مازال الأساتذة المتدربون صامدون في معركتهم النضالية ضد المرسومين الوزاريين. مسلسل نضالي محلي في المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، وأربع مسيرات وطنية؛ آخرها مسيرة الأحد 20 مارس 2016 بالدار البيضاء. بينما يزداد حرج السلطة المغربية من هذا الملف الذي أصبح قضية رأي عام توج بمسيرة وطنية شعبية ضخمة تضم الأساتذة المتدربين وعائلاتهم وشرائح المجتمع المغربي وفعالياته النقابية والسياسية والحقوقية والطلابية والمهنية تطالب الدولة بحق الأساتذة في التوظيف والمنحة الكاملة ودفاعا عن المدرسة العمومية التي تعرف تراجعا مخيفا في أداء وظائفها التربوية والتعليمية. مسيرة ذات رسائل قوية وواضحة، لكنها عرفت تجاهلا إعلاميا رسميا واضحا، موقف غير مشرف للمشهد الإعلامي المغربي، حيث أن كثيراً من منابرنا الإعلامية - إلا من رحم ربك- تشتغل وفق تعليمات فوقية. وبعض من النخب السياسية والفكرية.. لا تستطيع البوح بموقفها لتعارضه مع المصالح الشخصية.. كما أن حكومتنا الموقرة تلتزم الصمت المخجل، رغم قوة رسائل "أساتذة- الغد" في مسيرة 20 مارس، التي نقلتها صفحات المواقع الاجتماعية والتي أظهرت حجمها الحقيقي وأسمعت صوتها .. وأن أصحاب القرار يعلقون أخطاءهم على شماعة كل من يشخص الواقع المأزوم. لعل الصمت أسلوب في الجواب، الذي يدل على الاستخفاف بمطالب الأساتذة المتدربين المشروعة. كما أن أسلوب عنف الدولة الذي تقابل به الاحتجاجات السلمية للأساتذة المتدربين يدل على غلق أبواب الحوار، والزج بهذا الملف وغيره إلى الباب المغلق والأفق الحالك، طالما المقاربة الأمنية هي سيدة الميدان، والتي بموجبها تدبر مثل هذه الملفات الحساسة. خمسة أشهر من النضال السلمي لأساتذة الغد، يقابلها صمت مريب لأصحاب القرار الذين يلجأون من حين لآخر لأساليب الترهيب والقمع والضرب لثني أصحاب الحقوق على مطالبهم المشروعة. ولم يبق من الموسم الدراسي إلا القليل من الوقت، وانتظارات المتعلمين للأساتذة في تزايد مع ارتفاع وثيرة التقاعد وقلة أطر التدريس في المدرسة العمومية... أليس من بين أصحاب القرار رجل رشيد، ينقذ المدرسة المغربية من الإفلاس التي أصبحت أعراضه تظهر للجميع؟ ألا يوجد ضمن النخب من له قوة اقتراحية أو صاحب سلطة معرفية أو علمية تساهم فعليا في حل أزمة المدرسة المغربية، أم أن آراءها من أجل الاستئناس ومنح المصداقية وتأثيث المشهد التعليمي المغربي؟ أم أن المدرسة المغربية أصبحت ترهق صناديق الدولة، فلا استعجال على إصلاح فساد التعليم؟ ألا يمكن إضافة قطب 24 في التدابير ذات الأولوية لتحقيق أهداف الرؤية الاستراتيجية لإصلاح منظومة التعليم؛ قطب يعنى برجل التعليم تكوينا وتدريبا واهتماما؟ من المؤسف جداً بل من المخجل أن يكتب التاريخ المعاصر أن 10000 أستاذ متدرب تم التعامل مع قضيتهم بشكل غير حضاري، لا يليق بمن يزعم لنفسه الانخراط في المسلسل الديمقراطي، وجعل من التعليم قاطرة للتنمية.