طرد موقع حزب العدالة والتنمية، الذي اشتكى أمينه العام رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، أخيرا من التحكم وغياب الموضوعية لدى عدد من وسائل الإعلام الوطنية، إحدى الصحافيات حديثات العهد بالاشتغال ضمن فريق بوابته الرقمية، بمبرر أنها "لم تحترم الخط التحريري". سكينة الصادقي، خريجة المعهد العالي للإعلام والاتصال، والتي التحقت ببوابة الحزب الرقمية مطلع شهر شتنبر الماضي، قالت إنّ مسؤولي الموقع طردوها، لأسباب وصفتها ب"الحقيرة"، واصفة إياهم ب"مكممي الأفواه"، وذلك بعدما تعرضت أعمالها الصحافية لمقص الرقابة في أكثر من مرة، "دون أي مبرر". وتشرح سكينة، في تصريح لهسبريس، أن رئيس التحرير بموقع الحزب، ومعه المدير المشرف على شركة "عدالة ميديا"، كانا يطالبانها، في أكثر من مرة، بحذف بعض المقاطع التي يتضمنها برنامج "مع الحدث"، الذي كانت تُعدّه وتقدمه، "لأن فيها تصريحات حساسة سياسيّاً"، واصفة قرار طردها ب"التعسفي" و"اللاأخلاقي". وتورد سكينة نماذج الحلقات التي قالت إنها تعرضت فيها لضغوط حذف المقاطع، وإلغاء الأسئلة، حيث استضافت البرلماني والقيادي في حزب "المصباح"، أبو زيد المقرئ الإدريسي، ليتحدث "عن مقترح قانون تجريم التطبيع مع إسرائيل الذي ظل جامدا"، وقال إن مطرقة الخارجية الأمريكية أنّبت البرلمان المغربي، لأنه طرح المشروع للنقاش"، مضيفة أن هذا التصريح "أقام زوبعة في الموقع، وطالبوني بحذف المحور لحساسيته السياسية". وتابعت المتحدثة بأن هذه الواقعة كانت "دافعا لأخبر المدير بتقديم الاستقالة، كوني لن أستطيع الاستمرار(...) لكن بعد تفاوض، خلصنا إلى أنني سأستمر وأترك الأمر للزمن"، إلى أن قامت بتصوير حلقة مع الناشط الحقوقي عبد اللطيف حاتمي، حول ضجة "المساواة في الإرث". وأردفت الصحفية ذاتها أن إجابة حاتمي التي حمل خلالها لمن أسماهم "من صادق" مسؤولية إقصاء أطراف من تركيبة المجلس الوطني لحقوق الإنسان "كانت سببا آخر، لأمزق الحلقة بأمر من الرؤساء" على حد تعبيرها. حلقة حاتمي الأخيرة أفاضت الكأس، وفق تعبير سكينة، "لم أتوقع أن مطرقة رئيس التحرير ستتدخل لطردي بشكل مفاجئ صبيحة يوم الجمعة الماضي، فيما قال لي المدير إن السبب وراء ذلك هو أني أسأل الضيوف أسئلة تحرج الحزب سياسيا، وأنه لا يستطيع أن يحذف في كل حلقة المواقف التي لا تناسب توجه الموقع". تدخل "مقص الرقابة" في مواضيع أخرى، بحسب الصحافية ذاتها، أبرزها موضوع "الخدمة الصحية الوطنية"، موضحة أنّ إدارة الموقع رفضت طرحها سؤالا على وزير الصحة حول احتجاجات الأطباء، "قالوا لا نريد أن نضعه في حرج"، مُردفة أنها اقترحت على إدارة التحرير إنجاز تقارير حول الصحراء وموقف السويد الأخير ،وحادثة مِنًى في السعودية، "قالوا لي مجددا إنها مواضيع حساسة سياسيا وستسبب لهم حرجا". وعرفت حالة طرد الصحافية سكينة الصادقي حملة من التضامن الواسع على مواقع التواصل الاجتماعي، ما دفع إدارة موقع حزب العدالة والتنمية إلى صياغة توضيح، يورد أنه تم تشغيل الصادفي بموجب عقد شغل يمتد لثلاثة أشهر "وهي فترة اختبار قابلة للتجديد مرة واحدة وأنه يمكن خلال هذه الفترة إنهاء هذا العقد بإرادة أحد الطرفين أو كلامهما بدون إخطار ولا تعويض". وأضاف التوضيح أنه تم إنهاء العقد مع سكينة بقرار من الإدارة يوم 30 أكتوبر الماضي (بعد 53 يوما)، "لكونها لم تحترم الخط التحريري للموقع، وبعد أن تم تنبيهها أكثر من مرة دون جدوى"، وفق تعبير الوثيقة. وفي تعليق لها على هذا التوضيح، قالت الصادقي لهسبريس: "إنه انتصار لي. فقد سبق لي التنبيه إلى أني كنت أشتغل في وضعية متوترة في أعمالي الصحافية مع رئاسة التحرير، بمبرر أني لا أحترم الخط التحريري، حيث اضطر للموازنة بين هذا الخط التحريري وما تعلمته من أخلاقيات المهنية طيلة فترة دراستي "، مشددة على أن "مسؤولين في الموقع تدخلوا من أجل حسم قرار طردها، بعد أن علمت أن حلقاتها قد تثير تشويشا على الحكومة، ولو كانت بلسان قيادات حزب العدالة والتنمية وليس بأسئلتها المهنية". وسبق للصحافية سكينة الصادقي أن اشتغلت لفترة لدى القناة التركية العربية TRT بغرفة الأخبار في اسطنبول، بعد أن التحقت كصحافية محررة لدى شركة Yedirenk التركية للإنتاج الفني والتلفزيوني في المدينة ذاتها، إلى جانب تجارب إعلامية لدى وكالة "الأناضول" التركية، و"راديو الفجر" في لبنان، وتوصف بأول طالبة صحافية تمكنت من الدخول إلى الأجواء السورية بعد اندلاع الأحداث عام 2012.