تعاني مقابر المغرب من معضلتين كبيرتين، الأولى تتعلق بقلة المساحات المخصصة لدفن الموتى، حيث امتلأت العديد من المقابر، خاصة بالمدن الكبرى، والثانية ترتبط بالإهمال الذي يطال هذه المقابر إلى حد العبث بها، وتحويل بعضها إلى أماكن لممارسة الشعوذة والعربدة. وطالبت جمعيات مغربية تنشط في مجال العناية بالمقابر، الحكومة بالاهتمام أكثر بالقبور، من خلال إجراءات توفر المزيد من المقابر الجديدة بمعايير تحترم قدسية الموت، كما تتيح مراقبة أمنية لهذه المقابر من أجل الحد من بعض الممارسات المنافية لحقوق الإنسان. شعوذة وعربدة وتسعى بعض النساء الجاهلات إلى استخدام المقابر وسيلة لتحقيق مآربهن عبر طقوس الشعوذة، ومن ذلك النبش في القبر وفق تعليمات المشعوذ أو الساحر، من أجل استخراج عظم ميت أو أي شيء من بقاياه، أو رمي ملابس داخلية نسائية بالنسبة للفتيات غير المتزوجات. تصرفات الشعوذة هذه يؤكدها السيد رضوان، حفار سابق في إحدى مقابر العاصمة الرباط، حيث أكد أنه "كثيرا ما ضبط بنفسه إبان فترة عمله بمقابر مختلفة نساء يتربصن بالقبور لاستخراج بعض محتوياتها في غفلة من الحارس، أو بتواطؤ معه أحيانا". وتابع حفار القبور "إن ممارسات الشعوذة معروفة وسط المقابر، ومنها مثلا محاولة البعض جلب جمجمة ميت، أو قطعة من كفنه، وأيضا هناك وصفة شائعة يقبل عليها المشعوذون، وهي فتْل الكسكس بيد ميت بقبره بهدف إطعامه للشخص المستهدَف بالسحر". وترصد الصحافة المحلية أخبارا عن أشخاص ينتهكون حرمات الموتى باستخراج الجثث، أو الاتجار في عظام بشرية، فضلا عن ضبط العديد من العشاق داخل المقابر، وهم يحاولون سرقة لحظات متعة محرمة في ضيافة الموتى بعيدا عن أعين الفضوليين من الأحياء. إهمال المقابر وليست مظاهر الاعتداء على حرمة الموتى في المقابر المغربية هي وحدها ما دفع عددا من الفعاليات المدنية إلى دق ناقوس الخطر بخصوص وضعيتها المزرية، بل أيضا جراء اكتظاظ المقابر القديمة، وقلة المساحات المخصصة للمقابر الجديدة. وفي هذا السياق، أكدت الجمعية المغربية للتكافل الاجتماعي والحفاظ على حرمة المقابر، أن ثلاثة أرباع المقابر بالبلاد تعيش وضعية متردية تتسم بكثير من الإهمال، موضحة أن "المغرب يحتاج إلى 80 هكتارا يتم تخصيصها للمقابر كل سنة، جراء اكتظاظ المقابر الموجودة". وتوقع جواد الكوهن، رئيس الجمعية، أن يشهد المغرب أزمة حقيقية بعد ست سنوات في مجال توفير مقابر محترمة لموتى المسلمين، باعتبار أن البلاد لا تتوافر حاليا سوى على حوالي 3600 مقبرة في المدن والقرى، وهو رقم لا يتماشى مع عدد سكان المغرب. ودعا الكوهن إلى إحداث مقابر جديدة بمقومات توفر السكينة والحرمة الواجبة في حق الموتى، لتعوض النقص الفادح في عدد المقابر الموجودة، مشددا على "ضرورة رد الاعتبار لمساكن الموتى التي تحولت إلى أوكار لممارسة الفواحش والمنكرات"، وفق تعبير الكوهن.