عندما قال رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، ذات يوم تحت قبة البرلمان، إن الجفاف عندما يصيب المغرب "نخاف على زروعنا، وثمارنا، ورجالنا، ونسائنا، وبهائمنا، وقرانا، ومدننا"، فإنه كان يدرك جيدا التأثيرات الكبيرة للجفاف على أمزجة المغاربة، وعلى قراراتهم في شتى مناحي الحياة. لكن السؤال الذي بات يطرحه البعض في سياق انحباس الغيث عن البلاد، خلال سنة انتخابية حاسمة، هو هل يمكن أن يؤثر الجفاف بشكل سلبي على نتائج الأحزاب المشكلة للحكومة، خاصة حزب العدالة والتنمية، في الانتخابات التشريعية المرتقب إجراؤها في السابع من أكتوبر المقبل؟ بلاجي: تأثيرات محدودة جدا ويجيب عن هذا السؤال الدكتور عبد السلام بلاجي، القيادي في حزب العدالة والتنمية، بالتهوين من تأثيرات "الجفاف" على نتائج "إخوان بنكيران" في الانتخابات، وقال، في تصريح لهسبريس، إن "الجفاف ظاهرة عالمية وليست خاصة بالمغرب، والحالة التي يوجد عليها المغرب هذا العام ليست حالة جفاف بالمعنى العلمي". بلاجي يشرح رأيه بأن المغرب يعاني من حالة نقص في الأمطار، بحيث بلغ معدل التساقطات في العام الماضي، إلى مثل هذا الوقت، 240 مليمترا، بينما تجاوز 80 مليمترا بقليل في هذا العام، ويتوقع أن يصل إنتاج الحبوب هذا العام حوالي 60 مليون قنطار، مقابل 110 ملايين قنطار في الموسم الفلاحي الماضي. البرلماني عن حزب "المصباح" اعتبر أن هذا النقص في التساقطات المطرية ستكون تأثيرات اقتصادية واجتماعية، لأن القطاع الفلاحي رغم أنه لا يساهم إلا بحوالي 18 في المائة من الدخل الوطني الإجمالي، فإنه يرتبط بحياة حوالي نصف سكان المغرب في العالم القروي". وتوقع بلاجي أن تكون التأثيرات السياسية والانتخابية للجفاف، أو نقص الأمطار، محدودة جدا، لأن "جل سكان العالم القروي تتحدد توجهاتهم السياسية والانتخابية بعوامل أخرى معروفة لدى الجميع، من قبيل توجيهات السلطة، والعوامل القبلية والشخصية في العملية الانتخابية". المتحدث أورد أن هناك عاملا آخر يقلص تأثير الجفاف على تصويت المغاربة، وهو أن الحكومة اتخذت تدابير عدة لمواجهة آثار النقص في التساقطات وتخفيف آثارها على القطاع الفلاحي وسكان العالم القروي، ولأن قطاعا مهما من سكان هذا العالم بدؤوا، مؤخرا، يقترعون سياسيا عوض تأثير السلطوية والقبلية والشخصية". مفيد: اعتبارات شخصية بدوره قال الدكتور أحمد مفيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة فاس، إن الظروف المناخية، بما فيها الجفاف، لا تعتبر عاملا مؤثرا بشكل كبير في الحياة السياسية بالمغرب، حيث إن "المغرب مر بسنوات عجاف في مراحل تاريخية سابقة، واستطاع المغاربة أن يتعايشوا مع هذه الظاهرة المناخية". وأفاد مفيد، في تصريح لهسبريس، بأن "الجفاف ظاهرة طبيعية لا دخل للبشر فيها، ولا يتحملون المسؤولية في حدوثها، كما أن شرائح هامة من الناخبين لا يهتمون بمعدل النمو، ولا بنوعية السياسات العمومية المقدمة لهم، ويركزون بشكل كبير على اعتبارات شخصية أو مصلحية في عملية التصويت". مفيد يوافق بلاجي الرأي بخصوص التأثيرات المحدودة للجفاف على نتائج الانتخابات، لأن "التصويت لا يعتمد بشكل كبير على طبيعة البرامج والسياسات المقدمة من قبل الأحزاب، بقدر ما يعتمد على الأشخاص والأعيان، والعلاقات العائلية أو الخاصة"، مبرزا أن "دور البرنامج في سياق الانتخابات المغربية يبقى جد محدود". وأورد المحلل ذاته أن "الجفاف لن يؤثر بشكل ملموس في نتائج الانتخابات التشريعية في أكتوبر المقبل"، لافتا إلى أن "ما من شأنه أن يؤثر هو طبيعة الإجراءات المتخذة لمكافحة الجفاف"، قبل أن يبرز أن حزب العدالة والتنمية قد يستفيد من هذه الإجراءات المعلن عنها، وهو ما يستشف من تصريحات رئيس الحكومة في جلسة المساءلة الشهرية بمجلس النواب يوم 2 فبراير الجاري.