البطولة الاحترافية "إنوي" للقسم الأول (الدورة ال 26).. حسنية أكادير يفوز على نهضة بركان (2-0)    الاعتداء الخطير على بعثة "المينورسو" في تيفاريتي يدفع للتعجيل بتصنيف بوليساريو على قائمة الارهاب الدولي    رغم الأمطار.. آلاف المغاربة في مسيرة من أجل فلسطين والتأكيد على وحدة التراب الوطني    الجزائر تدافع عن مشتبه به في جريمة محاولة اغتيال... وتتهم الآخرين بالتآمر    علماء ودعاة مغاربة يُدينون رسوّ سفن أمريكية تحمل عتادًا موجّهًا للاحتلال الإسرائيلي    تحقيق دولي لواشنطن بوست يكشف: إيران جنّدت مقاتلي البوليساريو في سوريا لتهديد أمن المغرب    إحداث مراكز الدراسات بسلك الدكتوراه في العلوم التمريضية وتقنيات الصحة ابتداء من الموسم الجامعي المقبل    المباراة الرسمية للقفز على الحواجز بتطوان : الفارس الغالي بوقاع يفوز بجائزة ولي العهد    حمزة إيغامان يقود ريمونتادا رينجرز أمام أبردين    اسبانيا .. تفكيك شبكة تهرب المهاجرين من المغرب إلى إسبانيا عبر رومانيا    مندوبية السجون تنفي صحة مزاعم وردت على لسان السجين السابق (ع. ر)    الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية: مبادرة مغربية تكتسب شرعية دولية متصاعدة    قرعة كان أقل من 20 سنة.. المنتخب المغربي في المجموعة الثانية    إدريس لشكر بدون لغة خشب : «وطنيتنا هي التي تملي علينا مواقفنا»    اللجنة المشتركة المغربية العمانية: شراكة متجددة تعكس عمق العلاقات الثنائية    تافراوت : مجهودات جبارة لرجال الوقاية المدنية ساهمت في إنجاح النسخة ال 12 لمهرجان اللوز    القرعة تضع "الأشبال" بمجموعة قوية    المغرب يطلق مبادرة إنسانية جديدة لدعم الأطفال الفلسطينيين في غزة والقدس    مصدر ينفي تعرض موقع وزارة للاختراق    وفاة أستاذة أرفود متأثرة بإصابتها بعد الاعتداء الشنيع من طرف أحد طلابها    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال24 ساعة الماضية    مؤشر الحرية الاقتصادية 2025.. غياب النزاهة الحكومية وتصلب سوق الشغل يُفرملان نمو الاقتصاد المغربي    قطاع مكافحة سوء التغذية يحذر من «كارثة»    في ورقة لمركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي .. مرسوم دعم المقاولات الصغيرة خطوة تعيقها معضلات التوزيع والبيروقراطية وهذه توصياته    أخبار الساحة    الوداد والرجاء يقتسمان نقط الديربي، والمقاطعة تفقده الحماس والإثارة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين.. نزول أمطار بمنطقة طنجة    رشيد المرابطي يحطم الرقم القياسي لماراطون الرمال وعزيزة العمراني تفقد لقبها    في قبضة القصيدة الأولى: ذاكرة النص الأول بعيون متجددة    بينبين مستاء من تغييب وزارة الثقافة له خلال معرض الكتاب بباريس    الدرك الملكي يشن حملة أمنية واسعة عبر التمشيط بالتنقيط الإلكتروني    الصين تدعو الولايات المتحدة الى "إلغاء كامل" للرسوم الجمركية المتبادلة    عبد الوهاب الدكالى يعود بجمهور الرباط إلى الزمن الجميل    مكتب الصرف يحقق في تهريب العملة من طرف منعشين عقاريين    طبيب: السل يقتل 9 أشخاص يوميا بالمغرب والحسيمة من المناطق الأكثر تضررا    اندلاع النيران في سيارة على الطريق الساحلية رقم 16 نواحي سيدي فتوح    درهم واحد قد يغير السوق : المغرب يشدد القيود على واردات الألواح الخشبية    محاميد الغزلان ترقص على إيقاعات الصحراء في اليوم الثالث من مهرجان الرحل    من خيوط الذاكرة إلى دفاتر اليونسكو .. القفطان المغربي يعيد نسج هويته العالمية    'واشنطن بوست': إيران دربت مسلحين من البوليساريو وسوريا تعتقل المئات منهم    الدورة السابعة للجنة المشتركة المغربية–العمانية تُتوّج بتوقيع مذكرات تفاهم في مجالات متعددة    المغرب وسلطنة عمان يؤكدان عزمهما على تطوير تعاونهما في شتى المجالات    دراسة: الجينات تلعب دورا مهما في استمتاع الإنسان بالموسيقى    تيفلت.. توقيف شخصين انتهكا حرمة مسجد في حالة تخدير    المغرب يستقبل 4 ملايين سائح في الربع الأول من 2025    تحسن ملحوظ في نسب امتلاء سدود المغرب مقارنة بالعام الماضي        مستقبل الصحافة في ظل التحول الرقمي ضمن فعاليات معرض GITEX Africa Morocco 2025    الدوزي يمنع من دخول أمريكا بسبب زيارة سابقة له للعراق    أمسية فنية استثنائية للفنان عبد الوهاب الدكالي بمسرح محمد الخامس    التكنولوجيا تفيد في تجنب اختبار الأدوية على الحيوانات    غموض يكتنف انتشار شائعات حول مرض السل بسبب الحليب غير المبستر    الذئب الرهيب يعود من عالم الانقراض: العلم يوقظ أشباح الماضي    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضربة مقص "حجّام بيوكرى" تُحوِّل حياة "العطّار" إلى جحيم
نشر في هسبريس يوم 08 - 01 - 2016

لم يكن يَدُرْ بخلد أسرة "العطار"، بدوار "الجاموض"، بتراب جماعة خميس آيت اعميرة، ضواحي اشتوكة آيت باها، أن تسليم الرضيع "أنوار" إلى "حجام تقليدي"، كما جرت العادة في عدد من البوادي والأرياف المغربية، لغرض ختانه، سيحوّل حياة والديه إلى جحيم من المعاناة، عقب ظهور أعراض تعفنات وإصابة الطفل بنزيف دام أياما عديدة، أفقد "المختن" لذة النوم، ومعه كافة أفراد أسرته، فعم الصراخ أرجاء البيت، صباح مساء، لشدة الألم بالجهاز التناسلي ل"أنوار".
كان ذلك يوم 24 يوليوز 2015، حين أخذ الجد "عبد العزيز العطار"، حفيده "أنوار"، إلى حي شعبي بمدينة بيوكرى، قاصدا بيت "حجام تقليدي"، لإجراء عملية إعذار لحفيده، البالغ من العمر حينها حوالي 3 سنوات، لِمَ لا وقد سبق أن أقدم على الأمر نفسه حينما تعلق الأمر بأحد أبنائه، البالغ حاليا أزيد من عشرين سنة، غير أن الجرة لم تسلم هذه المرة، فتحوّل حفل الختان، بكل أفراحه وأجوائه ورمزيته، إلى مأساة حقيقية.
يحكي "عبد العزيز"، وعلامات الحسرة تعلو مُحيّاه، أنه دخل حينها في خلاف مع ابنه "رشيد"، والد الطفل، حول الجهة التي ستُباشر عملية الختان، ليستقر الرأي على "حجام تقليدي"، سبق وأن أحال عليه "عبد العزيز" أحد أبنائه، دون حدوث أية مضاعفات، ووصف أجواء عملية الإعذار ببيت "الحجام التقليدي" بكونها تفتقد لأبسط شروط السلامة الصحية، فلا الأدوات مُعقمة، ولا الإسعافات متوفرة، "فبمساعدة والدة الحجام، التي أمسكت الطفل، نزلت ضربة مقص على الجهاز التناسلي لأنوار كالصاعقة، فاكتفى الحجام بوضع مرهم على المكان، وانتهى الأمر، دون وصفة دواء، أو متابعة"، لتبدأ أولى حلقات المعاناة.
خمسة عشر يوما متتالية من موعد الختان، كانت الدقيقة خلالها توازي سنين، لبث خلالها الطفل ينزف دما، مع ظهور تعفنات، وتشوه بارز في العضو التناسلي، اضطر معه "رشيد"، إلى بيع بيته من أجل إحالته ابنه على الأطباء بغرض معالجته وتصحيح ما أمكن تصحيحه، وإنقاذ الطفل من المضاعفات الخطيرة لعملية الختان التي خضع لها تقليديا، وعبّر الأب عن حسرته للصعوبات التي واجهته لدى عدد من الأطباء بالمصحات والمستشفيات، الذين رفضوا التدخل لصالح علاج فلذة كبده، ليجد نفسه مضطرا إلى التنقل صوب مدينة آسفي، لعرض ابنه على طبيب مختص هناك.
وقبل ذلك، اكتشف "رشيد" أن اختيار والده لم يكن على صواب، حين حمل إلى "الحجام" ورقة العلاجات لأجل بيان مبالغ الخدمات الطبية، حيث تفاجأ أن الحجام مجرد مزاول عشوائي لمهنة الختانة، لا دراية ولا علم له بالطب عموما، ولا بأبجديات الإسعاف والعلاج على وجه الخصوص، وتزداد لومة النفس على "رشيد"، عندما يتذكر الرمزية التي يحظى بها العضو الذكري في جسم الإنسان، لاسيما في ظل تمثلات مجتمعية تنفي معنى "الرجولة" عن ذوي التشوهات في تلك المنطقة الحساسة من الجسم، وهو يرى أن ابنه "أنوار" قد سَلَك، أو يوشك، هذا المنحى، وستُلازمه بلا شك عقد نفسية، كلما تقدم في السن، يستطرد المتحدث، في حديثه مع هسبريس.
"مروان"، طفل في الخامسة من العمر، ضحية أخرى، كان قد جرى ختانه لدى "الحجام" نفسه، وعمره حينها سنتين، ورغم مرور زهاء ثلاث سنوات، بقيت إحدى الخيوط الجراحية عالقة بالجهاز الذكري لمروان. وعن أسباب اختيار الختان لدى ممارس عشوائي، قال أب الطفل، في حديث مع هسبريس، إنه لا يملك أي تصور عن مهام الطبيب و"الحجّام"، ولم يُفرق أبدا بينهما، لكونه دون مستوى دراسي، وعدم وعيه بالمخاطر التي قد تتسبب فيها مثل هذه العمليات على الصحة الجسمية والنفسية للأطفال، كاشفا أنه لم يتم عرض ابنه على أي طبيب بعد ذلك، إذ ظل ينتظر أن يُزال الخيط تلقائيا، كما الخيوط الجراحية التي يتم بها رتق الجروح، لكن ذلك لم يتحقق.
الدكتور محمد الوزاني، أخصائي في جراحة الأطفال، صرح لهسبريس بأن العشرات من الأطفال يسقطون ضحايا لمثل هذه الممارسات التقليدية، غير محسوبة العواقب. وكشف الأخصائي أنه وقف على حالات خطيرة تتطلب تدخلات طبية معقدة في بعض الأحيان، محملا المسؤولية لأسر الأطفال الذين يختارون هذه العملية التقليدية، فيما يبقى الطفل الضحية الأولى، يعيش مضاعفات خطيرة تؤثر على صحته، مطالبا الآباء بالتعقل وعدم استرخاص صحة أبنائهم، وناصحا إياهم ب"التوجه إلى الطب العصري في مثل هذه العمليات، لما يوفره من أقصى شروط السلامة"، على حد تعبير الدكتور الوزاني.
بدورها أوردت السعدية أنجار، رئيسة جمعية "نحمي شرف ولدي"، المُؤَازِرَة لأسرة العطار أمام القضاء في مواجهة "حجام" بيوكرى، أن الحالة الاجتماعية لمثل هذه الأسر، التي تنخرها الهشاشة والفقر، تدفع إلى اختيار إجراء عمليات الإعذار لدى "حجامين"، بالنظر إلى التكلفة الضعيفة التي تتطلبها، "غير أنهم يُضاعفون أضعافا مُضاعفة مصاريف العلاج كلّما برزت مضاعفات صحية ناجمة عن الختان التقليدي، فيكون الندم حيث لا ينفع"، وفق تعبير المتحدثة، مقترحة تحسيس الأسر بهذه المخاطر، كما دعت، في حديثها لهسبريس، السلطات المختصة إلى فرض الرقابة على مثل هذه "المهن"، لوقف نزيف ضحاياها من الأطفال الأبرياء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.