هل نخافُ على «فائزين»؟ أم نخاف منهم؟ لا شكّ أنّ إرثَهُم ثقيل.. والتّرسانة الجماعية مشحونةٌ بكل ألوان التّلاعُبات بالحقوق العمومية.. والفئةُ الجديدة، هي الأخرى، مُنشغلةٌ بالأحاديث عن «انتصارات» الصناديق، وتآلُفاتٍ وتحالُفات، وقطعِ الطريقِ عن معارضين.. أتُرَاهُم يتحالفُون من أجل حقوق الوطن والمواطنين؟ وما ثمنُ التّحالُفات؟ هل فقط تنازُلات؟ أم أيضًا ثمنٌ إضافي؟ وهل تُراعي هذه التحالُفاتُ مصالحَ الجهات؟ والسكان؟ نريدُ فقط أن نتأكد.. على ماذا يتحالفُ المتحالفُون؟ وأين؟ هل في الداخل فقط؟ أم أيضًا خرجَ الحدُود؟ نريدُ أن نعرف.. وهل تمّ إخضاعُ «فائزين» لتحليل نفسي؟ فهل هم مُتوازنون نفسيًّا وعقليًّا وعصَبيًّا؟ نريدُ أن نتأكد، لأن ما وقع في مجالسنا الجماعية، حتى الآن، لا يدعو للارتياح.. فقد نهبت الأحزاب، ومعها نهبَ كثيرٌ من «المنتخَبين»، وبالطول والعرض.. وساهمت الأحزابُ في إفقار الناس.. وتحويل البلد إلى «مُسلسل» من الأزمات الاجتماعية.. وهل تمّ إخضاعُ «فائزين» لمراقبة مالية.. وهل نستطيع أن نثق في كفاءاتِهم، وتحالُفاتهم؟ وهل تختلفُ عن سابقين كانوا يعقدون «صفقات» فوقَ المائدة.. وتحتَ المائدة.. وفي البرّ والبحر؟ هل ستخدمُ البلد؟ أم أجندات أخرى؟ وأسئلةٌ مباشرةٌ إلى «فائز»: ماذا تقولُ لضميرك عندما تضعُ رأسَك على المخدّة؟ هل أنتَ بالفعل «فائز»؟ على ماذا؟ وعلى من؟ ومن المستفيد؟ هل المواطن؟ وماذا عن «الرّشوة» الانتخابية، بالمال كانت أو الدّقيق أو غيرِهما؟ ألستَ أنتَ أيضًا فيها مُنخرطٌ بكيفيةٍ أو أخرى؟ ألم تُقدّم شيئا لمن «صوّتُوا» عليك؟ هل صوّتُوا عليك من أجل سواد عينيْك؟ أم لأنهم اقتنعوا ببرنامجك الانتخابي؟ وهل عندك أصلاً برنامجٌ واضح؟ وهل بالفعل سوف تلتزم به؟ وماذا أنت فاعلٌ مع الأطراف الأخرى المعنية؟ هل ستُعارضُها من أجل المعارضة؟ أم من أجل مصالح حزبك؟ أو ما ستجنيه أنتَ من أيّ تنازُل؟ وما موقعُ المصلحة العامّة في أي توافُق؟ وهل أنتَ مُستوعِبٌ لقضايا المنطقة التي «فُزْتَ» فيها؟ هل أنتَ مُطّلِعٌ على الملفّات؟ هل تستطيعُ أن تُناقِشَ في الاجتماعات والدورات عن دراية؟ وأنْ تُقدّم مشاريعَ حلُول للمشاكل المطروحة؟ أم ستكونُ مُجرّدَ نُسخة من جُلِّ وجوه «انتخاباتنا» السابقة؟ هل ستكونُ في تدخُّلاتِك مُجرَّدَ ناقِلٍ لما يراهُ حزبُك؟ حتى ولو كان حزبُك خاطئًا؟ هل تستطيعُ أن تُخالفَ حتىَ أقربَ النّاسِ إليك، إذا كُنتَ مُقْتنِعًا بأنهم خاطئون؟ هل تمتلكُ شجاعة أن تقولَ لا، عندما يجبُ أن تقولَ لا؟ ونَعَمْ، عندما يجب أن تجهر: نَعَمْ؟ هل ستكونُ أنتَ أيضًا مُجرّدَ ببْغاء؟ أم لديْك شخصيةٌ مُستقلّة؟ فمن أنتَ في عُمقِك أيُّها «الفائز»؟ سؤالٌ آخر، وهذا من ضميرك، لأنك أنت، وأنتَ وحدَك، أقربُ الناس إلى نفسِك.. فمن أنت؟ هل مجردُ رقمٍ في قائمةٍ «فائزة»؟ أم لك قيمةٌ مُضافة؟ قيمة لك شجاعةُ الجهرِ بها أمام الجميع، من أجل الصالح العام؟ هل بالفعل ستخدُمُ الصالحَ العامّ؟ أم ستخدُمُ نفسَك؟ وأهلَك؟ والمتآلِفين معك؟ وحزبَك؟ ومن تتلقَّى منهم إغراءات، أو ربّما أوامر؟ هل أنتَ شخصيةٌ مُستقلّة؟ أم مُجرّدُ بيْدقٍ في قبضة فُلانٍ أو علاّن؟ أسئلةٌ سيكونُ عليك حتمًا أن تُجيبَ عنها عندما تكونُ أمام ضميرِك، وجها لوجه.. هذا، إذا كان لك ضمير.. وإذا كنتَ مُجرّدَ بيْدق، انتهازي، فأكيدًا أنتَ خاسِر.. خاسرٌ أمام نفسِك، وأمام غيرِك.. وسوف تؤدّي الثمن، عاجلاً أو آجلاً.. الثمنُ لا ريبَ فيه.. وعليك أن تضبط نفسَك، لتكون بالفعل في خدمة الوطن والمواطنين.. ولا تزعُمَنَّ أنك لا تفهم، أو لم تفهم.. فالانتخاباتُ ليست عبَثًا.. أو مُخاطرة.. أو مجالاً للكسب.. إن الانتخابات مسؤولية.. والمسؤولية يربطُها الدستورُ بالمحاسبة.. والمحاسبةُ آتية.. ولم يعُدْ في بلدنا مجالٌ للّتّطاوُل.. وتستطيعُ من الآن أن تتصفح بنُود القانون.. فيها كثيرٌ ممّا يجبُ أن تعرف أيها «الفائز».. ولا تستهترنَّ بالقانون.. ولا بالأغلبية الصامتة.. ولا بالضمائر الحيّة.. إنّ بقاء الحال من المحال.. فالعالمُ يتغيّر.. وبلدُنا يتغيّر.. ونحن نتغيّر.. التٌغييرُ من أساسياتِ الوجود.. ثم انظُرْ حولَك.. تأمّلْ أطفالَ هذا الشعب، ومنهم أطفالُك وأحفادُك.. جميعُهم أطفالُ التكنولوجيا الحديثة.. هم أطفالُ الذكاء السابقِ لأوانه.. ذكاءٌ يُصنعُ في الشارع، والتلفزيون، والمواقع الاجتماعية، ووسائل التواصُل الجديدة.. هذه أجيالٌ جديدة لم يسبق لها مثيل.. وهي قادرةٌ على إعادة القطار إلى السّكّة.. قادرةٌ على تغيير كل ما يستوجبُ التغيير، لتكون الانتخاباتُ حقيقية، والديمقراطيةُ حقيقية، والمسؤولية في المستوى المطلوب.. بلدُنا لا يمكنُ أن يستمرّ على عقلية قُطّاعِ الطريق.. عقليةِ البيع والشراء في حقوق الوطن والمواطنين.. وإنك لستَ وحدَك، يا «فائز».. ولن تستطيع أن تستفردَ بالبقرة.. ولا مكان للُصوص الديمقراطية في المغرب الجديد.. [email protected]