القضاء يقول كلمته: الحكم في قضية "مجموعة الخير"، أكبر عملية نصب في تاريخ طنجة    إمزورن..لقاء تشاركي مع جمعيات المجتمع المدني نحو إعداد برنامج عمل جماعة    "ما قدهم الفيل زيدهوم الفيلة".. هارون الرشيد والسلطان الحسن الأول    ‬برادة يدافع عن نتائج "مدارس الريادة"    مجلس النواب يصادق على مشروع قانون الإضراب    الدورة ال 44 لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب بالمنامة ...المغرب يشارك في فعاليات حدث رفيع المستوى حول الأسر المنتجة وريادة الأعمال    المخرج شعيب مسعودي يؤطر ورشة إعداد الممثل بالناظور    الجيش الملكي يعتمد ملعب مكناس لاستضافة مباريات دوري الأبطال    تبون يهدد الجزائريين بالقمع.. سياسة التصعيد في مواجهة الغضب الشعبي    بركة: أغلب مدن المملكة ستستفيد من المونديال... والطريق السيار القاري الرباط-البيضاء سيفتتح في 2029    حصيلة الأمن الوطني لسنة 2024.. تفكيك 947 عصابة إجرامية واعتقال 1561 شخصاً في جرائم مختلفة    أكرم الروماني مدرب مؤقت ل"الماص"    وزير العدل يقدم الخطوط العريضة لما تحقق في موضوع مراجعة قانون الأسرة    الحصيلة السنوية للمديرية العامة للأمن الوطني: أرقام حول المباريات الوظيفية للالتحاق بسلك الشرطة        الاعلان عن الدورة الثانية لمهرجان AZEMM'ART للفنون التشكيلية والموسيقى    أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية .. رأي المجلس العلمي جاء مطابقا لأغلب المسائل 17 المحالة على النظر الشرعي        البيضاء: توقيف أربعيني متورط في ترويج المخدرات    آخرها احتياطيات تقدر بمليار طن في عرض البحر قبالة سواحل أكادير .. كثافة التنقيب عن الغاز والنفط بالمغرب مازالت «ضعيفة» والاكتشافات «محدودة نسبيا» لكنها مشجعة    هولندا: إدانة خمسة أشخاص في قضية ضرب مشجعين إسرائيليين في امستردام    المغرب يستورد 900 ألف طن من القمح الروسي في ظل تراجع صادرات فرنسا    جمهور الرجاء ممنوع من التنقل لبركان    وزارة الدفاع تدمج الفصائل السورية    مراجعة مدونة الأسرة.. المجلس العلمي الأعلى يتحفظ على 3 مقترحات لهذا السبب    الصناعة التقليدية تجسد بمختلف تعبيراتها تعددية المملكة (أزولاي)    الدورة العاشرة لمهرجان "بويا" النسائي الدولي للموسيقى في الحسيمة    العلوم الاجتماعية والفن المعاصر في ندوة بمعهد الفنون الجميلة بتطوان    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    اليوم في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية : البحاثة محمد الفاسي : مؤرخ الأدب والفنون ومحقق التراث    تفاصيل الاجتماع الأول لفدرالية الصحافة الرياضية بالمغرب    الشبكة الدفاع عن الحق في الصحة تدعو إلى التصدي للإعلانات المضللة        يوسف النصيري يرفض عرض النصر السعودي    إلغاء التعصيب ونسب الولد خارج الزواج.. التوفيق يكشف عن بدائل العلماء في مسائل تخالف الشرع ضمن تعديلات مدونة الأسرة    الملك يشيد بالعلاقات الأخوية مع ليبيا    "أفريقيا" تطلق منصة لحملة المشاريع    مجلس الحكومة يتدارس أربعة مشاريع مراسيم    ما أسباب ارتفاع معدل ضربات القلب في فترات الراحة؟    الإصابة بالسرطان في أنسجة الكلى .. الأسباب والأعراض    نظرية جديدة تفسر آلية تخزين الذكريات في أدمغة البشر    العصبة تكشف عن مواعيد مباريات الجولة ال17 من البطولة الاحترافية    "فيفبرو" يعارض تعديلات "فيفا" المؤقتة في لوائح الانتقالات    الإعلان عن تشكيلة الحكومة الفرنسية الجديدة        عودة نحو 25 ألف سوري إلى بلدهم منذ سقوط نظام الأسد    مستشار الأمن القومي بجمهورية العراق يجدد موقف بلاده الداعم للوحدة الترابية للمغرب        "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    المغرب يشارك في أشغال الدورة الأولى لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب بالرياض    اختطاف المخيم وشعارات المقاومة    تقديم «أنطولوجيا الزجل المغربي المعاصر» بالرباط    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التربية على المواطنة
نشر في هسبريس يوم 03 - 11 - 2015

دق الجرس .اصطف التلاميذ بزيهم الرسمي الموحد أمام العلم الوطني .أشار إليهم المسؤول التربوي أن ابدؤوا بترديد النشيد الوطني : منبث الأحرار مشرق الأنوار ..وقف المسؤول التربوي يتأمل وجوه التلاميذ .توجه نحو أحدهم .أخرجه من الصف كما يخرج الكبش من القطيع ثم صفعه صفعة على وجهه حتى غابت الدنيا أمام عينيه .
بدأ التلاميذ يضحكون والتلميذ المصفوع يبكي ويبتلع غصته .تساءلت مع نفسي وأنا أتأمل المشهد من أوله إلى آخره :أهكذا نربي النشء على المواطنة حيث الفخر بالوطن يمتزج بالمرارة ؟ ألم يفكر هذا المسؤول التربوي أنه من من الممكن أن تنبث تلك الصفعة العجلى غير المحسوبة حاجزا بين التلميذ وبين ما نريد من درس تحية العلم وقراءة النشيد الوطني ؟أنسي المسؤول التربوي أنه بصفعته تلك قد ساهم في تغذية الجانب المضطرب في شخصية التلميذ أمام زملائه وهو في عز مرحلة المراهقة ؟
إننا نعلم جميعا أن تحية العلم واجب وطني مقدس ، وأن التعليم من الرافعات الأساسية لتنمية الروح الوطنية من خلالها ،ويتعين إدراج كل الإجراءات الرامية إلى ذلك ،في إطار عمل بيداغوجي متنوع و مدروس يكتسي طابع الجدية والعمق والشمولية ،وإعطاء المثل والقدوة بالعمل والسلوك والمواقف وليس بالكلام من لدن الراشدين والمسؤولين التربويين في السر والعلانية ،في الشدة والرخاء ،لإعادة الحس الوطني الفوار إلى سالف نشاطه .
ولا أحد يختلف اليوم في ظل الرعاية الملكية للحقوق والواجبات أن إصباغ المسحة الوطنية على المدرسة المغربية شكلا ومضمونا يقتضي الحزم والإنضباط ،حيث لا نقبل أن يكون بيننا من التلاميذ والأطراف التعليمية والتربوية والإدارية من يقلل من مصداقية هذا الحس ، ولا نقبل أيضا أن يركب البعض على شعار الوطنية للتخويف وتصفية الحسابات .فحب الوطن أكبر من ذلك ،فلا يمكن أن تحب وطنك والرعب يسكن دواخلك .
لقد سقنا القصة التي جرت أطوارها منذ سنين ،لنبين أن استعمال العنف بكل أشكاله لغرس بذور الحس الوطني هو قمة العبث .فالمسؤول التربوي صاحب الصفعة المشؤومة كان عليه بحكم وظيفته التربوية أن يتحلى برباطة الجأش ويحسم من خلال ردود أفعاله وتدخلاته لصالح المدرسة المغربية الحديثة كمنبع للرأي والتفاهم والإصلاح ،عوض الإنزلاق في ذلك المنحى الخطير الذي يعتمد على آراء واجتهادات ذاتية انفعالية تصل حد التعسف والشطط في تبرير منطقها .ألم يكن الأجدى من المسؤول التربوي البحث عن أسباب استهتار التلاميذ بقيمهم الوطنية واحتواء ذلك تربويا حتى لا نزيد المسألة تعقيدا ؟
لقد اكتست مسألة العلم الوطني ثقلا خاصا بعد أحداث كثيرة مرت منها أحداث العيون السابقة التي جرت سنة 2014 .وهي أحداث كان الغاية منها إحداث البلبلة وتمزيق وحدة الصف ، وينبغي أن تدفع هذه الأحداث وغيرها المسؤولين إلى إعادة النظر في مفهوم التربية على المواطنة سواء داخل المدرسة والبيت أوخارجهما ،بتفكيك كل الميكانزمات المؤدية بشبابنا إلى الإنحراف عن جادة الوطن والتصدي له بكيفية فعالة وإيجابية تكون ذات طابع وقائي ،يحفظ لكل مكونات الأمة المغربية كرامتها ومصالحها.
إن التربية على المواطنة تعاش ولا تملى بالقهر والعصا والقوانين الجائرة .التربية على المواطنة لها روافد وأركان ومضامين سياسية واقتصادية واجتماعية وتربوية وثقافية ،هي عصب العلاقة الدلالية بين الوطن والمواطن وإلا ظل الإطار العام للمفارقة قائما على الدوام.
فمثلا التلميذ الذي يرى أباه أو أمه متجهمين عند عودتهما من العمل يتكلمان بالكاد حاملين الهم العظيم .أو يرى أخا أو أختا أو جارا أو صديقا هنا وهناك يتوسد شهادة دراسية في انتظار الذي يأتي ولا يأتي .أو يرى مسؤولا يتربص بخبر الفقراء .أو يرى قوارب الموت واليأس يلفظ البحر ما بها من أحلام ..ماذا تنتظر من مشاعره وماذا سيصدق ؟وما الطريق الطريق الذي سيسلكه ؟فهل سيظل يمثل دورا مزيفا إلى الأبد ؟
إن الإكتشاف الرسمي للبعد الوطني في المدرسة المغربية ليس أسلوبا جديدا ، فلقد انطلقت شرارة الوعي به من قلب معركة العمل الوطني النشيط في المدارس الحرة الحكومية قبل الإستقلال وبعده يوم كانت حناجر الأطفال والصناع والطلبة والمناضلين تصدح بأناشيد الوطن بصورة تلقائية وحماسية تهييئا لمغرب الغذ مغرب الحرية والإستقلال والكرامة والعدالة وإثبات الذات جهويا ودوليا .
إن الوطنية ليست صفقة تجارية، وليست فلكلورا ولا طموحا سياسيا ضيقا ولا امتيازا ولا إرثا حكرا على جهة دون أخرى .الوطنية إحساس مائز يشهد على وجودنا جميعا هذا الوجود المنغرس عميقا في الهنا والآن وغذا..: أطلس مزيج من الأنفة والطيبة الجارحة لا تحيى نسوره في أقفاص التحنيط ومختبرات الساسة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.