تكررت حوادث نبش القبور في عدد من مناطق المغرب، لأسباب تتعلق في أغلب الأحيان بطقوس الشعوذة وأعمال السحر، وأيضا بسبب تصرفات منحرفين أو مشردين يأوون إلى هذه المقابر، وأحيانا أيضا جراء رغبة البعض في الانتقام من آخرين من خلال التمثيل بجثث الأموات. وفي مقبرة "الصديق" بالرباط، ضبط حفارون قبل أيام قليلة سيدة كانت تتصرف كأنها تزور قبر أحد معارفها، تنحني عليه للدعاء له بالرحمة، بينما كانت في الواقع تحاول نبش القبر، وأخذ أثر من جثة جارة لها، دفنت حديثا، وكانت بينهما عداوة قيد حياة المتوفاة، حسب حفارٍ للقبور. وعزا المتحدث ذاته واقعة نبش القبر، وغيرها من حوادث النبش التي يتم ضبطها وتقديم مقترفيها أحيانا إلى السلطات المعنية، إلى أسباب تتعلق بالشعوذة، إذ يتم في الغالب تسخير النساء من طرف "دجال" معروف في المدينة. وفي ضواحي مدينة سطات، نبشت سيدة أحد قبور مقبرة سيدي محمد بن عبد الله، والذي يعود لامرأة كانت تبلغ من العمر 52 سنة قيد حياتها، وكانت نزيلة بالمستشفى الجامعي ابن رشد بالبيضاء، ودفنت يومين قبل واقعة النبش، وتم ضبط الفاعلة متلبسة، لتحال على عناصر الدرك الملكي. وفي مقبرة جماعة بودينار بإقليم الدريوش، ضبط مواطنون قبل أيام خلت سيدة عمدت إلى نبش أحد القبور، في الساعات الأولى من الصباح، إذ تقل الحركية بالمقبرة، ليتم إيقافها وحجز ما كان لديها من أدوات نبش، وأوراق تتضمن رسومات وكلمات تحيل على عالم الشعوذة. وعلقت الباحثة في علم الاجتماع ابتسام العوفير على هذه الوقائع، في تصريحات لهسبريس، بأن الأمر يتعلق بأسباب اجتماعية كثيرة، منها الأعمال الشيطانية التي تمتح من طقوس الدجل والشعوذة، خاصة وسط الفئات الهشة، وشريحة من النساء الجاهلات أيضا. وأوردت الباحثة أن "ما يسمى السحر الأسود يعتمد في طقوسه كثيرا على جثة الميت، من أجل تلبية عدد من الرغبات الشيطانية والسيئة لزبناء مشعوذين ودجالين، همهم الربح ولو كان على حساب القيم، ومن ذلك ما يروج بأن استخدام جزء من جثة الميت يُروض الزوج الذي يصبح "خاتما" في يد زوجته". وأشارت المتحدثة ذاتها إلى "ما يسمى عند الكثير من العوام بفتل الكسكس بيد الميت داخل قبره، وهي وصفة يقدمها السحرة والمشعوذون أيضا إلى نساء جاهلات يرغبن في الهيمنة على أزواجهن، كما تفيد حسبهم أي شخص يريد إخضاع الآخر قسرا عن طريق السحر والشعوذة". وتابعت الباحثة بأن "هناك أيضا حوادث لنبش قبور تقع بسبب خصومات بين أفراد الأسرة الواحدة، أو بين الجيران، فيذهب بعض الحاقدين إلى نبش القبر، والعبث بجثة الميت، حتى يشيع بين الناس ما يفيد بسوء أحواله، مضيفة أن الكلاب الضالة أحيانا تكون رواء النبش، فيشيع الحديث كذبا عن نساء". وحسم الشرع في موضوع نبش القبر بأن قرر تحريم القيام بهذا الفعل من خلال العديد من النصوص التي تجعل حرمة الميت مثل حرمة الشخص الحي، كما في حديث: "كسر عظمِ المؤمن ميتا مثل كسره حياً". وقرر علماء المغرب ضمن فتوى سابقة، نُشرت في كتاب فتاوى الهيأة العلمية المكلفة بالإفتاء، أن القبر يعتبر وقفا مستمرا على من دفن فيه من موتى المسلمين، له حرمته وكرامته التي تجب مراعاتها، كما لو كان حيا يزرق، مؤكدين أنه "لا يجوز المساس به، ولا نقل رفاته إلى مكان آخر، إلا في حالات استثنائية خاصة ونادرة جدا".