كانت فاجعة منى يوم العيد، التي راح ضحيتها أكثر من 700 حاجّ وحاجّة، بحسب الأرقام التي أصدرها الدفاع المدني السعودي، بمثابة فتيل جديد زاد من توتر العلاقات الإيرانية السعودية، بعد مسلسل طويل من الملفات الحارقة التي كانت سببا في الأزمة بين البلدين. وسائل الاعلام الإيرانية والسعودية لم تفوت فرصة حدوث الفاجعة "لتقطير الشمع" على حكومة البلد الآخر، بلغ حد اتهام وسائل إعلام سعودية حُجّاجا ايرانيين في التسبب بشكل مباشر في حادث التدافع، في ما امتد انتقاد ايران لسلطات الرياض إلى درجة تحميل خطباء الجمعة مسؤولية ما حدث للسلطات السعودية، واتهامها بأنها "غير قادرة على تنظيم موسم الحج". هجوم إيراني كانت البعثة الإيرانية أول بعثات الحجّ التي أعلنت عن سقوط ضحايا من مواطنيها في حادث التدافع في مِنًى، حيث أكدت في البداية وفاة 85 حاجا إيرانيا، ليبدأ العدد في التصاعد إلى أن استقر في 131 حالة وفاة، كأكثر الدول تضررا من الحادث. مباشرة بعد ذلك، خرج المرشد الأعلى لإيران، على خامينائي، بتصريحات ينتقد فيها السلطات السعودية، ويقول إن "سوء الادارة وإجراءات غير ملائمة كانت وراء حادث التدافع المفجع خلال أداء مناسك الحج في مِنًى قرب مكة"، مضيفا أنه "على الحكومة السعودية أن تتحمل مسؤوليتها الثقيلة في هذا الحادث المفجع". انتقادات إيران لم تتوقف عند هذا الحد، بل امتدت الى مطالبتها بأن يتم إشراكها في التحقيق حول الحادث، وتنظيم مظاهرة ضد السعودية، تنديدا بسقوط عدد كبير من الضحايا الإيرانيين. منابر أمس الجمعة، كان لها أيضا نصيب من الهجوم على الطرف الآخر، حيث قال خطيب جمعة في أحد مساجد العاصمة الإيرانيةطهران: "يجب محاكمة السعودية في المحكمة الدولية"، على خلفية حادث التدافع في مشعر منى أول أمس الخميس، الذي أدّى إلى وفاة مئات الحجاج، محملا المملكة السعودية مسؤولية ما وصفها ب"الكارثة"، ومتهما إياها بكونها "ليست أهلاً لإدارة الحجّ"، على حد تعبيره. وطالب الخطيب الدول الإسلامية ب "مراجعة المحكمة الدولية من أجل الذين فقدوا حياتهم خلال الحادث"، وضرورة "تحديد القتلى والجرحى، وطلب جواب من السعودية بهذا الخصوص". اتهامات سعودية جل وسائل الاعلام السعودية تفرغت للدفاع عن جودة الخدمات المقدمة للحجّاج، معتبرة بأن السلطات لا تتحمل المسؤولية في ما حدث، وإنما "يعود ذلك لغياب الوعي بالتنظيم لدى بعض الحجاج". صحف سعودية كثيرة سردت رواية تفيد أن ارتفاع عدد الضحايا الإيرانيين يعود بالأساس إلى كونهم كانوا أول من بدأ في التدافع بشارع 204 المؤدي لرمي الجمرات، حيث أكدت أن مجموعة من "الايرانيين خالفوا الطريق ورفضوا الاستجابة للأوامر مما أدى إلى وقوع الحادث". ونقلت هذه الصحف تصريحات نسبتها لمسؤول إيراني في الحجّ، أكد فيها أن حوالي 300 حاج إيراني خالفوا الطريق، وذهبوا في الاتجاه المعاكس بداية من مشعر "مزدلفة"، متهمة بذاك الإيرانيين بكونهم السبب المباشر للحادث. هذه الرسائل السعودية امتدت لتشمل أيضا ملك البلاد، سلمان بن عبد العزيز، الذي وجه إشارات للداخل بالتأكيد أن السعودية ستواصل العمل من أجل تطوير الظروف لموسم الحج، فيما وجه رسالة مبطنة للإيرانيين تقول إنه لن يسمح "بأن تعبث الايادي الخفية بالحج". في السياق ذاته، رد موقع "سبق" الإخباري السعودي على الاتهامات الإيرانية بالقول إن هذه الاتهامات تعبر "عن حقد دفين من بعض الدول المجاورة خاصة من إيران حتى استلت خنجر الانتقاد المسموم في وجه المملكة وبدأت في استفزاز بلاد الحرمين لمطالب واهية ومحاولات للتقليل من كل الجهود المبذولة"، على حد تعبير الموقع.