لعل أهم ما يميز مهرجان مراكش الدولي للسينما عن غيره من المهرجانات العالمية هو تخصيصه لبرمجة خاصة بالمكفوفين وضعاف البصر، تعرف بالوصف السمعي. وهي المبادرة التي انطلقت منذ الدورة الرابعة للمهرجان، إلى غاية دورته الخامسة عشر، التي تم اختتام فعاليتها مساء أمس السبت. وقد شهدت هذه الدورة عرض سبعة أفلام متنوعة الجنسيات، بين السينما الكندية والفرنسية والإنتاجات الهوليودية، من يوم الثلاثاء حتى صبيحة السبت. وتمت إعادة إنتاج الأفلام السبعة عن طريق كتابة وصفية تتلاءم مع احتياجات المكفوفين للولوج إلى الإنتاج السينمائي. "جوق العميين" كان أكثر العروض السينمائية التي حظيت بحفاوة كبيرة من جمهور المكفوفين المستفيدين من حضور فعاليات المهرجان ومن برمجته الخاصة، إذ إن هذا الفيلم، الذي أنتج السنة الماضية فقط، كان أول الأفلام المغربية التي تم العمل عليها بتقنية الوصف السمعي، الذي يمكِّن المكفوفين من متابعة أحداث الفيلم بالاعتماد على وصف مجرياته من قبل الراوي أو الواصف، والذي لعب دوره كل من الصحافي الإذاعي محمد عمورة، الذي اشتغل على إعداد النص كاملا، والصحافية عزيزة العيوني. أما مخرج الفيلم، محمد مفتكر، فقد اعتبر أن عرض "جوق العميين" في هذا المهرجان ولهذه الفئة بالضبط، أمر جد مهم ومفرح بالنسبة إليه، لما لذلك من طعم خاص، مؤكدا أن هذا العرض يعتبر في نظره تكريما لروح الفنان المغربي الراحل محمد البسطاوي الذي أبدع فيه، ولم يتمكن من مشاهدته. في السياق ذاته، صرح الإعلامي رشيد الصباحي بأن الرهان الآن، بعد أن أصبحت فقرة الوصف السمعي من أهم فقرات المهرجان الدولي للفيلم، هو محاولة تعميمها في الإنتاج التلفزي حتى يُضمن للمكفوفين حقهم من الاستمتاع بالأفلام المغربية، وأضاف منسق فقرة الوصف السمعي أن الفكرة في بدايتها كانت مجرد احتفاء بهذه الفئة، إلا أنها لقيت استحسانا من إدارة المهرجان، ما جعلها تبقى متواصلة ضمن برمجته الرسمية. وقد أكد الإعلامي محمد عمورة، الذي اشتغل بتقنية الوصف السمعي على العديد من الأفلام لما يزيد عن 6 سنوات، أنها تقنية تجعل الفرجة أكثر متعة للجميع ولا تقتصر فائدتها على جمهور المكفوفين، إذ تمنح المتفرج المبصر أيضا فرصة اكتشاف أشياء جديدة، وإدراك إشارات مهمة كان من الممكن أن تمر دون الانتباه إليها. تجدر الإشارة إلى أن أزيد من 100 مكفوف استفادوا، على دفعتين، من حضور هذه التجربة من مختلف مناطق المغرب، واستحسنوا الفكرة وعبروا عن رغبتهم في استمرار التجربة.