قال فريدريك مويا، كبير مستشاري المنظمة الدولية للمشغلين، إن القارة الإفريقية عرفت، خلال السنوات الأخيرة، نموا يصل إلى 5 في المائة "لكن هذه النسبة من النمو لا تخلق ما يكفي من مناصب الشغل لشباب القارة السمراء". وأشار مويا، في تصريح صحفي، إلى أن إفريقيا تحقق اليوم نموا اقتصاديا لم يتحقق في كل القارات، وهو ما يعادل، خلال السنوات العشر الأخيرة، 5 في المائة، موضحا أنه على الرغم من تحقيق القارة الإفريقية لهذه النسبة من النمو فإن ذلك لم يخلق مناصب شغل بما فيه الكفاية لاستيعاب الشباب الذين يغادرون المعاهد ومركز التكوين. وقال مويا، بشأن الخلاصة الأساسية التي ركزت عليها قمة مؤتمر الشركاء المشغلين بإفريقيا، إن هذه الخلاصات تتمثل، أساسا، في مصادقة المؤتمرين على التوصيات العشر الواردة في "الكتاب الأبيض للتشغيل بإفريقيا" الصادر عن المؤتمر. وأوضح أن هذه التوصيات تتطرق، من جهة، إلى الكيفية التي يمكن بواسطتها خلق مناصب الشغل، ومن جهة أخرى إلى كيفية تعزيز تشغيل الشباب، خاصة منهم الذين يغادرون المعاهد ومركز التكوين باتجاه سوق الشغل. وتعود الأسباب الكامنة وراء ذلك، حسبه، إلى تمركز الاستثمارات الإفريقية في قطاعات دون أخرى، كما هو الشأن بالنسبة لقطاع المناجم حيث الاستثمارات الكبرى في الآليات الثقيلة في قطاعات إنتاجية تحتاج إلى اليد العاملة، بينما تعاني القطاعات المنتجة التي توفر الشغل لليد العاملة، مثل الفلاحة والصيد البحري والغابات، من الإهمال إلى حد ما. وأشار مويا، في هذا الصدد، إلى تقرير "ماكنزي" الذي يسجل أن إفريقيا تمتلك 62 في المائة من الأراضي الصالحة للزراعة، لكنها تستورد المواد الغذائية لتغذية مواطنيها، بما يعني، في رأيه، أنه ليس هناك استثمار بما يكفي في القطاع الفلاحي من أجل إنتاج ضروريات الساكنة الإفريقية. وبخصوص المسؤولية عن هذا التوجه أشار إلى أن الأمر يعد مسؤولية مشتركة دون الحاجة إلى الرمي بالحجارة نحو هذه الجهة أو تلك كما تمت الإشارة إلى ذلك في هذا المؤتمر، "فقط يجب تسجيل هذه الملاحظة التي تفيد بأن إفريقيا لا تستثمر في المجال الذي يوفر مناصب شغل". وأبرز كبير مستشاري المنظمة الدولية للمشغلين، في هذا الحديث، أن المشاركين في أشغال هذا المؤتمر سعوا إلى التباحث في هذه الإشكالية من خلال تنمية منظور مشترك ما بين المشغلين وممثلي العمال. وشدد على أن التوجه في هذه المرحلة يقتضي العمل على تنمية المنظور الجماعي للتعرف على الإيجابيات المقارنة بالنسبة لكل بلد إفريقي في علاقة مع وضعيته الجغرافية مثل القرب من البحر الذي يعد عنصرا مناسبا لتنمية السياحة، داعيا كل بلد في إفريقيا إلى أن يتعرف على إيجابياته المقارنة التي تمكنه من الاستثمار في قطاعات تخلق فرص الشغل وبالنسبة لمستقبل التشغيل في أوساط شباب القارة الإفريقية قال فريدريك مويا، وهو من دولة كينيا ومقيم بجنيف، إن القارة السمراء تشهد دينامية إيجابية وأن "الدول الإفريقية أصبحت واعية بضرورة القيام بشيء ما، وبأنه لا يمكن ترك الشباب لا يحلم ولا يفكر سوى في الهجرة، وذلك بالنظر إلى الحالات المأساوية لشباب إفريقي يموت غرقا في محاولة للهجرة بينما توجد طاقات هائلة للتشغيل بقارتنا". وأضاف أنه في واحدة من التوصيات الصادرة عن هذه القمة، دعوة للمؤتمرين لكي يعقدوا مؤتمرات قمة وطنية حول التشغيل، عندما يعودون إلى بلدانهم والبدء بتحديد التدابير التي توفر التشغيل مؤكدا على أن هناك الكثير من التدابير التي يمكن وضعها حيز التنفيذ كما هو الشأن بالنسبة للاقتصاد غير المهيكل والذي يشكل في إفريقيا، حسب قوله، أكثر من 60 في المائة، إذ لا يمكن بهذا الاقتصاد هش خلق مناصب شغل. لذلك، يضيف، فإن القمة الحالية أكدت على ضرورة الاستثمار الحقيقي في المقاولات الصغرى والمتوسطة وفي المقاولات الصغيرة جدا لأنه - بنظره - هذه المقاولات هي التي تخلق فرص الشغل. وتم الإلحاح في نفس المناسبة على تعزيز الثقافة المقاولاتية مشيرا إلى أن الشباب في إفريقيا عندما يغادر الجامعة فإنه يطمح إلى إيجاد عمل ويمكن أن نظهر لهم أنهم بأنفسهم قادرون على خلق وظيفتهم عبر خلق مقاولتهم الخاصة وعلى الحكومات أن تساعدهم بتسهيل الولوج إلى الاقتراض وتسهيل التكوين. وأشار إلى تطرق المؤتمر إلى ثقافة المقاولة و كيفية تسيير المقاولة لان "التسيير مهم للغاية". وفيما يتعلق برأيه عن الاقتصاد المغربي أجاب أنه يعرف المغرب منذ بضعة أعوام، و"إن ما يقوم به المغرب يوحي إلينا بالاستفادة من تجاربه. ويمكن القول إن للمغرب الكثير من المزايا منها قربه من أوروبا، وأكثر من ذلك هو أن العديد من المغاربة يستثمرون في القارة الإفريقية، ونحن نسعى إلى تشجيع التعاون جنوب - جنوب ونتقاسم التجارب". ونوه بالنموذج الاقتصادي المغربي خاصة في مجال البنوك التي تستثمر في باقي البلدان الإفريقية، داعيا باقي المقالات المغربية التي تشتغل في المجال الفلاحي إلى النظر باتجاه إفريقيا. * و.م.ع