يتصدر الملف الليبي، واحتمال تدخل عسكري غربي في الأراضي الليبية، اهتمام الدول المغاربية، التي تقوم باتصالات دولية للبحث عن مخرج من المأزق الليبي، الذي يبدو أنه بات يهدد أمن المنطقة برمتها. وحضر الملف الليبي بقوة خلال اللقاء الأخير الذي جمع الملك محمد السادس مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، كما أن كلا من الرئيس التونسي ورئيس الوزراء الجزائري يعملان على إقناع الدول الغربية بعدم التدخل عسكريا في ليبيا. ويعمل كل بلد مغاربي في هذا الصدد على حدة، دون الخروج بموقف موحد من الواقع في ليبيا؛ وهو الوضع الذي فسره البعض بالخلافات بين دول المنطقة، التي أرخت بظلالها على توحيد الرؤية تجاه الحاصل في ليبيا، التي باتت ملجأ مقاتلي "داعش" بعد تضييق الخناق عليهم في العراق وسوريا. ويرى إدريس لكريني، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض في مراكش، ورئيس منظمة العمل المغاربي، أنه يتعين على الدول المغاربية أن تتعاطى مع الملف الليبي بكونه تهديدا أمنيا للمنطقة، "وبالتالي يجب أن تتجاوز الخلافات بينها وتعمل على توحيد الرؤية، بما يسمح بالاهتداء إلى حل للأزمة في ليبيا". ولفت لكريني إلى أن الواقع في ليبيا يذكر بما وقع في مالي، إذ كانت الجزائر من معارضي التدخل العسكري لإيقاف زحف الجماعات المتطرفة، في المقابل كان المغرب يرى أنه يجب التعامل بحزم مع التهديد الإرهابي، "وما أن اكتوت الجزائر بنار الإرهابيين القادمين من مالي حتى باتت مع التدخل العسكري لوقف تنامي نفوذ هذه الجماعات"، على حد قوله. وشدد لكريني على أن الخلاف بين الدول المغاربية "سيؤثر سلبا على الأوضاع في ليبيا"، مواصلا بأن "واقع الحال يقول إن الحلول الودية تم استنزافها في ليبيا، خصوصا أن الطرف الليبي لم ينجح إلى حد الآن في تنزيل مقتضيات اتفاق الصخيرات على أرض الواقع، بالإضافة إلى تنامي قوة التنظيمات الإرهابية في ليبيا"، مردفا بأن "الوضع في ليبيا بات يطرح على دول المنطقة تحديا جديا، وكلما تأخر الحل كلما زاد التهديد الأمني لدول المنطقة"، حسب تعبيره. وتحاول تونس أن تجنب نفسها حمم التدخل العسكري في ليبيا، وهو ما يظهر من خلال تكرار زيارات الخارجية التونسية إلى الجزائر للتنسيق في ما يتعلق بالملف الأمني. كما تم إلغاء زيارة لرئيس الحكومة التونسية، لحبيب الصيد، إلى المغرب، وكانت على رأسها أولوياتها الأوضاع في ليبيا. واعتبر لكريني أن ليبيا "باتت أمام خيارين أحلاهما مر؛ إما استمرار الارتباك الأمني الذي تستفيد منه الجماعات المتطرفة، التي تستغل وفرة الأسلحة في البلاد، أو أن تتحمل التدخل العسكري الغربي، خصوصا أن دولا أوروبية تنظر بعين الريبة إلى ما يحدث فيها، وتعتبر تواجد "داعش" في هذا البلد المغاربي تهديدا مباشرا لها، كما يشكل تهديدا للدول المغاربية، مع استحضار وجود جنسيات مغاربية ضمن مقاتلي تنظيم الدولة في ليبيا".