على طول شارع "آسيا إفريقيا"، وسط مدينة باندونغ، أبرز وأكبر المدن الأندونيسية بعد العاصمة جاكارتا وسورابايا، تنتصب أعلام البلد الآسيوي إلى جانب صور الزعيم الأندونيسي الشهير، أحمد سوكارنو، الذي يوصف "بالأسطورة"، فيما كتبت على الصورة عبارة "استقلال"، والتي تذكر أبناء البلد بنضاله ضد الاستعمار الهولندي، "خرج منتصرا في النهاية ليتولى رئاسة أندونيسيا"، يقول أحدهم. يخلد الشارع، المتوسط العرض والذي تجوبه وسائل النقل بشكل كثيف خاصة الدراجات النارية، في كل لحظة ذكرى "مؤتمر باندونغ" الأفرو آسيوي الشهير، الذي عقد يوم 18 أبريل 1955، وحضرته وفود 29 دولة من القارتين الأفريقية والآسيوية، وكان هدفه الرئيسي مناهضة قوى الاستعمار العالمي لدول المنطقة، ومثَّل النواة الأولى لنشأة "حركة عدم الانحياز". إلى جانب الأعلام الوطنية المنتصبة على طول الشارع الرئيسي في المدينة، هناك كرات إسمنتية متوسطة الحجم وضعت على رصيف الشارع تتوسطها أسماء الدول المشاركة في المؤتمر مع أعلامها، ومن ضمنها علم المغرب، الذي جاء مقابلا لفندق "Grand Preanger" الذي قيل لنا إنه استقبل الوفد المغربي المشارك في الموعد الأفرو آسيوي، إلى جانب فندق ثاني هو "Savoy Homann". على بعد أمتار قليلة من الفندقين التاريخيين، تقع بناية "مورديكا"، التي أسسها المستعمر الهولندي عام 1895 تحت اسم "كونكورديا"، كمسرح تلقى داخله عروض الأوبرا، قبل أن يجعله سوكارنو مقرا تاريخيا احتضن الجلسة الافتتاحية لمؤتمر "باندونغ"، فيما يقول أحد مرافقينا إن الهولنديين كتبوا في السابق على باب البناية عبارة "لا يدخله الكلاب والإندونيسيون"، كعبارة لتحقير أصحاب البلد الذي نال الاستقلال عام 1945. تقول تيا سونداري، المسؤولة في بناية "مودريكا" التي تحولت إلى متحف وطني، إن الرئيس الأندونيسي أحمد سوكارنو أصر على حضور وفد مغربي لمؤتمر باندونغ عام 1955، "المغرب كان وقتها تحت الحماية، وحضور المغرب كان ممثلا بعلال الفاسي بصفة مراقبا"، حيث يظهر في إحدى لوحات المتحف اسم الزعيم الوطني "علال الفاسي" باللغة الانجليزية إلى جانب زعماء من دول مغاربية. بعد انتهاء القمة، التي استمرت ستة أيام متتالية، وخرجت بتوصيات وصفت بالتاريخية واختير لها اسم "المبادئ العشرة لمؤتمر باندونغ"، قام الرئيس الإندونيسي، أحمد سوكارنو، بزيارة رسمية إلى المغرب عام 1960، حيث التقى الملك الراحل محمد الخامس، وهي الزيارة التي وصفت بالتاريخية.