استقطبت مدينة الداخلة، اليوم الخميس، ثلة من الباحثين والفاعلين الاقتصاديين والسياسيين من القارات الخمس، وذلك في إطار فعاليات الجامعة المفتوحة للداخلة في نسختها الثالثة، التي تنعقد تحت شعار "المجالات الاقتصادية الجديدة..فاعلوا وعوامل الإقلاع تجارب دولية مقارنة". وخيم شبح البطالة على كلمة الحسن الداودي، وزير التعليم العالي وتكوين الأطر، في الجلسة الافتتاحية للندوة الصباحية، إذ صرح بأن هاجسه هو بناء جامعات لا تنتج عاطلين، معربا عن ضرورة فتح المجال أمام تخصصات لا تفضي إلى البطالة، بالقول: "لا نريد أن نأتي بتخصصات تنتج البطالة، ولن نبني مؤسسات من هذا النوع، بل سنؤسس جامعات ومعاهد كل من تخرج منها سيجد شغلا". وأشار الداودي إلى أن أكبر مشكل بالنسبة للمغرب، على مستوى استقطاب الاستثمارات، هو ضعف كتلة المتخصصين المهندسين والتقنيين، الذين يصل طلبات الشركات الكبرى عليهم إلى عشرات الآلاف. وأقر الوزير بأن هناك تأخرا في المغرب في مجال التعليم، قائلا: "نحن أهل اقرأ، لكن أين نحن من قوله تعالى، من المفروض أن لا تكون هناك أمية، تأخرنا لكن ربما هذا التأخر يأتي برغبة للتعلم والتطور لأنه لا مستقبل لأي بلد بدون علم" مردفا: "عاطل عالم أفضل من عاطل أمي". الوزير أوضح في معرض كلامه أن هناك جهودا تبذل للنهوض بالجامعة، مذكرا بالإصلاحات التي تم اعتمادها في هذا الإطار؛ من قبيل الرفع من عدد الطلبة الممنوحين ومن قيمة المنحة لتصل إلى ملياري درهم خلال العام الحالي. على صعيد آخر، استنكر الوزير الأحداث الإرهابية الأخيرة التي عرفتها مجموعة من البلدان عبر العالم قائلا: "للأسف، الإرهاب اليوم يلبس ثوب الإسلام وهو بعيد كل البعد عنه"، مذكرا بالدور الذي يلعبه المغرب في نشر ثقافة التعايش بين الأديان. وفي هذا الإطار، قال الداودي إن المغرب لطالما كان بلدا للتعايش بين اليهود والنصارى دون أي مشكل، مضيفا: "هذا البلد لا يعرف التطرف، فالمغرب أرض التلاقح بين الحضارات"، متسائلا: "من أين جاء الإرهاب؟"، ليجيب: "هو دخيل على أمتنا والديانات بريئة منه". تنمية الأقاليم الجنوبية وفي الوقت الذي خيم فيه شبح البطالة والإرهاب على مداخلة الداودي، تحدث باقي المتدخلين عن تنمية الأقاليم الجنوبية. وفي هذا الإطار قال ينجا الخطاط، رئيس جهة الداخلة وادي الذهب، إن إعطاء انطلاقة النموذج التنموي الجديد للجنوب سيحقق الإقلاع الصناعي للمنطقة، وهو ما سيجعل منها بوابة حقيقية للمغرب في وجه إفريقيا. وشدد المتحدث على ضرورة استثمار الخصوصيات المحلية لكل منطقة من مناطق الجنوب حتى تصبح منصة للمبادلات في جميع الاتجاهات. من جانبه، قال لامين بن عمر، والي جهة الداخلة وادي الذهب، إن ما يميز هذه الأخيرة هو كونها جهة شابة، مشددا على ضرورة أن "نستفيد من تجارب الآخرين، وإقامة مؤسسات مهمة للجهة"، موضحا أن المبلغ المرصود لتنمية الأقاليم الجنوبية سيساهم في الرفع من نسبة التنمية البشرية وتنمية الساكنة. وأشار سعيد امزازي، رئيس جامعة محمد الخامس بالرباط، إلى أن الأقاليم الجنوبية، وفي مقدمتها مدينة الداخلة، تعتبر صلة وصل بين أوروبا وإفريقيا، كما أصبحت قبلة سياحية مهمة في الآونة الأخيرة، وهذا راجع بشكل أساسي إلى أنها تتوفر على خصوصيات وعناصر طبيعية استطاعت استغلالها وتطويرها لجذب السياح. إشكالات تنمية الجنوب من جانبه اعتبر جبران الركلاوي، رئيس وكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لأقاليم وعمالات جنوب المملكة المغربية، أن المنطقة تعيش اليوم مرحلة مفصلية في المسلسل التنموي من أجل بناء نموذج مندمج وتشاركي. وعدد المتحدث الإشكالات التي قد تواجه هذا المسلسل في ما يتعلق بالمؤهلات البشرية والبنية التحتية والجانب الثقافي والاقتصادي والاجتماعي والبيئي، موضحا أن المنطقة تزخر بمؤهلات مكنونة لكنها تتطلب إيجاد حلول بيئية ناهيك عن ضرورة الرفع من التكوين للفاعلين بالمنطقة، بالإضافة إلى الإشكال الهوياتي والثقافي لتشكل الثقافة الحسانية جسرا بين المغرب وإفريقيا، مردفا: "نطمح إلى أن تتحول الجامعة إلى مختبر مفتوح للإجابة على الإشكالات الكبرى". اتفاقيات وجوائز وعرفت الجلسة الافتتاحية للملتقى الدولي الثالث لمدينة الداخلة تسليم جائزة التنافسية والشراكة بين الجامعة والمقاولة لفائدة طلبة باحثين، والتوقيع على مجموعة من الاتفاقيات؛ أبرزها اتفاقية الشراكة بين جهة الداخلة- وادي الذهب وجامعة البولتكنيك لفلوريدا بالولايات المتحدةالأمريكية، واتفاقية الشراكة بين جامعة محمد الخامس للرباط بالمغرب وجامعة هاواي بالولايات المتحدةالأمريكية، وتوقيع اتفاقية الشراكة بين الجامعة المفتوحة للداخلة ومركز سوبل الدولي الإفريقي للاقتصاد الجديد بالسنغال.