ماذا تبقى من حركة 20 فبراير بعد خمس سنوات من انطلاق أولى مسيراتها الاحتجاجية سنة2011؟..كان هذا السؤال الذي حاولت هسبريس الإجابة عنه، بمناسبة تخليد شباب الحراك المغربي للذكرى الخامسة للاحتجاجات التي أفرزت "خطاب 9 مارس"، والذي أنتج دستورا جديدا، وانتخابات سابقة لأوانها أفرزت حزب العدالة والتنمية قائدا للحكومة. حمزة محفوظ، أحد شباب الحراك الذين رفعوا الشعارات المُطالبة بإسقاط الفساد والاستبداد، وتحقيق الكرامة والعدالة الاجتماعية، يرى، في تصريح لهسبريس، أن حركة 20 فبراير وإن لم تحقق الهدف الأساسي الذي خرجت من أجله، وهو الفصل الحقيقي بين السلط والقصر، فهي حققت الكثير من الأهداف التي لا تقل أهمية عنه. من جانبه يؤكد محمد مصباح، الباحث في علم الاجتماع السياسي، أنه "لم يتغير الشيء الكثير خلال السنوات الماضية بالنسبة لحركة 20 فبراير"، موضحا أن "أداء الحركة تراجع مباشرة بعد مغادرة جماعة العدل والإحسان نهاية 2011، مما جعلها بمثابة هيكل فارغ رغم محاولات إحيائها بين الفينة والأخرى". الحركة انتهت محفوظ قال لهسبريس إن الشباب يساهمون في تحفيز وتحجيم وإحراج السلطات، وأحيانا قمع الممارسات التي تدخل ضمن نفوذ القصر وقراراته، موضحا أن "هؤلاء تجاوزوا الحركة التي انتهت في تقديري"، يورد المتحدث نفسه. واستدل القيادي السابق في الحركة، ضمن تنسيقية الدارالبيضاء، بما قال إنه "حزب فيسبوك" الذي أصبح رئيس الحكومة وقيادات الأحزاب تحتاط منه، وجمعيات المجتمع المدني التي تتابعها وتتحرش بها الدولة، مركزا على "الديناميات الثقافية والإعلامية والبحثية المختلفة". "بعد خمس سنوات، يبدو أن الدولة وأذرعها تتبنى سياسة العصا والجزرة، فتحاول إغراء بعضهم للاحتواء والتجاوز، أو تمر للقمع والسجن"، يقول محفوظ، الذي أوضح أن "الدولة لم تنتبه إلى أن إدماج أو قمع كتلة بسيطة من الشباب ليس حلا"، منبها إلى أن هذه السياسة "ستؤسس احتجاجات جديدة، لا يُعرف الشكل الذي ستتخذه، لكنها ستكون صاخبة بدون شك". ويرى محفوظ أن "قواعد اللعبة ما تزال فاسدة، وبعيدة عن الشفافية، ما دام الظلم والريع واللامساواة ونهب المال العام مستمرا، فستخرج الاحتجاجات، وسيطالب الناس بحقوقهم"، مبرزا أن "مطالب 20 فبراير، كانت بمثابة خارطة طريق للخروج من الأزمة، قادها جزء من الشعب المغربي، ليقول من هنا مخرجنا جميعا". فشل ضمان الاستمرارية واعتبر محمد مصباح أن الحركة لم تكن تمتلك قوة في ذاتها، ولكن السياق السياسي والإقليمي كان حاسما بالنسبة لها، مضيفا أنه "لو لا محمد البوعزيزي، ونجاح الثورة التونسية في إسقاط الرئيس زين العابدين بن علي بشكل سلمي، لم تكن حركة 20 فبراير لتنجح في تسخين المشهد السياسي بالمغرب". وأكد الباحث في مركز كارينغي أن 20 فبراير فشلت في ضمان الاستمرارية وتحقيق التراكم في عملها نتيجة عدة عوامل، لافتا الانتباه إلى أنها "تفتقد إلى قيادة تنظيمية وكاريزمية، وهي ميزة تشترك فيها مع حركات الاحتجاج الشعبية التي ظهرت في العالم العربي خلال 2011". وفي هذا الاتجاه، أكد مصباح أن الحركة "افتقدت لرؤية إستراتيجية وميكانيزمات لتدبير الاختلاف بين مختلف مكونات الحركة"، مبررا ذلك بانطلاق الاحتجاجات يوم 20 فبراير 2011 بأربع أرضيات تأسيسية مختلفة، وكان الاختلاف الإيديولوجي والسياسي بارزا خصوصا بين الإسلاميين واليسار وبين أصحاب الملكية البرلمانية وأصحاب "السقف المفتوح". "الحركة لم تتمكن من التحول من حركة احتجاج إلى حركة اجتماعية وسياسية، فهي كانت دائما تقوم بردود الفعل على المبادرات التي تطرحها الدولة ولم تطرح بدائل عملية"، مضيفا أن "هناك نموذج ناجح عند جارتنا القريبة اسبانيا، فقد تمكنت حركة الاحتجاجات الشعبية التي كانت شبيهة بحركة 20 فبراير من التحول إلى حزب سياسي شاب يقود مبادرة سياسية ناجحة نسبيا في إطار حزب بوديموس". وأكد المحلل ذاته أنه "من الضروري الأخذ أيضا بالاختلافات البنيوية بين المغرب واسبانيا، لاسيما في ما يخص نضج النخب وترسخ المؤسسات السياسية، ثم اختلاف البيئة السياسية الإقليمية بين أوروبا والعالم العربي". ونبه الباحث السوسيولوجي إلى أن "الدولة نجحت في تدجين عدد من رموز حركة 20 فبراير، مما أثر على سمعة الحركة لدى الرأي العام"، مشددا على أن "هذه ليست الآلية الوحيدة التي استعملت، بل تم كذلك قمع الناشطين، وهو ما أدى أيضا إلى تراجع العديد منهم خوفا من السجن أو المشاكل التي يمكن أن تعترضهم نتيجة نشاطهم السياسي، مثل ما هو الحال بالنسبة لمعاذ الحاقد وغيره".