يتجاوب معه انطلاقا من مبدأ الالتقاء المباشر بلغته الأصلية التي تنقل إليه مباشرة وبحيوية... وتخاطبه بشكل واضح وجلي، كما أنه (أي الجمهور) يشاهد لغته تتحدى وتقاوم وهي تنصهر في قوالب فنية جديدة ومغايرة معلنة بذلك عن قدراتها وإمكانياتها". ومن أجل النهوض به كفن قائم بذاته يجب تنظيم المزيد من المهرجانات واللقاءات، يكون محورها أساسا مناقشة العروض المقدمة من زاوية الإبداع وكذا جانب الإخراج بغية الرفع من مستوى مشاهدة الجمهور. كما يجب خلق فرص التكوين في مجال المسرح الأمازيغي، في المعاهد الوطنية. بالإضافة إلى ذلك، فالإشهار وتسجيل المسرحيات يلعبان دورا أساسيا في آليات التواصل. كما يعد تشخيص التجارب الأولى في المسرح الأمازيغي أمرا مهما لتحديد مواطن القوة والضعف لتفادي الوقوع في أخطاء الماضي. وبفضل المساعي التي بذلت للإرتقاء بالمسرح الأمازيغي، وحيوية الممارسة المسرحية، وإقبال الجمهور عليه بدافع عاطفى، كسب المسرح الأمازيغي فاعليات مسرحية وإبداعية مهمة بدأت تنحت تجاربها المسرحية بكل رزانة وثبات. وأما مؤسساتيا فقد خصص المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية جائزة للمسرح ضمن جوائز الثقافة الأمازيغية، بالإضافة إلى تنظيم دورات تكوينية في المسرح أطرها أساتذة مختصون بالإضافة إلى تنظيم عروض فنية بمقر المؤسسة لفائدة جمهور عريض وبهذه المناسبة سيتم عرض مسرحية "ترينكا"، لفرقة ثفسوين للمسرح الأمازيغي- الحسيمة، على الساعة الثامنة مساءً، بقاعة العروض باحنيني بالرباط. وتخليدا لليومين الوطني والعالمي للمسرح، سينظم المعهد كذلك ندوة فكرية حول موضوع "المسرح الأمازيغي، من الإنتاج إلى التداول" يوم 12 أبريل 2016، ابتداء من الساعة الثالثة بعد الزوال، بمقره. وما يزال المسرح الأمازيغي يتطلع إلى المزيد من العطاء والتطور من خلال سعيه الحثيث إلى الاحترافية، ومن خلال إصراره على الاستمرار في الإنتاج وفي تنظيم الملتقيات والمهرجانات التي تعلن عنها جل الجمعيات والفرق المسرحية ( فؤاد أزروال مداخلته "المسرح الأمازيغي بالمغرب ورقة تعريفية أشغال اليوم الدراسي : 13 أبريل 2011) في الآونة الأخيرة بالرغم من تراكم الإنتاجات المسرحية وتعددت عروضها واتجاهاتها. وتأسست فرق وجمعيات قصرت كل جهدها على المسرح حتى جعلوا منه فنا رائجا في مجال الفنون الأمازيغية. ورغم ذلك فإن المسرح الأمازيغي ما زال يلتمس طريقه نحو بناء أدواته الفنية والجمالية الخاصة، ولم يشيد بعد مقوماته وخصائصه التي تصله بينابيع وخصوصيات الثقافة الأمازيغية التي ما زالت تعاني من أزمة الحصار والتهميش والإقصاء. لذا على المسرح الأمازيغي أن يبحث عن نفسه عن طريق بناء فرادته وتميزه بإدماج عناصر الثقافة الأمازيغية في فضاءاته وتوظيفاته مما سيمكنه من نحت أدوات تعبيره الخاصة. ومن أجل الرقي بهذا الفن الفرجاتي المتميز فإن دور المسرحيين، يقتضي ضرورة إنجاز أعمال جيدة تستحضر أولا، تحكمهم في التقنيات المكتسبة سابقا، وتسعى ثانيا، إلى تملك تقنيات أخرى تثبت قدرتهم على الابتكار والاستفادة من مستحدثات الألفية، دون الانسلاخ عن هويتهم الوطنية وأصولهم الثقافية التي يجب أن تدمج في حركة التاريخ الفني الجديد للفنون التعبيرية، وأن تكون دعامة لخلق علاقات تبادل وتفاعل مع المسارح العالمية وعلى الخصوص مع المسرح الأوربي وابتكاراته اللامحدودة.