بسيطة، متواضعة، تحترم الآخرين وجديرة بالاحترام، تلك هي سمية جبار، المرأة التي ترسخ بكوت ديفوار نموذج الشابة المغربية التي نجحت في اندماجها في بلاد الاستقبال، دون أن تتخلى ولو للحظة عن الترويج لتقاليد الأجداد ولصورة المغرب في خدمة التقريب بين ثقافتي البلدين. سمية (26 سنة) التي حلت بكوت ديفوار سنة 2005 في إطار عقد ترابط زوجي، تمكنت في ظرف وجيز من عقد روابط أخوية وودية مع الإيفواريين من مختلف مشاربهم، وباتت تشاطرهم بشكل شبه يومي قيم الاحترام والانفتاح مرجعيتها في ذلك فرادة وغنى ثقافة وتقاليد المملكة. وتشكل سمية التي تحظى بالتقدير لجاهزيتها وصرامتها في العمل وكرمها المتواصل، وحبها وحسها الإنساني الجليين، تجسيدا بليغا لنموذج المرأة "السفيرة" التي يمكن للمملكة أن تفخر بها. لا تدخر هذه الشابة، وهي مهندسة دولة في المحاسبة، أي جهد لتكون على الدوام حاضرة في مختلف الأنشطة التي تحل بها المملكة ضيف شرف على الأرض الإيفوارية، وكذا لتقدم دعمها لكل من يحتاجه، مستندة في ذلك على قيمها الذاتية مع التضحية من وقتها ووقت طفليها. وبالنسبة لها، فإن الأمر لا يتعلق بمجرد الحضور في الأنشطة بمناسبة زيارة وفود مغربية لكوت ديفوار، وإنما بانخراط فعلي ومساهمة متواصلة وبعيدة في الغالب عن الأضواء، من أجل إنجاح العديد من الأحداث الكبرى، وذلك بفضل أجندة عناوين غنية تتوفر عليها، وشبكة علاقات متميزة تحافظ عليها قدر المستطاع. هي "امرأة استثنائية" بنظر جميع من تعاملوا معها من الذين يولون لها الاحترام الذي تستحق سواء كانوا إيفواريين أو من أفراد الجالية المغربية المقيمة بهذا البلد. وعلاوة على أنشطتها الإنسانية والفكرية والمهنية، تترأس سمية جبار جمعية "الأمل للشباب المغاربة بكوت ديفوار"، صاحبة العديد من المبادرات والمشاريع. كفاءاتها، وسلاسة اتصالاتها، ويسر التعامل معها باعتبارها اجتماعية الطبع، وكذا براغماتيتها، وحس المسؤولية الذي تتمتع به، وفعاليتها ونكرانها للذات، كلها أمور جعلتها تحظى بلقب "جوكر أبيدجان"، وهو اللقب الذي يروق للمقربين منها. في بيت الزوجية، ترتدي سمية جبة أخرى، هي جبة المرأة التي تتحمل كامل مسؤوليات الأم الحاضرة رغم الانشغالات خارج المنزل. وهي لا تدخر في ذلك أي جهد لتلقي لطفليها تربية جيدة مرجعيتها في ذلك قيم ومبادئ الإسلام المتسامح والمنفتح، والمغرب الذي تحيطه بكامل حبها وشغفها. وفي واقع الأمر، فإن سمية ليست الوحيدة التي تضطلع بهذا الدور في كوت ديفوار، ذلك أن نماذج السفيرات المغربيات والمناضلات الحقيقيات بهذا البلد كثيرات، كما هو الشأن بالنسبة لمينة القرزابي حيدرة، الأم لثلاثة أطفال من زواج مختلط، وامرأة الأعمال النشيطة جدا في مجال الإنعاش العقاري، والمناضلة الجمعوية في خدمة المرأة المغربية بكوت ديفوار. حيدرة التي توجد بالأرض الإيفوارية منذ سنة 1993، نموذج للمرأة المغربية متعددة المواهب، والمحترمة والمندمجة على أفضل نحو، المنخرطة في تقريب وتعزيز علاقات الصداقة والأخوة المغربية الإيفوارية. كفاءاتها مكنتها من أن تصير مستشارة جماعية مكلفة بالتعاون اللامركزي في جماعة دابو الإيفوارية، وهو ما يشكل دلالة على الثقة المستحقة لهذه السيدة التي تعمل على الدوام من أجل تعزيز علاقات الصداقة والأخوة بين المغاربة والإيفواريين. نموذج آخر متألق للنساء المغربيات بكوت ديفوار، يتعلق الأمر هنا بكوثر موفق، التي انخرطت منذ استقرارها بكوت ديفوار باعتبارها إطارا عاليا في مختبر للصيدلة، في الترويج لإشعاع صورة المغرب من علاقات نسج روابط مع الإيفواريين، وإحداث صفحة على شبكة للتواصل الاجتماعي تحمل اسم "سفراء المغرب" تتكفل بتطعيمها وتحيينها يوميا. هن أطر عليا، صاحبات مشاريع، وسيدات أعمال، ومناضلات جمعويات، وكذا ربات بيوت.. مغربيات بكوت ديفوار لا يدخرن جهدا ويساهمن بشكل ملحوظ في إنجاح اندماج المغاربة داخل المجتمع الإيفواري. المتزوجات منهن يحملن العبء نفسه، عبء تربية أبنائهن وتلقينهم قيم السلام والتسامح واحترام الاختلاف والآخر، وحب المغرب والتشبث به دون التخلي عن صلتهن ببلد الاستقبال. ولا حاجة للإشارة إلى حالات المغربيات اللواتي يشتغلن في مجال الطبخ وتحضير وجبات مغربية ليمنحن بذلك، وإن من دون وعي، هدية للعديد من أفراد الجالية المغربية بكوت ديفوار. ومقهى السعادة الواقعة بتريشفيل، والتي تشرف على تسييرها نورا، وهي مغربية أيضا، تشكل محلا لا محيد عنه ونقطة لقاء بالنسبة للعديد من مغاربة أبيدجان. هكذا إذن، تمكنت مغربيات كوت ديفوار من فرض ذواتهن، فعلوا ذلك بفضل تضحياتهن، وصبرهن النموذجي، ومثابرتهن في مواجهة المصير وتجاوز التحديات. * و.م.ع