تساقطات ثلجية وأمطار رعدية مرتقبة من الأحد إلى الثلاثاء في المغرب    مكتب الصرف: تحويلات مغاربة العالم فاقت 117,7 مليار درهم سنة 2024    مع اقتراب شهر رمضان.. ارتفاع أسعار المواد الغذائية بالأسواق المغربية    مقتل مواطن مغربي بالرصاص في إيطاليا    الزوبير بوحوت يكتب: السياحة في المغرب بين الأرقام القياسية والتحديات الإستراتيجية    وهبي: العدالة الانتقالية تجربة وطنية رائدة أفضت إلى تعزيز المصالحة بين المجتمع المغربي وتاريخه    القيمة السوقية لدوري روشن السعودي تتخطى المليار يورو    بن شرقي: "اللعب للأهلي كان حلمي وسأسعى لحصد الألقاب معه"    الرئيس السوري أحمد الشرع يصل إلى السعودية في أول زيارة رسمية    توقيف ثلاثة مواطنين صينيين بتهمة قرصنة المكالمات الهاتفية    القنيطرة... اختتام دوري أكاديميات كرة القدم    باب برد: تفكيك عصابة إجرامية متورطة في سرقة وكالة لتحويل الأموال    الإرث الفكري ل"فرانتز فانون" حاضر في مهرجان الكتاب الإفريقي بمراكش    تطوان تحتفي بالقيم والإبداع في الدورة 6 لملتقى الأجيال للكبسولة التوعوية    هكذا يخطط المغرب لتعزيز أمن منطقة الساحل والصحراء    نادٍ نرويجي يتبرع بعائدات مباراته ضد فريق إسرائيلي لدعم غزة    التوقيع على مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون والشراكة بين مدينة طنجة ومدينة القدس الشريف    هذه توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد    حكومة أخنوش تتعهد بضمان وفرة المواد الاستهلاكية خلال رمضان ومحاربة المضاربات    CDT تقر إضرابا وطنيا عاما احتجاجا على قانون الإضراب    كريستينا.. إسبانية سافرت للمغرب لاستعادة هاتفها المسروق بمدريد والشرطة المغربية أعادته إليها في أقل من ساعة    "هِمَمْ" ترفض التضييق والتشهير بمديرة جريدة "الحياة اليومية"    نزار بركة يترأس الدورة العادية الموسعة للمجلس الإقليمي لحزب الاستقلال في العيون    الرجاء البيضاوي يتجه إلى إلغاء الجمع العام مع إناطة مهمة الرئاسة إلى بيرواين حتى نهاية الموسم    الإعلام في خدمة الأجندات السياسية والعسكرية    "رسوم ترامب" الجمركية تشعل حربًا تجارية .. الصين وكندا والمكسيك ترد بقوة    روبرتاج بالصور.. جبل الشويحات بإقليم شفشاون وجهة سياحة غنية بالمؤهلات تنتظر عطف مسؤولين للتأهيل    السلطات الأسترالية تعلن وفاة شخص وتدعو الآلاف لإخلاء منازلهم بسبب الفيضانات    حريق مُهول يأتي على ورش للنجارة بمراكش    تجميد المساعدات الأميركية يهدد بتبعات خطيرة على الدول الفقيرة    المغرب يعزز موقعه الأممي بانتخاب هلال نائبا لرئيس لجنة تعزيز السلام    دراسة: هكذا تحمي نفسك من الخَرَفْ!    الصين: شنغهاي تستقبل أكثر من 9 ملايين زائر في الأيام الأربعة الأولى من عطلة عيد الربيع    المنتخب الوطني لأقل من 14 سنة يجري تجمعا إعداديا بسلا    الجمعية المغربية لدعم إعمار فلسطين تجهز مستشفى الرنتيسي ومستشفى العيون باسطوانات الأكسجين    استئناف المفاوضات بين حماس وإسرائيل الاثنين بعد رابع عملية تبادل للرهائن والمسجونين    طنجة تتأهب لأمطار رعدية غزيرة ضمن نشرة إنذارية برتقالية    ريدوان يخرج عن صمته بخصوص أغنية "مغربي مغربي" ويكشف عن مشروع جديد للمنتخب    أولياء التلاميذ يؤكدون دعمهم للصرامة في محاربة ظاهرة 'بوحمرون' بالمدارس    تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج فاقت 117 مليار درهم خلال 2024    مؤسسة طنجة الكبرى تحتفي بالكاتب عبد السلام الفتوح وإصداره الجديد    هذا هو برنامج دور المجموعات لكأس إفريقيا 2025 بالمغرب    مقترح قانون يفرض منع استيراد الطماطم المغربية بفرنسا    تفشي "بوحمرون" في المغرب.. أرقام صادمة وهذه هي المناطق الأكثر تضرراً    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    ثمن المحروقات في محطات الوقود بالحسيمة بعد زيادة جديد في الاسعار    الانتقال إلى دوري قطر يفرح زياش    مسلم يصدر جديده الفني "براني"    لمن تعود مسؤولية تفشي بوحمرون!    لقجع: منذ لحظة إجراء القرعة بدأنا بالفعل في خوض غمار "الكان" ولدينا فرصة لتقييم جاهزيتنا التنظيمية    القاطي يعيد إحياء تاريخ الأندلس والمقاومة الريفية في عملين سينمائيين    الإعلان عن تقدم هام في التقنيات العلاجية لسرطانات البروستات والمثانة والكلي    محاضرة بأكاديمية المملكة تُبعد نقص الذكاء عن "أطفال صعوبات التعلم"    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    الفنانة دنيا بطمة تغادر السجن    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التّمكينُ السياسيُّ للنساء .. هل تكفي القوانين لتجاوز "العقلية الذكورية"؟
نشر في هسبريس يوم 25 - 03 - 2016

غداةَ إعلان نتائجِ الانتخابات المحليّة التي جرتْ يوم 4 شتنبر 2015، سادَ نوع من التفاؤل وسَط الجمعيات المدافعة عن حقوق المرأة بالمغرب، بشأنِ تعزيز حضور النساء في مجالِ تدبير الشأن العام، بعدما تمكّنت النساء المرشحات من الفوز ب6673 مقعدا، من مجموع 31503 مقاعد المتباري عليها.
لكنَّ هذا التفاؤل سرعانَ ما تبدّد بعْدَ تشكيلِ المجالسِ الجماعية المنتخبة، فمِنْ أصْل 1503 جماعات محلّية، لمْ يتعدَّ عددُ النساء اللواتي وصلْنَ إلى الرئاسة 15 امرأة، حسب "الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب" (لا توجدُ أرقام رسميّة صادرة عن وزارة الداخلية)، أمّا المجالس الجهوية الإثنا عشر المنتخبة، فاستحوذ عليها الرجال جميعُها، ولمْ يجْرِ انتخابُ أيّ امرأة على رأس أيّ مجلس.
عقليّة ذكوريّة
رقية قاسم، واحدةٌ من النساء اللواتي استطعنَ كسْرَ هيْمنة الرجال في مرحلة رؤساء ورئيسات مجالس الجماعات المنتخبة، واستطاعتْ أنْ تكونَ رئيسةَ جماعة. وتعترفُ هذه الشابّة المُجازة في القانون العامّ، والتي مارست العمل الجمعوي قبْل الخوْض في غمار السياسة، بأنَّ "العقليّة الذكوريّة" تُعتبر من العوائق الرئيسية التي تحولُ دون بلوغ المرأة مناصبَ المسؤوليّة السياسية واتخاذ القرار، لكنَّ هذا العائقَ لمْ يَمْنعها، بفضْل قوّة إرادتها، من أنْ تصيرَ أوّلَ امرأة ترأسُ جماعةً محلّية في إقليم زاكورة.
بدوْرها عدّتْ خديجة الرباح، وهي عضو "الحركة من أجل ديمقراطية المناصفة"، "العقلية الذكورية" منْ مُعيقات وصول المرأة المغربيّة إلى مراكز القرار السياسي، مؤكّدةً أنَّ هذه العقليّة، وإنْ بدأت تتلاشى في المجتمع تدريجيا، إلا أنّها ما زالتْ متحكمةً في دائرة النخبة السياسية، "فالنساء استطعنَ الظفرَ بأزيد من ستّة آلاف مقعد في الاقتراع العامّ يوم رابع شتنبر الماضي، لكنْ في مرحلة تشكيل المجالس، من طرف ما يسمّى "الناخبين الكبار"، وقعتْ ردّة"، تقول الناشطة الحقوقيّة.
غيْرَ أنَّ هذا المبرّر بالنسبة لرقيّة قاسم لا يعني أنَّ على المرأة أنْ تقبلَ هذا الواقع، وتنتظرَ ما "يجودُ" به الرجالُ عليها من مناصب المسؤولية في مراكز القرار السياسي، بلْ عليها أنْ تفرضَ نفْسها وتصنعَ لها مكاناً جنبا إلى جنْبٍ مع الرجال.
وتذهبُ رئيسة جماعة "أفرا" أبْعدَ من ذلك بدعوتها النساء إلى الترشّح في اللائحة العادية، دونَ الاكتفاء بالترشح في الدائرة الإضافية المخصصة للنساء. لكنْ، هل الطريقُ سالكٌ أمامَ النساء لتغيير هذا الواقع بسهولة؟..تردُّ رقيّة قاسم على هذا السؤال بالإيجاب، وتستدركُ بأنَّ ذلك رهينٌ بمَدى وجودِ دعْمٍ ومساندةٍ للمرأة من طرفِ محيطها، العائلي، والمجتمعي. "فإذا كانَ المُحيطُ الذي تعيش فيه المرأة داعما ومشجّعا لها، فإنّها ستتجاوزُ كلّ العراقيل التي يُمكن أنْ تعترضها، ولكنْ، إذا كانَ الجميعُ ضدّها، فسوفَ تشعر بالإحباط، ومن ثمَّ قدْ تتوقّف عن السير إلى الأمام"، تقول المتحدّثة لهسبريس.
هُنَا تبْرُزُ أهمّية عنصر ثقة المرأة في نفسها، تقول امرأة مسؤولة بني ملال، في شهادة تضمنتْها دراسة حول الصور النمطية القائمة على أساس النوع الاجتماعي السائدة بالمغرب، مضيفة: "كنتُ المرأة الوحيدة المسؤولة، وحينَ آخُذ مكاني خلال الاجتماعات يكونُ المقعدان بجانبي فارغيْن، وفي فترات الاستراحة التي تتخلّلُ الاجتماعات أكونُ وحيدة.. في البداية لمْ أتقبّل الأمر إلى درجة أنني فكّرتُ في الانسحاب نهائيا".
وتخلص الدراسة التي أنجزتْها جمعية ProgettoMondo MLAL، بشراكة مع منظمة العفو الدولية فرع المغرب، في إطار مشروع "قوّة النساء"، انطلاقا من المُعطيات التي تمّ جمعها، إلى أنّ النساء، في بعض الأحيان، بوعي أو بغير وعي، مسؤولات عن استبعاد ذواتهنّ بسبب عدم الثقة في أنفسهنّ وفي مهاراتهنّ. وتقول برلمانيّة في شهادتها: "تحطّ النساء من قيمتهنّ قبْلَ أن يحطّ من قيمتهنّ الآخرون".
وتحكي رقية قاسم عنْ تجربتها الشخصية كأوّل رئيسةٍ لجماعة محليّة في إقليم زاكورة، أنّها واجهتْ بعْض الصعوبات في البداية، لكنّها تخطّتها بإرادتها الصلبة، وساعدَها على ذلك محيطها في العمل بالجماعة الذي شجّعها منذ البداية، وتقول بفخْر: "حينَ تشتغلُ معَ أشخاصٍ متفهّمين تتذلّل كلّ العقبات، ما يجعلُ الناسَ يعتبرون تولّي امرأةٍ تسييرَ جماعة محليّة شيئا طبيعيا، شأنها شأن الرجل"، وبثقة تُضيف: "لقدْ تجاوزْنا هذا، ولم يعُدْ بالنسبة لي مطروحا".
هلْ تكفي القوانين وحْدها لتحقيق المساواة؟
على مَدى عقودٍ ناضلت الحركة النسائية المغربيّة من أجْل إقرار المساواة بين المرأة والرجل، وأثمرَ هذا النضالُ مصادقة المغرب على مجموعة من المواثيق والالتزامات الدولية، وسنِّ تشريعات وقوانينَ، توّجَها دستور 2011، الذي نصَّ في الفصل 19 على أنّ الرجل والمرأة يتمتعان، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية والبيئية، و تسعى الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء، وتُحدثُ لهذه الغاية هيئة للمناصفة ومكافحة كافّة أشكال التمييز.
وما زالت الحركة النسائية تنتظرُ خروج هذه الهيئة إلى الوجود، لإقامة مبدأ المناصفة بيْن المرأة والرجل؛ وهُنا يُطرحُ سؤال: هل تكفي القوانين وحدها لتحقيق هذا المبُتغى؟
فبعْدَ مُضيِّ خمسةِ أشهرٍ فقط، على تنصيص الدستور على المساواة بين النساء والرجال في الحقوق السياسية والمدنية، وعلى أنْ تسعى الدولةُ إلى تحقيق مبدأ المناصفة بيْنهم، سادَ الإحباطُ وسط الحركة النسائية المغربية يومَ 3 يناير 2012، بعْد الإعلان عنْ أسماء الوزراء والوزيرات المشكّلة لأوّل حكومةٍ ما بعد دستور 2011، إذْ لمْ يتعدَّ عددُ الوزيرات اللواتي جرى استوزارهُنّ امرأة واحدة، إلى جانب ثلاثين رجلا!
بالنسبة لأمينة بوعياش، عضو اللجنة العلمية التي أشرفتْ على تعديل الدستور سنة 2011، ونائبة رئيسة الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان حاليا، فإنَّ الجهودَ المبذولة منذ إعمال مقاربة التمييز الإيجابي سنة 2003 لمْ تُفْض إلى خلخلة البِنْيات الثقافية للمجتمع. وتوضّح بوعياش: "ليس هناك خطّ تصاعديّ لوتيرة مساهمة المرأة في تدبير الشأن العامّ، وهنَا يكمنُ الخطر".
وتُشيرُ بوعياش إلى مُفارقة تقولُ إنّها تسِمُ تعاطي المجتمع المغربي مع المرأة، فبقدر ما يحتاجُ المجتمعُ إلى عملِ المرأة خارجَ البيت، لتوفير مواردَ ماليّة للعائلة (حوالي 17،7 بالمائة من الأسر المغربيّة تعيلها نساء، حسب نتائج دراسة للمندوبية السامية للتخطيط حول "النساء المغربيات وسوق الشغل: الخصائص والتطوّر"، قُدّمت سنة 2014)، بقدر ما يتمُّ حصْرُ دور المرأة في هذا المجال، أْيْ أنْ تكونَ مُعيلة للأسرة فقط، لا أن تساهمَ في تدبير الشأن العام.
وبعْد مُضيّ خمْس سنوات إلا بضعة أشهر على دستور 2011، الذي نصّ على المساواة في أفق المناصفة، قالتْ بوعياش: "لمْ ننجحْ في تعزيز حضور المرأة على مستوى تدبير الشأن العامّ، وهذا يقتضي أنْ ننتقلَ إلى قانونٍ آخر يخضع له الجميع، لهذا ناديْنا بإحداث هيئة المناصفة ومكافحة كافة أشكال التمييز، فحينَ يكونُ لديْنا قانون يُلزم الجميع، فإنّ هذه العراقيل ذات الطبيعة الاجتماعية والثقافية ستندثر".
ويؤكّدُ عبد الرحيم المصلوحي، أستاذُ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة محمد الخامس، أنّ المرأة المغربية ما زالتْ بحاجة إلى حماية المُشرّع، إلى حين الانتقال الكلّي إلى نمط مجتمع يُقرّ بحقوقها ويتملك قيم المساواة، مُحيلا على النموذج الفرنسي، إذ "واكبَ المشرّع الفرنسيّ مسارَ المساواة بين الجنسين بوضع ترسانة قانونية، وهُوَ ما مكّن المرأة الفرنسية من بلوغ من يقارب المناصفة على مستوى توزيع المسؤوليات في المجالس المنتخبة"، حسب تعبيره.
لكنَّ سنَّ قوانينَ وتشريعاتٍ ضامنة لحقوق المرأة لا يكفي وحْده لتمهيد الطريق أمامَ المرأة لنيْل حقوقها، "فالمُشرّعُ يُسرّع فقط وتيرة التغيير، ولكنه لا يؤسّسُ واقعا ثقافيا يؤمن بثقافة النوع"، يقول المصلوحي في ندوةٍ نظمتْها منظمة "فتيات الانبعاث" بالرباط، في موضوع: "الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للنساء: الحصيلة والتحدّيات"، مضيفا: "اقتناعُ المجتمع بإعطاء المرأة حقوقها كاملة هو مسألة ثقافية بامتياز".
انعدام الالتزام بتفعيل مضامين القوانين
يومَ 17 يونيو 2015، وعلى بُعْد شهريْن ونصفَ من إجراء الانتخابات المحليّة الأولى من نوعها بعدَ تعديل الدستور، صادقَ مجلس النواب في جلسة عمومية على رفْع تمثيلية النساء في مجالس الجماعات الترابية من 12 بالمائة إلى 27 بالمائة، لكنَّ نسبة حضور النساء في لوائح الوكيلات والوكلاء المُقدّمة للناخبات والناخبين، لمْ تصلْ إلى هذا الهدف، وحسبَ "المُلاحظة النوعية للانتخابات الجماعية 04 شتنبر 2004"، التي أنجزتها "المنظمة المغربية لحقوق الإنسان"، فإنّ اللوائح التي بلغتْ نسبةُ حضور النساء فيها 27 بالمائة لمْ تتعدَّ 65،39 بالمائة من اللوائح.
وحسبَ المُعطيات التي جمعتْها المنظمة، فنسبة 5،17% من اللوائحِ ضمّت أقلّ من 12،5% من النساء، و22،4 % فيها أقلّ من 20% من النساء، أمّا الثلث الذي كانت المرأة المغربية تطمحُ إلى بلوغه، كخطوة نحو المناصفة، فلمْ تتعدَّ نسبة اللوائح التي ضمّت أكثر من الثلث 24،17%، ووقفت الملاحظات والمُلاحظونَ الذين أعدّوا التقرير على أنَّ بعض اللوائح لمْ تتضمّن صُوَر النساء المرشحات، وهُو ما اعتبرتْه المنظمة "عدمَ احترام للناخبات والناخبين، وتنقيصا من قيمة المرأة".
وفي مقابلِ عدم التزام الأحزاب السياسية بما تنصُّ عليه القوانين، تَرى خديجة الرباح أنَّ منْ أسباب ضُعف التمكين السياسي للنساء في المغرب عدمُ وضعِ قوانين واضحة وصارمة، مشيرة في هذا الصدد إلى أنَّ القانون التنظيمي لمجلس النواب، وإنْ نصَّ على تخصيص حصّة (كوطا) للنساء، إلا أنّه لمْ ينصّ على تحديد نسبة تواجدهن في البرلمان في الثلث.
وتعقدُ الرباح مقارنة بيْن نسبة تواجد النساء في البرلمان بالمغرب ونظيرتها في دُولٍ مقارنة، إذ تصل نسبة المقاعد التي تشغلها النساء في البرلمان الجزائري إلى 32%، وتصل النسبة في تونس إلى 31%، في حين لا تتعدّى نسبة المقاعد التي تشغلها النساء في البرلمان المغربي 17،3 بالمائة، وتضيف المتحدثة: "غيابُ تدابيرَ واضحة هو سببُ ضعفِ تواجد النساء في البرلمان بالمغرب، عكسَ ما هو قائم في الجزائر وتونس".
مخاوف من التراجُع عن المكتسبات
إذا كانت المرأة المغربية حقّقت مكتسبات معتبرَة، بفضل نضالها، فإنّ هذه المكتسبات -حسبَ أمينة بوعياش- تحتاجُ إلى تدعيمها، لتتطّور، وتتراكم، لافتة إلى أن التخوّف القائم اليوم هُوَ أنْ يجريَ سنّ القوانين على الورق، دُونَ أن يوازيَ ذلك تزايُد حضور المرأة في المجال العامّ، وبالأخصّ مراكز القرار.
في هذا الصدد خلُصَ تقرير أعدّه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، سنة 2014، حوْل "النهوض بالمساواة بين النساء والرجال في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية"، إلى أنَّ الإصلاحات الدستورية والمعيارية، وإن كانت قد مكّنت من إحراز تقدّم في مجال مساهمة المرأة في التنمية، إلا أنَّ فعاليّتها تبقى غير كافية في ظل غياب رؤية واضحة للتحقيق الفعلي للمساواة بين الجنسين على المستويات المؤسساتية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
المثير في التقرير، في الشقّ المتعلق بالمساواة بين النساء والرجال في الحياة الاقتصادية، هو ارتفاع نسبة ربّات البيوت بصورة أسرع بيْن النساء البالغات سنّ العمل. وتعلّق بوعياش على ذلك بالقول: "هذا لا يعني أنَّ النساء الفاعلات في المجال العامّ لسْنَ ربّات بيوت، ولكن منطق ربّات البيوت كما سَجّل التقرير يكرّس ما تمّ محاربته بالتمييز الإيجابي وبالتدابير القانونية المهمّة، بما فيها دستور 2011".
النائبة البرلمانية حسناء أبو زيد ترى أنّ ضعفَ تواجد النساء في مراكز القرار عموما، وفي ممارسة السلطة بشكل أدقّ، هو نتيجة لمجموعة من العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مشيرة إلى أنّ المجتمعات الأكثر ديمقراطية هي التي تصنع ولوج كلّ المكونات المجتمعية المقصية، وعلى رأسها النساء، إلى ممارسة السلطة في كافة مستوياتها.
وتؤكّدُ أبو زيد أنّه كلما تأسّست اختيارات الدولة على مبدأ العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للموارد والثروات ووسائل الإنتاج، كلما تطوّر عدد النساء في مراكز القرار.
وإذا كانت المرأة المغربية تواجهُ معيقاتٍ للولوج إلى مراكز القرار، خصوصا على المستويين السياسي والاقتصادي، فإنَّ لذلك تبعاتٍ على مستوى تحقيق التنميّة، "فمعروف، حسب دراسات عديدة أن الدول التي نجحت، مثلا، في إدماج النساء في سوق العمل وفي مراكز القرار، مع توفير شروط الحماية الاجتماعية لهنّ، نجحت في مضاعفة الناتج الداخلي وتحقيق أهداف التنمية التي يستفيد منها كل المجتمع، نساء ورجالا"، تقول حسناء أبو زيد.
وتؤكّدُ خديجة الرباح أنَّ المرأة المغربية برهنتْ عن كفاءتها في مختلف المجالات، وفرضتْ نفسها إلى جانب الرجل، "ولكنّ العائق الأكبرَ الذي يعيق وصولها إلى مراكز القرار، يكمُن في الأحزاب السياسية"، وتُضيف متسائلة: "هل الأحزاب السياسية المغربية مؤمنة حقّا بخطاب المساواة، أمْ تتخذهُ فقط شعارا؟".
أمّا أمينة بوعياش فترى أنَّ السبيلَ الوحيدَ إلى الخروج من ما تسميه "المفارقة" التي تَسمُ ما هُو منصوص عليه في القوانين، في ما يتعلّق بالمساواة، وبين ما هو مطبّق على أرض الواقع، هو إقرارُ قانون صارم للمناصفة، وتوضّح أنّ المناصفة لا تعني توزيعَ مهامّ تسيير الشأن العام بين النساء والرجال مناصفةً، بل هي مقاربة تمكّن من إعادة ترتيب قواعد تدبير الشأن العام، ومن ثمّ فتْح المجال أمام المرأة ليستفيدَ المجتمع من عطائها. وتضيف بوعياش: "لقد وضعنا أسس التمييز الإيجابي، ويجبُ أنْ نسرّع وتيرة تقدّمنا إلى الأمام".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.