يبدو أنه "ليس في القنافذ أملس" على الأقل في ما يخص الأشخاص المشتبه بهم في استعمال المال لاستمالة الناخبين في انتخابات أعضاء مجلس المستشارين، حيث عمت "البلوى" أحزاب الاستقلال، والأصالة والمعاصرة، والتجمع الوطني للأحرار، والحركة الديمقراطية الاجتماعية، كما طالت أيضا حزب العدالة والتنمية. واللافت عند تصفح أسماء وانتماءات الأشخاص المتابعين في محاولة شراء الأصوات، وفق انتمائهم السياسي، يتبين أن حزب الاستقلال تصدر قائمة المنتخبين والمترشحين المتهمين بشراء الذمم، وكذا المتهمين بشراء الأصوات لفائدة مترشحين، حيث بلغ عددهم في المجموع 16 شخصا. وضمت قائمة الأشخاص المتابعين المرتبطين بحزب الاستقلال نجلي حميد شباط، الأمين العام لحزب "الميزان"، وهما نوفل ونبيل شباط، كمتهمين بشراء الأصوات لفائدة مترشحين، كما شملت اللائحة نجل مؤسس حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية، عبد الصمد عرشان متابعا بدوره بشراء الأصوات. حزب العدالة والتنمية، الذي خاض غمار انتخابات 2011 التي أوصلته إلى سُدة الحكومة بشعار محاربة الفساد، طالته أيضا شظايا جريمة شراء الأصوات، حيث ضمت القائمة المعلنة من طرف اللجنة الحكومية، المستشار عن جهة سطاتبرشيد، حميد زاتني، وأيضا يوسف بنجلون، وهو أحد أطر الحزب الوازنة، ويشغل منصب رئيس الغرفة المتوسطية للصيد البحري. القائمة الرسمية شملت منتخبا واحدا من حزب التجمّع الوطني للأحرار، متهم بشراء الأصوات بالناضور، وثلاثة متهمين بشراء الأصوات لفائدة مترشحين، فيما شملت اللائحة منتخبين من حزب الأصالة والمعاصرة متهمين بشراء الأصوات، أحدهما رجل أعمال بارز، هو عابد الشكيل، ومتهم آخر بشراء الأصوات لفائدة مترشحين بالدار البيضاء. ويعلق الدكتور الحسين اعبوشي، أستاذ القانون الدستوري وعلم السياسة بجامعة القاضي عياض بمراكش، في تصريح لهسبريس، على هذه القائمة التي تضم مشتبهين بهم في توظيف المال في انتخابات مجلس المستشارين، بأنها تؤشر على وجود مشكلة تتلخص في تشويه الناخبين الكبار لإرادة المواطنين عبر انتخابات 4 شتنبر الماضي. وأوضح اعبوشي أن الإشكالية الرئيسة تتجلى في أنه يتم تحريف وتشويه إرادة المواطن المغربي الذي يتوجه للتصويت والمشاركة في الانتخابات، لاختيار ناخبين كبار يقومون بإفراغ إرادة المواطن من معناها وقيمتها، عبر الإمكانات المالية المتوفرة لهم، مستغلين الجسم الانتخابي المحدود، ونمط الاقتراع العام غير المباشر. ولفت المتحدث إلى أن المغرب دخل مرحلة جديدة على مستوى البناء الديمقراطي، تستوجب أن تكون الانتخابات نزيهة ونظيفة، مبرزا أن اللائحة التي صدرت بشكل رسمي تعبر عن إرادة للدولة في إعادة الأمور إلى نصابها، من خلال ردع المتلاعبين الذين لجئوا إلى توظيف الأموال لاستمالة الناخبين. واستطرد الأستاذ الجامعي ذاته بأن الإعلان عن هذه القائمة من الأشخاص المشتبه فيهم بالتورط في استخدام المال في انتخابات أعضاء مجلس المستشارين، التي جرت الجمعة الماضي، تروم بعث رسائل إلى المواطن حتى يستعيد الثقة في العملية الانتخابية، وأيضا إلى الرأي العام الدولي الذي تابع باهتمام المحطة الانتخابية للبلاد. وذهب اعبوشي إلى أن القضاء تبقى له الكلمة الأخيرة والفاصلة في متابعة الأشخاص الواردة أسماؤهم في القائمة، لكن الثابت أن الدولة تحركت بشكل فاعل وسريع من أجل محاولة إعادة الأشياء إلى نطاقها الاعتيادي، بخلاف ما كان عليه السابق، وهو أمر يتعين تسجيله بإيجابية" يؤكد المتحدث. وكان بلاغ اللجنة الحكومية لمتابعة الانتخابات قد أوردت أن عدد الأشخاص الذين تمت متابعتهم أمام قضاء التحقيق بمختلف محاكم المملكة لحدود يوم 7 أكتوبر الجاري، 26 شخصا، من بينهم 14 مترشحا لهذه الانتخابات، أعلن عن فوز 10 منهم بمقاعد في مجلس المستشارين.