على بعد أيام قليلة من انعقاد المؤتمر الوطني الثالث لحزب الأصالة والمعاصرة، المزمع عقده بين 22 و24 يناير الجاري، "تصادم" قياديان من حزب "الجرار"، حيث وصف الأول الحزب ب"المعقد والمختنق"، بينما نعت الثاني زميله ب"المتحاذق"، واتهمه "بفقدان حس المسؤولية". وشهدت رحاب هسبريس سلسلة مقالات رأي، بدأها عبد اللطيف وهبي، الذي حرص على أن يوقعها بصفة "محامي ونائب رئيس مجلس النواب باسم الأصالة والمعاصرة"، رأى فيها الكثيرون نوعا من النقد الذاتي الجريء للحزب، بينما تساءل آخرون عن خلفيات توقيت نشر مثل هذه المقالات. وهبي فتح نقاشا ساخنا حول مرجعية "الأصالة والمعاصرة"، وبسط رأيه في ما يعتمل داخل الحزب طيلة سنوات من تأسيسه، وقبيل انعقاد مؤتمر حاسم سيضع خارطة طريق للاستعداد للانتخابات البرلمانية المقبلة، والتي ستتوج بحكومة جديدة قد تخلف حكومة "العدالة والتنمية". واعتبر وهبي أن ما هو متأكد منه بعد مرور أزيد من 4 سنوات على ركوبه "الجرار"، أن الحزب عصي عن الفهم، ومعقد الضبط، ويستوعب المنخرطين دون أن يستوعبوا هم طبيعته وخباياه، إذ يعيش بين السرية في أذهان قيادييه، لأنها من "ثقافة اليسار"، وبين العلانية في الوجود السياسي، لكونها "ثقافة القرب من النظام". القيادي في الحزب ذاته، سمير أبو القاسم، رد على هذه الجزئية، في مقال اختار له منصة هسبريس، بالقول إن الذي يجزم بأن الحزب "عصي عن الفهم ومعقد"، في إشارة إلى وهبي، مَرَده إلى "اعتناق صاحبنا عقيدة تسريع وتيرة التموقع"، التي بوأته ما هو عليه من مواقع متقدمة داخل الحزب والبرلمان. ورفض وهبي أن يتم اختزال وجود حزب الأصالة والمعاصرة فقط ليواجه غريمه "العدالة والتنمية"، وقال في هذا الاتجاه "نعتبر تأسيس حزب سببه وجود حزب آخر، كأنه احتكار لشرعية الوجود، فهو سطحية تعليلية وتقزيم للأمور، أو نفخ في قربة سياسية مثقوبة، كما هو تبعثر للرؤيا واندحار للسياسة". وبتحليله لمسار "الجرار"، منذ ولادته إلى ما هو عليه الآن، أورد وهبي أن هذا الحزب "أنشئ قبل وضع تصور إيديولوجي له، وربما لحاجة سياسية ملحة، أي جاء بأهداف سياسية واضحة، وتبقى الإيديولوجيا في رأي مؤسسيه مجرد وسيلة وليست هدفا في حد ذاتها". وانتقد القيادي "البامي" ما سماه الشرعية الفكرية للحزب، وقال إنه "لإنقاذ هذه الشرعية، اضطر إلى تبني تقرير الخمسينية، وتقرير توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة"، مبرزا أن هذا التبني جاء "بنوع من الاستهلاك الإعلامي، أكثر منه حلا لمشكلة جد معقدة، مرتبطة بالقدرة على الإبداع والتفكير". تناول وهبي لهذه القضايا التي تقف في طريق "الجرار" نحو التغلغل في المشهد السياسي والمجتمعي بالمغرب، خارج التداول الداخلي، لم ينل رضا أبو القاسم، الذي اتهم زميله بتصدير النقاش إلى مجالات خارج فضاءات الحزب، "بهدف إثارة الانتباه، وفرض نوع من الاختيارات غير الملائمة لمنحى التقدم الذي يعرفه الحزب". وزاد أبو القاسم متهما وهبي بأن سلوكه، كأحد الذين يتموقعون داخل أجهزة الحزب القيادية، "لا ينم سوى عن نوع من فقدان حس المسؤولية تجاه إنجاح مهام الحزب في هذه المرحلة الدقيقة، مثله في ذلك مثل ذاك الذي ينظر بمنظار التكهن لفرصة تجديد الدولة والمجتمع، بتعبير أبو القاسم".