"إنّه عريسُ الليلة"؛ بهذه العبارة قدّمت المذيعة سميرة الأشهب الفنّان والمُلحّن المغربي عبد العاطي أمنّا لمُستمعي الإذاعة الوطنية، في سهرةِ "ليلة الوفاء"، التي خُصّصت لتكريم أحَد أبرز أعمدة الأغنية المغربية، والتي سيتم بث حلقتها لاحقا. سميرة الأشهب سافرتْ بمستمعي الإذاعة الوطنية في رحلةٍ نوستالجية إلى أيّام "الزمن الجميل"، باستضافة عبد العاطي أمنّا بيْن جُدران "استوديو 1" بمبنى الإذاعة، التي خَطَا "عريسُ ليلة الوفاء" بيْن استوديوهاتها أولى خَطواته نحوَ التألّق في سماء الإبداع الفنّي. ففي سنَّ الثالثة عشرة، التحق الفنّان والمُلحّن عبد العاطي أمنّا بالإذاعة الوطنية؛ كانَ ذلك سنة 62 من القرن الماضي، وهُوَ ما مهّد له الطريقَ للاحتكاك بمجموعة من الفنانين الروّاد، فانطلقَ يشقُّ مسار الإبداع إلى أنْ صارَ بدوره واحدا من أبرز رواد الأغنية المغربية. "إذا كانَ المصريون يفتخرون بأهرامات الجيزة، فنحنُ المغاربة نفتخر بجبالنا الشامخة، واليومَ نحتفي بأحد هذه الجبال"، يقول المطرب فؤاد الزبادي، في شهادته في حقّ عبد العاطي أمنّا، ويُضيف: "طوبى لك أيّها الملحّن العظيم". "استوديو 1"، وهُوَ واحد من أقدم استوديوهات الإذاعة الوطنية، كانَ قِبْلة لمجموعةٍ من أصدقاء "العريس" المُحتفى به، كمَا سمّته سميرة الأشهب، من فنّانين مغاربةٍ بصموا الساحة الفنّية، ومنهم فتح الله المغاري، وعبد الله عصامي، وفؤاد الزبادي، ومحمد الغاوي... واعتبرتْ سميرة الأشهب أنَّ تكريمَ الفنّان والملحّن عبد العاطي أمنّا هو "مُصالحة" مع شباب الجيل الحالي، الذي غابتْ عنْه مجموعة من إبداعات رواد الأغنيّة العصرية المغربية، وباعتزاز تابعتْ: "فخْر للإذاعة الوطنية أنّها أنتجتْ هذه الأغاني، وفخْرٌ لها أنّها حافظتْ عليها". واسترسلت مقدّمة "ليلة الوفاء" أنَّ سهرةَ تكريم الفنان عبد العاطي أمنّا، التي تُعتبر امتدادا لمجموعة من السهرات الفنيّة التي تُقدّمها الإذاعة الوطنية، "هي دعوة لنحلّق في عوالم الزمن الجميل للأغنية المغربية"، مُردفة: "لا نُريد أنْ نغيّب عن الشباب الحسّ الوطني من خلال الأغاني العصرية التي أنتجتها الإذاعة الوطنية". أحدُ أصدقاء المُحتفى به، وهوَ محمد الغاوي، قالَ إنَّ صاحبَ فكرة "ثلاثي أمنّا" التي انتشر صيْتها في العالم العربي، يستحقّ كلّ التكريم، لما أسداه للوطن من خدمات جليلة في الموسيقى والغناء، بعْدَ نصف قرن من العطاء. وأردفَ الغاوي أنَّ الفنّانَ عبد العاطي أمنّا يعتبر من أكبر الملحّنين الذين يعرفون أدقّ تفاصيل الإيقاع المغربي، وهُوَ من أصعب الإيقاعات، ونهلَ منها ووظّفها في تلحين أغانٍ مشهورة، مثل "فوقاش تغنّي يا قلبي"، التي أدّاها الراحل محمد الحياني، ومضى الغاوي يقول: "مَا أسْداه الرائد أمنّا للفنّ وللمغرب عموما من خدمات سيشهد له بها التاريخ". وبعبارات الإعجاب ذاتها، تحدّث المطربُ فتح الله المغاري عنْ صديقه المُحتفى به، مُنوّها بقدرته الكبيرة على تركيب أعقد المقطوعات الموسيقية، وذهبَ المغاري في الشهادة التي أدْلى بها في حقّ "عريس سهرة ليلة الوفاء"، إلى القول إنَّ عبد العاطي أمنّا لهُ قدرة خارقة على "تلحينِ كلّ شيء"، وتابع مازحا: "تْعطيه الجريدة الرسميّة يْلحّنها". وأشادَ المطرب محمود الإدريسي بالأخلاق العالية للمحتفى به، قائلا: "نحنُ نفتخر بكلّ أعماله. لقدْ أعطى الشيء الكثير للأغنية المغربية طيلة أكثر من أربعين عاما، وكانت تصرّفاته كلها أخلاق ورقّة في المعاملة، وكانَ أصيلا وسيظلّ كذلك"، وختمَ الإدريسي شهادته بالقول: "إنّه إنسان مَا مْنّوش جُوجْ، هو إنسان فريد". أمّا "العريس" فاعتبرَ تكريمه في المكانِ الذي كانتْ منه انطلاقته الفنّية، داخلَ الإذاعة الوطنية، "شُحنة إضافيّة للمُضيّ نحوَ المستقبل".