لحظة استثنائية، مفعمة بالحب والتقدير والاحتفاء دامت ساعتين بالتمام والكمال، تلك كانت لحظة تكريم واحد من رواد الأغنية المغربية العصرية وصانعي مجدها ومزخرفي رونقها، عبد العاطي أمنا. التكريم، تم على أثير الإذاعة الوطنية حضن الرواد وخازن ذاكرتهم الفنية المتألقة، من خلال برنامج "ليلة الوفاء". وحلقة يوم السبت 27 فبراير 2016 من "ليلة الوفاء"، جمعت في لحمة إنسانية مجموعة من رواد عالم الأغنية المغربية، الذين هبوا وظللوا المحتفى به بجناح المحبة والتقدير، تتقدمهم معدة ومقدمة البرنامج وأيضا مديرة القطاع الإنتاج العربي بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون، سميرة لشهب. "أحداث أنفو"، حضر أجواء السهرة وكواليس تسجيلها بالإذاعة الوطنية يوم الخميس 25 فبراير 2016، وينقلها من خلال المادة الموالية. صاحب الأنامل الذهبية المتواضع والكريم الخلق هو بلا منازع واحد من أمهر عازفي العود المغاربة، بل وملكهم مثلما قد لا يتجرأ أحد من محترفي عزف العود أو غيره من الآلات الموسيقية المتعددة منازعته هذا اللقب أوجعل استحقاقه له موضع شك . وأيضا، يسند هذه الموهبة الفذة بخصال كثيرة تعكس حسن الخلق. الكرم، التواضع، المهارة، الرصانة، الحكمة، الهدوء، الصبر… عديدة هي الصفات، التي اجتمعت في شخص عبد العاطي أمنا، ابن حي العكاري الرباطي العريق، والتي أجمعت حولها شهادات المحتفين به بالبرنامج الإذاعي "ليلة الوفاء". هام بالموسيقى، فهامت به والتحق موظفا بمكتب الحسابات بالإذاعة الوطنية لأجل أن يقترب من عالم الفن والموسيقى، مثلما اعترف، ليجد نفسه في قلب مصنع الإبداع الفني المغربي في بدايات السبعينيات . مصنع نشيط محتدمة وتيرة إنتاجه، ليتحول في ظرف قياسي إلى واحد من أعمدة هذا المصنع ومحركي عجلة الإنتاج به. وبالفعل، أضحى واحدا ضمن تشكيلة نخبة الفن المغربي في فترة ذهبية، امتدت امتداد السبعينيات ، وضمت أسماء لامعة من مثل عبد القادر الراشدي، وأحمد البيضاوي، وعبد الله عصامي، والكواكبي، ومحمد بنعبدالسلام… فترة، حقق فيها الموسيقيون والملحنون والشعراء الرقم القياسي إنتاجيا فأبدعوا جواهر الريبرتوار الغنائي والموسيقي المغربي. أعطوا أفضل ما لديهم ، ورسخوا عطاءاتهم خالدة إلى الحد الذي يصعب معهم تعويضهم . "عريس" ليلة الوفاء في عين أصدقائه وعشاقه سمته معدة ومقدمة البرنامج سميرة لشهب، ب"العريس". وجمعت حوله من يحبهم ويبادلونه الشعور ذاته أو أكثر ويُقدرون عطاءه ويحترمون شخصه المتواضع والمتعاون. وذلك في ليلة وفاء، قالت إنها تدخل في صميم واجب الإذاعة الوطنية مع من صنعوا مجدها في فترات من الزمن. واجب الالتزام بعهد الوفاء لهم. ساعتان، هما عمر البرنامج مرتا كأنهما هنيهات عابرة . لكنهما كانتا مفعمتان بالفن الأصيل والحنين القوي إلى الزمن الجميل، التي تنتفي فيه إكراهات الوقت أمام سطوة الإبداع الصادق والهادف والوازن. والبداية، انطلقت برمزية قوية مع تأدية فرقة الإذاعة الوطنية لرائعة "صوت الحسن ينادي" بحضور مبدعيها، كلماتا، فتح الله المغاري، ولحنا، عبد الله عصامي. وكان الأداء جماعيا شارك فيه الحضور لينفث الحماسة في الأجواء ويعلنها سهرة طرب واستعادة استثنائية. توالت فيها الأغاني التي لحنها أو أداها المحتفى به أو "العريس"، عبد العاطي أمنا، والشهادات التي قيلت في حقه. فكانت الأغاني كالتالي: "هادي ثلت يام يا الناس" (أدتها الفنانة إيمان الوادي)، "فرحة العمر" (قدمتها صاحبتها عتيقة عمار)، "شوفو الهوى ما يدير فيا"، التي كتب كلماتها فتح الله المغاري، وأداها عبد الهادي بلخياط (أدتها للبرنامج نجلة عبد العاطي أمنا هدى أمنا)، "وقتاش تغني ياقلبي"(للراحل محمد الحياني أداها عبد المطلب عضو الكورال بفرقة الإذاعة الوطنية)… أغنيات معدودة تم اختيارها بعناية من قبل الساهرين على البرنامج، بل إن مقدمته سميرة لشهب اعترفت قائلة: "حقا احترت وصعبت علي المفاضلة بين أعمال سي عبد العاطي أمنا عند اختيار الأغاني لإدراجها ضمن البرنامج.. فكلها أعمال جميلة وخاصة". "العريس" بدا فرحا بالاعتراف الذي حظي به. وقال :"يكفيني أن أجد حولي الوجوه التي أحب وتُحبني بصدق وبلا تزلف ونفاق. سعادتي لا تقترن باحتفاء ضخم أو مبهرج.. سعادتي أستمدها من الاعتراف الحقيقي المتواصل في غير انقطاع .. ألمسه تلقائيا عند الناس بشكل عام وعند ذويي ومعارفي بشكل خاص". الشهادات، كلها نُسجت بخيوط المحبة والتقدير والاحترام والاعتراف بالعطاء . وألسنة أصحابها توحدت في ذكر مناقب الرجل الشخصية ومواهبه الفنية. وهكذا توالى على الميكرفون كل من محمد الغاوي، الذي حيا :"أستاذا ورجلا فذا"، وفتح الله المغاري، الذي أطرى على "صديق حميم ومقرب جدا"، وفؤاد الزبادي، الذي أشاد ب"عبقرية الملحن وخفة روحه الموسيقية وضبطه للإيقاعات والموازين"، ومحمود الإدريسي، الذي وصف المحتفى به بأنه "مرجع من المراجع الفنية وقامة فنية كبيرة"، ومولاي احمد العلوي، الذي أثنى على "رجل عظيم الخلق وعفيف وفنان متكامل وشامل وخلاق"، و عبد الله عيصامي، الذي أشاد ب"أخ وصديق صدوق ومنظبط وخدوم ومحب للجميع"، والمطربة عزيزة ملاك، التي أثنت على "حس فني عالي ونفس إبداعي متجدد ومخترق للمجالين الفضائي والزماني لا يبلى تعكسه الأعمال التي يبدعها الحاج عبد العاطي أمنا". ثم جاء دور عضو مجموعة تاكدة الروداني، الذي أثنى على "رجل صادق وشهم وكريم لا يبخل بمد يد العون والمساعدة للمبتدئين". ثم، صنعت سميرة سعيد الحدث باتصالها بالبرنامج لتقول شهادتها في حق صديقها وصديق العائلة "الحاج عبد العاطي أمنا".. إذ قالت الديفا "هو أخي الذي لم تلده أمي، و صديقي منذ الصغر. جمعتنا أعمال مشتركة كثيرة، وطنية وغير وطنية، لكن تظل أغنية "بطاقة حب" التي شارك بها المغرب كأول بلد عربي وأفريقي والوحيد إلى الآن في مسابقة "الأوروفيزيون" من أجمل الأعمال التي قدمتها وأعتز بها في ريبرتواري. ونشتغل على مشروع أغنية وطنية جديدة ستكون تتويجا لعلاقة العمل والصداقة التي تجمعنا".