تعنيف الأساتذة المتدربين من طرف قوات الأمن في بعض المدن المغربية وقائع دامية محزنة ومخجلة تعد جرائم يعاقب عليها القانون الجنائي ولا يجيزها دستور 2011 منذ مطلع الموسم الحالي،خاضت التنسيقية الوطنية للأساتذة المتدربين عدة اشكال نضالية بمختلف مراكز التدريب الجهوية،وبتاريخ 7 يناير 2016 وتنفيذا لبرنامجها النضالي،القاضي بخوض مسيرات احتجاجية مفرقة على ستة جهات في المغرب،وموحدة على الصعيد الزمني،قامت فروع التنسيق الجهوي بالجهة الشرقية،بإنزال مسيرتها الاحتجاجية،حيث تجمع كل من فرعي وجدة والناضور،بالمحطة الطرقية بوجدة،وانطلاقا من ساحتها العمومية،انطلقت مسيرتها على الساعة الحادية عشر والنصف صباحا،تقدمتها عائلاتهم وتلاميذهم في شعارات صاخبة،كما حضرت بعض الهيئات السياسية والحقوقية بمناضليها.حيث كان شكل المسيرة حاشدا ومحفزا بشعارات مطلبية وتنديدية بإسقاط المرسومين المشؤومين والقاضيين بفصل التكوين عن الوظيفة وتقزيم المنحة.كما يبينا الوجه الحقيقي الذي يحمله المخطط التصفوي لقضية شعب بأكمله،فهو يهدف الى الاجهاز على مجانية التعليم،وتشجيع الخوصصة لصالح اصحاب رأس المال قصد إغراق البلاد في مزيد من التبعية وإثقالها بسياسة المديونية عبر رهن قدرات الاقتصاد الوطني في يد الرأسمال العالمي.وقد جابت المسيرة الاحتجاجية أهم وأطول شوارع مدينة وجدة دون توقيفهم للشعارات التنديدية بالوضع المزري لقضية التعليم،محملين في ذلك كامل المسؤولية للحكومات المتعاقبة كانت آخرها الحكومة الحالية،كما توقفت المسيرة في شكل اعتصام جزئي أمام ولاية الأمن بوجدة،حيث رفع المشاركون والمشاركات عدة شعارات تنديدية بالقمع المسلط على بعض فروع التنسيقية،وتضامنها معهم،في شكل ساخر ضدا على الشعارات الرسمية التي تتغنى بالديمقراطية وحقوق الإنسان،دولة الحق والقانون،والمفهوم الجديد للسلطة في التعامل مع المواطنين.واختتم هذا الشكل النضالي بوقفة احتجاجية بساحة 9 يوليوز قبالة نيابة التعليم بوجدة،معربين عن مواصلة نضالاتهم العادلة والمشروعة،وأن القمع والحصار لن يثنيهم ولن ينال من عزيمتهم في التصعيد حتى تحقيق أحلامهم في الشغل والعيش الكريم.وقد نفذ هذا المشوار كله تحت المعاينة الميدانية الحقوقية "إنهم يعممون القمع والاعتقال والطرد والتشريد،فلنعمم نحن التضامن.وتستمر في دعم نضالات المعطلين،تنسيقية الأساتذة المتدربين،وكافة الاطارات الاحتجاجية المناضلة ميدانيا" حسب ما صرح به الأستاذ محمد علاي الفاعل الحقوقي الوطني المشهور بمواقفه الانسانية والحقوقية وبعلاقاته الوطنية والدولية وبصفحته الفايسبوكية التي يتابعها عشرات الآلاف يوميا. ووجهت النائبة البرلمانية سليمة فرجي سؤال شفويا آنيا الى وزير الداخلية بشأن ما أسمته حمام الدم الذي شهدته بعض المدن المغربية بسبب تعنيف الأساتذة المتدربين من طرف قوات الأمن "تبعا للمسيرات الاحتجاجية المنظمة من طرف الأساتذة المتدربين تنديدا بالمرسومين المجحفين بحقوقهم،في غياب حوار مع الحكومة،هذين المرسومين المصادق عليهما من طرف مجلس الحكومة الذي له اختصاص التداول في مراسيم القوانين بتاريخ 23يوليوز 2015،ولم يصدرا في الجريدة الرسمية إلا بتاريخ 28 أكتوبر 2015 أي بعد ولوج الاساتذة مراكز التكوين في خرق سافر لمبدأ عدم رجعية القوانين،تعرضوا للتعنيف الجسدي والضرب والجرح والتنكيل الذي خلف جروحا ونزيفا دمويا ورضوضا متفاوتة الخطورة،نتيجة المعاملة الوحشية واللجوء الى وسائل التعنيف التي لم تعتمد أسلوب التناسب من أجل تفريق المتظاهرين،علما أن تدخل قوات الأمن استهدف بالأساس إلحاق الاذى الجسدي والجسماني وإلحاق أضرار جسدية بليغة بالأساتذة المتدربين كما توضح ذلك الصور التي اقشعرت لها الأبدان،خصوصا وأن جل الإصابات استهدفت الرأس والمناطق الحساسة من الجسم،الشيء الذي يجعلنا نتساءل عن سبب هذا الاعتداء الشنيع الذي يعد خرقا صارخا لمقتضيات الدستور الذي يمنع التعنيف الجسدي تحت أية ذريعة كانت ومن طرف أي كان،بل يعتبره جريمة يعاقب عليها القانون،وبدل أن ينحصر دور رجال الأمن في الحفاظ على النظام والحرص على سلامة الأشخاص والأملاك عمدوا إلى وسائل عنف كارثية ما كان المواطنون يعتقدون يوما أنها تمارس عليهم في ظل دستور رفع سقف الحقوق والحريات كدستور 2011 وفي مخالفة صريحة لأبسط حقوق الانسان المتعارف عليها دوليا ووطنيا.وبناء على مختلف التصريحات التي نحت نحو التعويم والإبهام كتلك التي صرح بها الناطق الرسمي للحكومة التي حسب ادعائه لم تعط هذه الاخيرة أية تعليمات لممارسة العنف في مواجهة المتظاهرين،واعتبارا من كون الحكومة متضامنة وأن وزارة الداخلية هي المشرفة على أجهزة الأمن وأنها جزء من الحكومة التي نفت مسؤوليتها فيما حدث،فإننا نسائلكم السيد الوزير عن أسباب التعنيف والاعتداء الجسدي الدموي الفادح اللاحق ببعض الأساتذة المتدربين وعن الجهة التي أمرت أو نفذت أو تجاوزت حدود الاختصاص وألحقت الأذى بهذه الفئة من المواطنين،وعن الاجراءات التي تنوون اتخاذها من أجل التحقيق في هذه الوقائع الدامية المحزنة والمخجلة والتي تعد جرائم يعاقب عليها القانون الجنائي ولا يجيزها دستور 2011 مهما كانت الذرائع التي يمكن التحجج بها".وفي إطار تعقيبها على سؤالها خلال جلسة الأسئلة الشفوية ليوم الثلاثاء 06 يناير 2016،قالت الأستاذة والخبيرة القانونية سليمة فرجي،إن البرلمان برمته أجمع على الحيف والظلم اللذين لحقا بالأساتذة المتدربين،حيث تمت المصادقة على مرسومين ظالمين خلال فصل الصيف وكأننا في تكتم وفي محاولة تهريب قوانين،حتى لا يتم اعتماد مقاربة تشاركية.المرسوم الأول،تقول النائبة البرلمانية،فصل التوظيف عن التكوين والثاني خفض من المنحة،متسائلة كيف يعقل أن يتم خفض المنحة من 2400 إلى 1200 درهم في زمن التهاب الأسعار.واعتبرت ذات المتحدثة أن المرسوم الأول مجحف في حق هذه الفئة، إذ فصل التكوين عن التوظيف وأصبح الأستاذ المتدرب مواجها بثلاث مباريات،الأولى تتعلق بولوج المركز والثانية بنهاية التكوين ومنح شهادة التأهيل والثالثة بالتوظيف حسب مناصب الشغل.وأن "المرسومان طبقا بأثر رجعي،وأنهما لم ينشرا في الجريدة الرسمية إلا بعد ولوج المتدربين المراكز الجهوية للتكوين والتعليم،لذلك،فإن قمة الإجحاف أن لا يقع اعتماد المقاربة التشاركية،وأن يلحق الظلم بهذه الفئة من الأساتذة المتدربين الذين ووجهوا بمختلف أنواع العنف والذين هضموا في حقوقهم. ولفهم مضامين المرسومين كانت نفس البرلمانية قد طرحت على وزير التربية الوطنية بخصوص المرسومين المجحفين بحقوق الاساتذة المتدربين سؤالا كتابيا أوضحت فيه "أنه من الثابت أن مجلس الحكومة صادق بتاريخ 23 يوليوز 2015 على مشروع مرسوم رقم 2.15.588 بتغيير المرسوم رقم 2.02.854 الصادر في 2003/2/10 المتعلق بالنظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية،كما صادق على مشروع مرسوم رقم 2.15.589 بتغيير وتتميم المرسوم رقم 2.11.672 الصادر بتاريخ 23 دجنبر2011 المتعلق بإحداث وتنظيم المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين،دون اعتماد أية مقاربة تشاركية مع مختلف الشركاء المعنيين بالأمر،وبطريقة مشوبة بالتكتم لتهريب القانون الذي لا يرقى الى درجة الاعتبار،واغتنام العطلة الصيفية للمصادقة على المرسوم تفاديا لاحتجاجات وتنديد المتضررين من هذه المقتضيات التشريعية الظالمة المتمثلة في مرسومين ظالمين ومجحفين بحقوق مكتسبة،لم يخضعا لرقابة البرلمان بل الأكثر من ذلك فان تاريخ الولوج الى مراكز التكوين كانت سابقة على تاريخ نشر المرسوم في الجريدة الرسمية الذي هو 28/10/2015،واذا اعتبرنا أن القانون لا يبدأ سريانه إلا من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية لأن القانون لا يسري بأثر رجعي طبقا للفقرة الأخيرة من الفصل السادس من الدستور فإن تطبيق المرسومين المنشورين بالجريدة الرسمية في تاريخ لاحق لتاريخ ولوج الأساتذة المتدربين إلى مراكز التكوين يعد خرقا سافرا لأسمى قانون وهو الدستور ولمبدأ الأمن القانوني والحماية القانونية والحقوق المكتسبة وضربا لمصداقية الدولة التي يفترض أن تحرص على إرساء مرتكزات المشاركة والعدالة الاجتماعية وتوفير مقومات العيش الكريم.وحيث أن المرسوم الأول المشار إليه أعلاه نتج عنه حرمان خريجي المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين من التوظيف بعد اجتياز امتحانات التكوين بنجاح وتم الاقتصار على منحهم شهادة التأهيل دون التوظيف والتعيين في سلك الأساتذة،كما تم اشتراط ورهن التوظيف والتعيين بفتح واجتياز والنجاح في مباراة أخرى مشروطة بالتوفر على المناصب المالية المخصصة لها،وبذلك،واعتمادا على مقتضيات المرسوم المذكور يصبح المعني بالأمر المجاز مضطرا الى اجتياز مباراة أولى تمكن من الولوج إلى المركز،ومباراة ثانية عند نهاية التدريب والتخرج من المركز والحصول على شهادة التأهيل،والمباراة الثالثة وهي الحاسمة إذ هي التي تعتمد للتوظيف،في تراجع خطير لوزارة التربية الوطنية عن المقتضيات التي توجب أن يتم التوظيف مباشرة بعد إنهاء التكوين،ومساس بأهم القطاعات،وتقليص اختصاصات المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين وتقزيمها بتجريدها من اختصاص التوظيف بحجة اتباع سياسات تقشفية لا تعدو أن تكون بمثابة إجهاز على حقوق شريحة من المواطنين المهضومة حقوقهم"،أما بخصوص المرسوم الثاني،تضيف الأستاذة المحامية "فإنه لا يقل إجحافا عن الأول ذلك أنه نص على تقليص المنحة الشهرية للمترشحين المقبولين في سلك تأهيل أطر هيئة التدريس من 2454 درهما الى 1200 درهما،والسؤال المطروح هل المنطق والواقع وغلاء المعيشة والتهاب الأسعار يقتضي رفع قيمة المنح أم خفضها؟ كيف يعقل أن يتم التباهي بمواجهة المعضلات الاجتماعية من زيادة منح الطلبة وزيادة أجور الأغنياء ودعم الصناديق المختلفة ويتم تخفيض منح هذه الشريحة في ضرب صارخ وخرق سافر لمبدأ الحق المكتسب وتوفير ظروف العيش الكريم وتكريس مبدأ إغناء الغني وإفقار الفقير،خصوصا إذا علمنا أن الطالب المتدرب مطالب بأداء مبالغ الكراء ومتطلبات العيش من حاجيات ضرورية وكتب وأدوات البحث وقد تمت معاينة حالة طالبات متدربات يشتغلن كخادمات بيوت في الساعات التي تسمح بذلك من أجل ضمان ظروف العيش وأداء مختلف المصاريف كما يعمد البعض إلى بيع أغراضه عند تأخر صرف المنحة أو عدم كفايتها من أجل مواجهة المصاريف ثم يأتي المرسوم ليضرب جيب هذه الشريحة عن طريق الانتقاص من المنحة الى النصف؟؟ كيف يعقل أن نتحدث عن رفع المستوى ومواجهة تدني المستوى التعليمي إذا كان رجل التعليم يعاني من أزمات مادية خانقة وهو المسؤول عن تربية وتكوين الأجيال،في الوقت الذي تستفيد شرائح أخرى من ظروف العيش الميسر وفي الوقت الذي نجد فيه دستور المملكة ينص على أن الدولة تعبئ كل الوسائل لتيسير استفادة جميع المواطنين على قدم المساواة من مجموعة من الحقوق المنصوص عليها في الفصل التاسع.لذلك ونظرا لحالة الاحتقان الشديدة وحالة الإحباط الذي أصاب شريحة الاساتذة المتدربين نتيجة الحيف اللاحق بهم نتيجة المصادقة على المرسومين المشار إليهما أعلاه واللذين لم يتم نشرهما بالجريدة الرسمية الا بعد ولوج المعنيين بالأمر مراكز التكوين،في خرق سافر لمقتضيات الفصل السادس من الدستور الذي ينص على عدم رجعية القوانين"،وساءلت الوزير بعد التزامها بالوعود التي قدمتها لأعضاء التنسيقية الوطنية للأساتدة المتدربين،عن الاجراءات التي ينوي القيام بها من أجل إعادة الأمور إلى نصابها في دولة القانون،ورفع الحيف والإجحاف اللاحق بالأساتذة المتدربين. وفي ظل تعنت الحكومة المغربية في الاستجابة لمطالب الأساتذة المتدربين ومحاولتها التملص من مسؤولياتها،وانسجاما وخلاصات المجلس الوطني المنعقد في الرباط بتاريخ 18 دجنبر 2015،والذي تم من خلاله تسطير برنامج نضالي وطني تصعيدي من أجل انتزاع حقوقهم العادلة والمشروعة والمتمثلة أساسا في إسقاط المرسومين المشؤومين،تم انعقاد المجلس الإقليمي للتنسيقية الوطنية للأساتذة المتدربين بالمراكز الجهوية بالمغرب فرعي وجدة بودير ووجدة المسيرة يوم الثلاثاء 29 دجنبر المنصرم بالمركز الجهوي فرع بودير،والذي قرر تنظيم اعتصام جزئي إنذاري يوم الخميس 31 دجنبر الماضي أمام مقر الأكاديمية الجهوية بمدينة وجدة.كما عقدت ندوة فكرية بعنوان "المدرسة والوظيفة العموميتين الواقع والرهانات" عرض فيها شريط فيديو عرف بنضالات الأساتذة المتدربين،وقدم فيه الأستاذين مصطفى الصادقي وعبد القادر حلوط عرضين قيمين أكدا فيه أن ما يميز حركة الأساتذة المتدربين أنهم متحررين من أي سياق تنظيمي،كما تطرقا للسياق العام الذي جاء فيه إخراج المرسومين،وأن الذي لا يتحدث عنه الجميع هو خدمة المقاولة أي القطاع الخاص وأن تكوين الأساتذه هو آخر ما تاجرت فيه الوزارة بعد تجارتها على سبيل المثال في الكتاب المدرسي وكيف تحولت دور النشر إلى متدخل أساسي في منظومة التربية،وأن دور النشر اغتنت من وراء ظهور الأطفال مثال سبعة كتب ملزمة وأربعة إضافية وموازية في القطاع الخاص،ووصول عدد المؤلفين في عام 2010 الى 2100 مؤلف تحركهم دور النشر مع فرض أسماء بارزة ومتداولة في العديد من الكتب لتظهر بأن الرأسمالية تتلاعب بمنظومة التربية،والمتاجرة الثانية هي المدرسة الخصوصية وتوقيع اتفاقية 2007 مع إعفاء القطاع الخاص من العديد من الرسوم وتراخيص افتتاح المدارس تمنح في ظروف مزرية مثال "بيت ومطبخ يعطيوك رخصة مدرسة…"،علما أن التعليم الخاص بالمغرب لا يحل الاشكال التربوي بالمغرب في حين أن إشكالات التعليم العمومي ليست تربوية وإنما بنيوية كالاكتظاظ وقلة الإمكانات،بينماالتعليم الخاص لا يلتزم بالمناهج التربوية المسطرة من طرف الوزارة،والمتاجرة الأخيرة هي بالمتاجرة بالأستاذ عبر فصل التكوين عن التوظيف وتوفير جيش من الأساتذة للقطاع الخاص بشروط مجحفة لا تحترم كرامة الأستاذ وبدون ضمانات الترسيم والتقاعد وهذه خطيئة في حق الأجيال المقبلة.وأكد المحاضران أن نضالات الأساتذة تعتبر نبراس نور لكل الحركات الاحتجاجية بالمغرب،متسائلين عن أسباب قمح حركتهم،حيث لا يمكن أن يتكامل القطاعين العام والخاص في المجالات الاجتماعية،وأن سياسة الدولة تسير بذلك نحو تقوية القطاع خاص على حساب المدرسة العمومية،وويجوب البحث عن الأسس التي أخرجت المرسومين.