في الوقت الذي كان ينتظر فيه "أساتذة الغد" فتح باب الحوار مع الحكومة، عقب ما يشبه "محاكمة برلمانية" لوزير التربية الوطنية والوزير المنتدب في التكوين المهني، بشأن مطالبهم القاضية بإلغاء مرسومين وزاريين أثارا الجدل، وتسببا في مقاطعة الدروس النظرية والتداريب التطبيقية، تعرضت مسيرات المحتجين لتدخلات وُصفت بكونها "الأعنف منذ بداية الأزمة". وأسفرت التدخلات الأمنية العنيفة في حق مسيرات مراكش، والدارالبيضاء، وإنزكان، ووجدة، وفاس، وطنجة، عن عشرات الإصابات، بعضها خطير، زيادة على اعتقالات وإغماءات، ما خلق فوضى عارمة في الشارع العام وتجمهر المارة حول المصابين، مع إنزال كثيف للعناصر الأمنية بأطياف متعددة. وأصيب زهاء 30 محتجا من "أساتذة الغد"، خلال التدخل الأمني ضد مسيرة مراكش المقامة بساحة الكتبية، وفق مصادر من عين المكان، بينها حالات تم نقلها صوب المستشفى، فيما تم تطويق باقي المحتجين في الساحة من طرف العناصر الأمنية. وعلمت هسبريس أن حوالي 32 آخرين أصيبوا على مستوى مدينة الدارالبيضاء، حيث تم تطويق مسيرة للأساتذة المتدربين في ساحة ماريشال، في الوقت الذي تم نقل "طالبة أستاذة" نحو المشفى بسبب إصابتها بضيق في التنفس، وآخر يعاني من تبعات مرض على مستوى القلب. التدخل الأمني في مدينة إنزكان لم يكن استثناء، وصفه البعض ب" الوحشي"، حيث أكد محمد قنجاع، عضو المجلس الوطني للتنسيقية الوطنية للأساتذة المتدربين بالمغرب، أن الإصابات طالت قرابة 100 من المحتجين، وتم نقل أغلبهم نحو المستشفى، بسبب خطورة إصاباتهم خاصة على مستوى الرأس. وأشار قنجاع، ضمن تصريحات لجريدة هسبريس، إلى أن باقي المعنفين قاموا بالتحصن داخل بنايات المركز الجهوي، خوفا من التعرض للعنف والقمع، وهو نفس الوضع الذي يعانيه المحتجون المحتجزون داخل المركز الجهوي بطنجة" بحسب تعبيره. من جهتها، أدانت الحقوقية خديجة الرياضي، ما أسمته "القمع المفرط" الممارس ضد الأساتذة المحتجين، معتبرة الخطوة مسا جسيما وانتهاكا للحق في التظاهر السلمي بالبلاد، وقالت إن فض قوات الأمن لاحتجاج أو تجمهر غير مرخص، يجب أن ينساق لآليات ومعايير قانونية مضبوطة ومعروفة. وأفادت الرياضي أن القوات العمومية تبالغ في العنف تجاه المحتجين، وتتموقع في مكان خارج القانون في قمع واضح لحريات التظاهر والتعبير، داعية الحكومة إلى فتح نقاش مع الأساتذة المتدربين، من أجل الوصول لحلول لهذه الأزمة، مؤكدة أن القمع لا يساهم إلا في الاحتقان، ولا ينتج إلا أفعالا غير مدروسة العواقب".