بعد أن صرح، خلال استضافته بمقر جماعة العدل والإحسان، بأن الشيخ الراحل عبد السلام ياسين كان يلتقي بالملك الحسن الثاني في مجالس صوفية، كشف السياسي والأستاذ الجامعي، عبد الصمد بلكبير، عن تفاصيل تصريحه المثير للجدل، الذي نفت صحته قيادات في "الجماعة". بلكبير، الذي حل ضيفا بمقر مؤسسة هسبريس، أكد أن الذي كشف له تفاصيل هذه اللقاءات، التي كانت بداية سبعينيات القرن الماضي، هو الشيخ إبراهيم كمال، أحد قياديّي الحركة الإسلامية في المغرب، "لم أعش الحدث، وإبراهيم كمال هو من أخبرني، وأنا أثق في شخصه، وتاريخه صدوق، ولا يمكن أن يخترع رواية مغرضة، لأن لا مصلحة له فيها، ثم إنه أخبرني بهذا خارج المغرب، وقال لي ما معناه أنه يخصني بهذا الخبر، وذلك لكوني يمكن أن أستفيد به في تحليل الظاهرة الياسينية لشخص عبد السلام ياسين، بناء على هذا المعطى"، يقول بلكبير. وكشف بلكبير، في حوار مطول مع هسبريس، أن إبراهيم كمال حكى له تفاصيل هذه اللقاءات، كما سبق له أن أخبر قيادات في جماعات العدل والإحسان بذلك، "تحدثنا بكلام أكثر تفصيلا يخص فكر عبد السلام ياسين وثقافته، واختلائي به، وكان من جملة ما ذكرته هذا الحدث، يهمّ التاريخ الشخصي للحسن الثاني والشيخ ياسين"، يقول المتحدث، قبل أن يزيد أن هذا الحدث عمره أكثر من أربعين سنة، أي في أواخر 1972 وبداية 1973، وبالتالي قبل رسالة "الإسلام أو الطوفان". دور البوتشيشية ذكر الأستاذ الجامعي أن الزاوية البوتشيشية، التي مقرها غير بعيد عن الحدود المغربية الجزائرية، كانت تشكل نوعا من التخوف بالنسبة للدولة، خصوصا وأن موقعها الجغرافي حساس، وبالتالي يمكن أن تستعمل في العلاقة بين البلدين، ما استدعى إقامتها بالرباط، وفي هذا الظرف كانت الوهابية السعودية في حالة هجوم على الساحة الدينية المغربية، و"يبدو أن الدولة كان في مصلحتها أن تواجهها عن طريق البوتشيشية، التي هي نقيض الوهابية، وفي المجمل كانت البوتشيشية موظفة ومحذرا منها، وكانت في الرباط كنوع من الضبط، كما أنها، في الوقت نفسه، لا تُحارب، لأنها في مصلحة الدولة"، هذا ما يشكل العنصر الأول، بحسب بلكبير. أما العنصر الثاني، يضيف بلكبير، فهو أن "الفترة نفسها عرفت محاولة انقلابية عسكرية، وكان الحسن الثاني، نتيجة ذلك، في العشايا والأماسي، يحس بوحشة أو شيء من الاكتئاب، ويلجأ للخروج خفية بين الفينة والأخرى بدون حراسة أمنية، مغادرا القصر كي يلتحق بمجالس الذكر للبوتشيشية، وكان عدد الأفراد الذين يحيطون بالشيخ في المجالس محدودا ما بين 20 و30 فردا، وفي هذا الوقت كان عبد السلام شخصا عاديا وليس زعيما، كما أنه كان يعاني ثقافيا ودينيا وعاطفيا كأي إنسان"، يضيف المتحدث ذاته. "لا يجوز، في هذا الصدد، أن ننسى أنه كان من النخبة، وقبل هذا الوقت كان رجل دولة، ساهم في تأسيس المدرسة المغربية والكتاب المدرسي، وبالتالي انتمى للنخب المعروفة على صعيد الدولة والإدارة، لكنه لم يكن معروفا سياسيا أو فكريا أو دينيا، وعند التحاقه بالبوتشيشية دخل في تجربة الخلاص الروحي والذاتي، قبل أن يكون عبد السلام ياسين زعيما سياسيا أو دينيا"، يقول بلكبير، ويضيف أن الحسن الثاني كان يأتي للمجالس ليس باعتباره ملكا للبلاد، وإنما باعتباره الحسن بن محمد الذي يعاني من حالات نفسية شخصية، وليست ذات طبيعة سياسية، على الرغم من أن أسبابها الرئيسية كانت سياسية عقب صدمته بحادث الانقلاب، ومن ثم كان لقاؤهما ك"لقاء شخصين، وليس زعيمين". وتابع المتحدث أن بعد مرحلة الذكر، كان المجلس ينتهي بنوع من الجذب، و"حدث مرة، أو أكثر، أنه في مثل هذه اللحظات، كثيرا ما يتعب الآخرون ويبقى عبد السلام ياسين والحسن الثاني متعانقين ومنفعلين بالبكاء"، مردفا القول إن الراوي أخبره أن هذه المسألة أثارت عبد السلام ياسين، الذي بقي لديه سؤال مفارق، "فهذا الذي أمامه يثبت انفعاله أنه على إيمان، وبما أنه مسؤول فهو لا علم له بالظلم الواقع في البلاد"، وهذا هو الذي دفعه لكتابة الرسالة الشهيرة "الإسلام أو الطوفان"، بمعنى أنه إذا كان لا يعرف، فعليه أن يخبره بالظلم الذي يقع، وإذا استجاب للرسالة وأصلح من وضع الإمامة في إمارة المؤمنين، فهذا هو المطلوب، وإذا لم يستجب فذلك يعني أن "الحسن الثاني لا سلطة له، أو أنه رجل منافق"، يضيف بلكبير استنادا إلى رواية الشيخ إبراهيم كمال. رسالة رجل دين استنادا إلى هذه المعطيات، يؤكد بلكبير أن الرسالة كانت "رسالة رجل دين"، وليست مبادرة سياسية، والوقائع التالية تثبت أن الحسن الثاني كان يتعامل معه بهذه الصفة، كرجل إيمان اشتغل بالسياسة كوسيلة، وليس كهدف، بمعنى أنه ليس كالإسلام السياسي، حيث رجل السياسة يستعمل الدين من أجل تحقيق أهداف سياسية. ولذلك، عندما كتب عبد السلام ياسين الرسالة فقد عرف احتمال أن يستجيب الحسن الثاني إذا كان صادقا في بكائه، أو أن يعتقله، لأنها كانت عنيفة، ولذلك انتظر اعتقاله بعدما تم توزيعها على الصعيد الوطني بنسخ كثيرة. وفي هذا الصدد، شدد المتحدث ذاته على أن الملك لم يتصرف مع ياسين كرجل سياسة أخطأ تجاه الدولة، ولم يعتقله باعتباره "مجرما سياسيا"، بل رآه "رجل دين يخرف أو يهرطق"، ولذلك احتجزه في مستشفى للأمراض العقلية، باعتبار سلوكه مختلا، وأردف بلكبير أن "داخل الدولة كان هناك خلاف حول كيفية التعامل مع عبد السلام ياسين، أي مسايرته والحفاظ عليه أو الإجهاز عليه، كأي رجل خطير، ومن يتذكر تاريخ المغرب والأنظمة السياسية يعرف أن رجل الدين ورجل الدولة هما دائما على طرفي نقيض، ولذالك فإن سلوك الحسن الثاني مع الشيخ كان يحمل مفارقة دائما، يخاف منه ويخاف عليه، الأمر الذي لم يحدث مع أشخاص أقل منه أهمية وخطورة ووقعت تصفيتهم"، بتعبير المتحدث. وتبعا لذلك، فإن "هذه العلاقة الشخصية والمعايشة هي التي تفسر الاحتياط منه، والاحتياط عليه، وبالتالي فالعلاقة انتقلت، بعد ذلك، من العلاقة بين الشخصين إلى علاقة بين زعيمين لديهما منظور سياسي"، يضيف عبد الصمد بلكبير لجريدة هسبريس الإلكترونيّة. نفي الجماعة بخصوص نفي قيادات في جماعة العدل والإحسان لصحة ما ورد من حصول لقاءات من هذا النوع، يقول بلكبير: "هم يخلطون بين مرحلة ما قبل الجماعة وما بعدها، وطبعا، خلال زمن الجماعة لم يقع شيء من هذا القبيل، والحال أننا نتحدث عن تاريخ ما قبل تأسيس جماعة العدل والإحسان". أما العنصر الثالث، على حد تعبيره، هو أن عبد السلام ياسين "معروف بأنه يميز نفسه باعتباره رجل دين وعقيدة وأخلاق وسلوك، وليس كرجل حكم أو سياسة، وهو لا يلغي الوظيفة السياسية للجماعة، لكن هذه وظيفة ثانوية ولا يقوم بها هو نفسه، بل يقوم بها أتباعه"، مضيفا أنه يستغرب موقف التنظيم لأن "هذه العلاقة لا تضر عبد السلام ياسين، وليست تهمة أن يكون ذا صلة بشخص معتبر"، وبالتالي "لا يضيره أن تكون للرجلين علاقة ما قبل تأسيس العدل والإحسان، وليس في ذلك غموض أو التباس، أو ازدواجية في الشخصية". العلاقة بالشيخ شدد عبد الصمد بلكبير على أنه كانت تجمعه مع "شيخ العدل والإحسان" علاقة أسرية، إذ كانت تجمع بين الأسرتين علاقات قوية، ويزيد: "عندما نلتقي يتعامل معي بناء على هذا العنصر، ويعانقني ويقول لي أشم فيك رائحة الوالدين، وكانت علاقة العاطفة بيننا قوية جدا، بدون نقاش فكري وسياسي". داعي أول لقاء مباشر مع الشيخ عبد السلام ياسين، يؤكد بلكبير، يعود إلى أيام الحصار، عندما طرح السؤال من قبل فريق الاستقلال والإتحاد الاشتراكي حول ما يتعرض له عبد السلام ياسين في مسكنه، فكان جواب إدريس البصري، وسط البرلمان، أن الدولة تحميه ولا تحاصره. ومباشرة بعد ذلك، بادر بلكبير إلى البحث عن سبيل للاتصال المباشر بعبد السلام ياسين، وفي ذلك الوقت كان من الصعب الحصول على عنوانه، وبالأحرى الاتصال به، لأن المنزل محاصر من جميع الجهات، وكان في ذلك الوقت أحمد التوفيق هو الوحيد الذي لديه صلة شخصية ومباشرة مع الشيخ الراحل. استنادا إلى ذلك، يضيف بلكبير، أسعفه التوفيق في الوصول إلى عبد السلام، حيث يقول المتحدث لهسبريس: "عندما ذهبت للقائه توسلت بوسائل تحايلية لكي لا تمنعني الشرطة من الدخول، وباغتته بسرعة ودخلت للمنزل، وكان هذا حدثا بالنسبة لعبد السلام الذي لم يعرف العالم الخارجي إلا من خلال أسرته أو أحمد التوفيق، فكانت المفاجأة لأنني كنت تلميذه، وأكثر الأشخاص ارتباطا به". بلكبير قال إنه دخل على الخط، وعندما جلس طويلا كان النقاش مع عبد السلام ياسين، وقد صرح بما يفيد أن شروط الحماية ليست هي الحقيقة، وتحدث باختصار عن الشروط غير القانونية وغير الإنسانية لهذا الحصار، لكنه أردف: "في نقاشات لاحقة عبّرت له عن أفكاري الخاصة، بما مختصره أن خطاب إدريس البصري حوّل الحماية بدون معنى، بل أرجح أنه كلام فيه نسبة من الحقيقة، واستغرب الشيخ، وقلت له إنه يرجح أن يوجد داخل الدولة من يفضل اغتيالك باعتبارك خطرا على النظام، ومن ثمة فالحماية لها منطق معين". "قلت للشيخ عبد السلام ياسين ما معناه إنه ليس أخطر على الدولة من الذين تم اغتيالهم من قبل، وصقور الإدارة الذين سيستمر وجودهم رغم موت بعضهم، وقد تأمل كثيرا وسألني لماذا يقف الملك في حماية حياتي ضد جهة ما داخل الدولة تفضل اغتياله، وهنا كنت أشير للعلاقة التي تحدثنا عنها سابقا، والعلاقة المباشرة والشخصية التي تأكد فيها أن الطرفين على إيمان، والخلاف مكمنه السياسية وليس في الدين والتعبد اللذين هما على درجة واحدة"، بتعبير بلكبير. واستحضر عبد الصمد، ضمن الاستضافة نفسها بمقر جريدة هسبريس الإلكترونية، إحدى لقاءاته مع عبد السلام ياسين، بعدما توفي الملك الحسن الثاني وتولى الملك محمد السادس مقاليد الحكم، حيث كان يزوره وتجمعه به نقاشات طويلة، وأورد: "كثيرا ما يفاجئني بأسماء مفكرين لا أعرفهم، وكثيرا ما تكلم عن مفاهيم تمت صياغتها باللغة الفرنسية أو الإنجليزية أو الألمانية، ولا يوجد نظير لها في اللغة العربية، وكان النقاش معه مفيدا، كان رجلا منفتح الصدر ويحسن الإنصات، وكنت أتجرأ عليه في النقاش، مع الأدب اللازم، فيطول هذا النقاش". دور الوساطة خلال حديثه عن جانب من النقاشات التي كانت تدور بينه وبين عبد السلام ياسين، كشف بلكبير أنه أُوعز له، بشكل غير رسمي، أن يزور الشيخ، ليس من أجل التوسط، وإنما بغية الحوار، باعتبار أن علاقته به كانت جيدة، حيث كان لهما نقاش جريء، إذ فاتحه في العلاقة مع "العهد الجديد"، بعد أن أعطاه الضوء الأخضر لذلك أحد المقربين من القصر، ليس بصورة رسمية، وإنما ضمنيا، من أجل حوار قد تتمخض عنه نتائج، بما يخدم مصلحة كل الأطراف في المغرب، "لأننا في عهد جديد يجب أن تفتح صفحة جديدة مع كل الذين كانوا على خلاف مع الملك الراحل، لكن ليس بصفة رسمية، ذهبت إلى ياسين ولم أخف عنه الحقيقة، وكان هذا عنصرا سلبيا في النقاش، لأنني قلت له إن هذه الزيارة الأخيرة فيها عنصر تحريضي من قبل جهات في الدولة". وعن جوانب مما دار بينهما كشف البرلماني السابق أنه توجه إلى ياسين بالقول: "صراعك هو مع العهد القديم ونحن في آخر جديد، ولذلك أنت تعرف بأنه دائما في تاريخ كل عهد جديد يقع صراع بين الحرس القديم والحرس الجديد، وإذا كان للحسن الثاني من فضيلة، على عكس أبيه محمد الخامس، فإنه أبعد ابنه عن السياسة، وبالتالي يده بيضاء وذمته نقية، ولم يشتغل خارج مؤسستين؛ المؤسسة الاجتماعية الإحسانية، وهذا هو عمل العدل والإحسان، وبالتالي لديه صورة إيجابية عند الشعب في هذا المستوى، ثم الجيش الذي هو مؤسسة وطنية". أما عن مطالب "الجهات العليا" من عبد السلام ياسين، فيقول بلكبير إنها لا تتجاوز مسألتين فقط: الدعوة بالرحمة للفقيد الحسن الثاني، وهذه إشارة إيجابية لم يكن لعبد السلام ياسين مانع فيها، لأن الإسلام يأمر بالترحم على الجميع، أما المسألة الثانية فهي الدعوة بالتوفيق للملك الجديد، وفي ذلك إشارتان خفيفتان، لكنهما ثقيلتان في الميزان السياسي، وهو قد سألني بشكل مفاجئ: هل أنت متأكد منه، فلم يكن لي جواب لأنني لا أعرف شخص الملك، فأجبته أني لا أعرف إلا الظاهر، وأن هذا الرجل عرف بطيبوبته وعلاقاته الاجتماعية وخدماته، ولم يتورط في أي جريمة سياسية، و"علينا أن نشجع هذا الوجه"، على حد تعبير بلكبير. رد عبد السلام ياسين جاء بالتأكيد على أن جماعة العدل والإحسان هي "مؤسسة لديها أجهزة ديمقراطية وقيادة جماعية"، وأن القرار ليس هو المستأثر به، وقد اقترح عليه بلكبير أن يصرح بأنه قد زاره باعتبار العلاقة التي تربطهما، ويقول إنه ترحم على الملك الحسن الثاني، ودعا بالتوفيق لولي العهد محمد السادس الذي أصبح خليفة لأبيه، فيما رفض الشيخ الإدلاء بهذا التصريح إلى أن تصدر الجماعة موقفها. وبعد هذه الأحداث، طلبت الجماعة أن يتم الحوار بشكل رسمي، وحينئذ، تم تعيين الراحل أحمد حرزني ليحدث تفاوضا لم يشارك فيه الشيخ عبد السلام ياسين، لكن التوصل إلى اتفاق لم يتم، وبعدها أتت الرسالة الثانية التي كان عنوانها "إلى من يهمه الأمر". أي مستقبل للجماعة؟ بعد رحيل مؤسس جماعة العدل والإحسان يطرح سؤال عن مستقبلها في المشهد المغربي، وهنا يؤكد عبد الصمد بلكبير أن عبد السلام ياسين لم تكن له خلافات مع شخص الملك، وليس له مشكل مع مؤسسة إمارة المؤمنين ووظائفها، بما في ذلك أن تكون تنفيذية وشاملة، "المشكل هو في مدى استجابتها لشروط الخلافة من عدمه، لأنه لا ينازع الشخص في موقعه، وإنما يطالبه باحترام شروط الموقع المعروفة في أدبيات شروط الخلافة، وهذا عنصر مهم وإستراتيجي، والخلاف يهمّ درجة الاستجابة للمتطلبات". أما المسألة الثانية، يضيف بلكبير، فهي أن مرحلة التربية والتأطير والتنظيم تم إنجازها في الجماعة، ويفترض المرور للمرحلة الثانية في الحكم، "بمعنى أنه، موضوعيا، لا يمكن أن تستمر الجماعة بهذا الشكل"، مضيفا أن "رهانات العدل والإحسان، التي كانت مرتبطة بما يسمى بالربيع العربي، انتهت إلى الفشل، ليس في المغرب فقط، بل في تونس ومصر وسوريا والعراق واليمن، وعدد من الدول، وبالتالي نحن نعرف أن حركة 20 فبراير انتهت إلى خدمة خصوم العدل والإحسان، على الرغم من أنهم كانوا في الميدان، وجاء دستور 2011، وصعد الغريم العدالة والتنمية". واستعرض المتحدث ذاته، ما اعتبرها مؤهلات تتمتع بها جماعة العدل والإحسان؛ منها رفض السرية، و"هذه قرينة مهمة بالنسبة لأي نظام سياسي، وقد أثبتوا أنهم ضد السرية، واستغلوا المظاهرات المليونية ونزلوا إلى الشوارع بكل لافتاتهم، وأعطوا الحجة للغرب على الدولة المغربية، وأن التنظيم غير سري ولا يمكن اتهامه بالتآمر". أما المؤهل الثاني فهو أن الجماعة ضد العنف، وهذا هو معنى التصوف، في مقابل عدم نجاح الإخوان المسلمين في ذلك بعد أن بدؤوا كحركة متصوفة، ومع الوقت تغلب عنصر العنف على عنصر الحوار، يضيف بلكبير، ويورد أن المؤهل الثالث يتمثل في كون "الجماعة ليست لها علاقات بالخارج، وترفض ذلك في الأصل، لأن الذي يمول يتحكم، ولدى الجماعة استغناء ذاتي، ومن هذه الناحية فهي لا تشكل خطرا على الدولة، ليس من حيث تفكيرها فقط، وإنما بممارستها أيضا". المتحدث ذاته، أشار إلى أن المؤهل الرابع يتجسد في أن للجماعة حضورا حقيقيا وسط المجتمع، بحيث "يمكن القول إنهم القوة السياسية الأولى، فإذا أردت سلما اجتماعيا وانضباطا وفترة تضامن بين المجتمع والدولة، فالعدل والإحسان قادرة على تعبئة المجتمع لتوفير ما يسمى بالاقتصاد المعنوي أو الديني والأخلاقي، من أجل أن يشتغل الناس في شروط تضامن، وليس في شروط نزاع. أما المؤهل الخامس فهو أن الجماعة مع إمارة المؤمنين، وباعتبار أن الدولة تلجأ، في كل حين، إلى من يساهم في إنمائها وإنقاذها، عن طريق الإصلاحات، فلا يستبعد أن يكون الأفق المنظور، حتى في الانتخابات المقبلة، من الخيارات المطروحة أمام الدولة التي جربت العدالة والتنمية، وظهر أن التنظيم مفيد وإيجابي ومخلص، وأعطى قيمة مضافة"، يخلص بلكبير.