يتمحور الجزء الأول من لقاء محمد الحمداوي رئيس حركة التوحيد والإصلاح مع ثلاثة صحفيين أتراك بالقناة التركية الناطقة بالعربية ضمن برنامج نادي الصحافة، حول تجربة الحركة الإسلامية بالمغرب وموقع حركة التوحيد والإصلاح في هذا الحراك، كما يعرض الحمداوي من خلال هذا الجزء الأول منهج والرسالة التي قامت عليها حركة التوحيد والإصلاح منذ تأسيسها إلى اليوم، كما يتناول الحمداوي التجربة المغربية المتميزة والفريدة في تعاطي الحركة مع موضوع العلاقة بين الدعوي والسياسي، وقد شكلت هذه التجربة موضع إعجاب وانبهار من طرف الأتراك وغيرهم ولذلك حظيت بثلث مدة البرنامج وعرفت تفصيلا دقيقا وشاملا من طرف رئيس التوحيد والإصلاح، العضو مؤسس في منتدى الوسطية العالمي، أكد على أهمية فكر الانفتاح والتعاون مع الغير والإسهام في نهضة الأمة كمنهج أطر سلوك وعلاقات الحركة منذ القدم، كما يؤكد على أهمية التعدد الفكري بشكل عام وداخل الحركة الإسلامية على وجه الخصوص بما يسهم في تجديد أفكارها ومواكبة التطورات وأيضا خلق جو من التنافس الإيجابي بينها، كما أكد الحمداوي على أن العلاقة المثلى بين مجالي الدعوي والسياسي تكمن في ضرورة التمايز بينهما مع قدر معتبر من الاستقلالية لكل طرف عن الثاني، واعتبر أيضا أن منهج تحكم أحدهما في الآخر أو الفصل التام بينهما يعد منهجا غير صائب. ● الحراك الداخلي بالمغرب نجد دائما نقاش على مستوى إعادة ترتيب البيت المغربي الإسلامي، قدم لنا نظرة عن الحركة الإسلامية بالمغرب هل هناك تشارك أو وجه من أوجه التنسيق والتعاون؟ ❍ بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أشكر القناة التركية على هذه الاستضافة وعلى هذا البرنامج، الذي يود التطرق إلى التحولات التي تعيشها المملكة المغربية والحركة الإسلامية بها، وأقول منذ البداية أن التحولات والنقاشات التي تعرفها الحركة الإسلامية بالمغرب ليست وليدة اللحظة، فالمغرب منذ القدم كان معروفا في العالم العربي بتنوعه وحراكه فكل الموجات التي مرت في المشرق العربي مرت أيضا بالمغرب سواء في الوقت الذي عرفت مواجهة التيار القومي أو اليساري أو الإسلامي. ومهما قيل عن حدة الاختلافات أحيانا في الشأن المغربي فقد اعتبر أن هذا الأمر إيجابي، فحين يكون هناك اختلاف وتكون هناك تعددية وعندما يتعايش الرأي والرأي الآخر فهذا مفيد للبلد بشكل عام كما أنه مفيد حتى للاتجاهات المختلفة نفسها لكونها تجد نفسها مدفوعة دوما للتجديد وللمواكبة وللمنافسة، أما ما يخص الحركة الإسلامية بالمغرب وموضوع وحدتها تحت منسقية عليا أو أن تجمع في اتجاه واحد فهذا أمر غير موجود فهناك مدارس متباينة فيما بينها ولكن أقدر أن حالة التعايش فيما بينها وتجاوز حالة التقاطب والصراع التي مرت في مراحل سابقة وهذا في تقديري يمثل نوعا من النضج ونتمنى أن يرتقي إلى مستويات أحسن في المستقبل. ● أين تتموقع حركة التوحيد والإصلاح في موضوع الدفع بالحركة الإسلامية بالمغرب في اتجاه توحيد الآراء بين مكونات الحركة الإسلامية خاصة على ضوء التطورات التي جاء بها الربيع العربي؟ ❍ حركة التوحيد والإصلاح وكما هو باد من تسميتها فقد جاءت نتيجة توحيد جماعتين إسلاميتين بعد 20 سنة من الاشتغال الفردي لكل واحدة منهما، حيث حدث بينهما بعض التقاطب فتأسست حركة التوحيد والإصلاح، وكان سعينا واضحا إلى إزالة كل عناصر التوتر بين مكونات الحركة الإسلامية بالمغرب ويبقى السؤال هل ارتقينا إلى مستوى أن تكون هناك تنسيقية أو تنسيق بين هذه الجماعات فهذا غير حاصل الآن، ولكن يحسب لحركة التوحيد والإصلاح أنها لا تشتغل فقط على محيط الحركة الإسلامية فهي تدعوا للانفتاح والحوار والالتقاء والتنسيق حتى مع الاتجاهات الأخرى واليوم أبناء حركة التوحيد والإصلاح المتواجدين اليوم في الحكومة من خلال حزب العدالة والتنمية استطاعوا أن يدخلوا في تحالف مع مدارس سياسية مختلفة وذلك في تقديري من نتائج الفكر المستوعب والمنفتح على الآخر والذي يقبل بالتعددية والتنوع ● إذا أردنا التفريق بين حركة التوحيد والإصلاح وحزب العدالة والتنمية فهل هناك فرق واضح أم أن أمور عدة متداخلة أم ماذا بالضبط؟ ❍ حزب العدالة والتنمية هو حزب سياسي يشتغل في إطار القوانين واللوائح التي تنظم العمل السياسي، وحركة التوحيد والإصلاح فهي حركة دعوية تربوية تشتغل في المجتمع المدني ولها العديد من الجمعيات، ونحن واعون بأننا نلتقي على مستوى الهدف، لكن ذلك مع كثير من التمايز وإلا لا معنى من أن نبقي على مؤسستين، كما أننا لا نندرج ضمن النماذج التي تمارس فيه الجماعة وصايتها على الحزب السياسي أو أن الحزب مطالب بالعودة للجماعة في كل شيء وبالعكس من ذلك تربطنا علاقة استقلالية تامة في اتخاذ القرارات، ويحضرني مثال على هذا المستوى بحيث اطلعت كرئيس لحركة التوحيد والإصلاح على الأحزاب التي تحالف معها حزب العدالة والتنمية من خلال الصحافة، وكذلك الشأن بالنسبة للهيئات السياسية والبرلمان وغيره فالحزب ومؤسساته هو من يدبر هذا الأمر دون الرجوع بالضرورة إلى الحركة، ونحن أيضا في ممارستنا لعملنا الدعوي والقرارات التي نتخذها بهذا الشأن. ولذلك فحزب العدالة والتنمية ليس دراعا سياسيا للتوحيد والإصلاح، والتوحيد والإصلاح ليست دراعا دعويا له، ولكن بيننا شراكة استراتيجية وفي بعض قضايا الأخلاق والقيم وعموم القضايا الكبرى تجد حركة التوحيد والإصلاح حاضرة بقوة في الفعل وفي إصدار البيانات والتعبير عن موقفها، وفي القضايا المتعلقة بتدبير الشأن العام والأغلبية الحكومية والمعارضة وتسيير البلديات فلن تسمع هنا عن شيء اسمه حركة التوحيد والإصلاح ولذلك فنحن نجتهد ليكون هناك تمايز وليس انفصال بين الإطارين، وهكذا فنحن نلتقي على مستوى الأهداف الكبرى ونرعى الاستقلالية التامة لكل مؤسسة عن المؤسسة الأخرى. ● لحظة احتدام الصراع بين حزب العدالة والتنمية ومنافسيه يشيرون إلى خلفيته الدعوية بل يتهمونه أحيانا بالخضوع التام لحركة التوحيد والإصلاح فكيف نقنع هؤلاء بأنه لا تأثير لإديولوجية الحركة على سلوك الحزب في الحكومة؟ ❍ هل هناك تبعية من طرف الحزب للحركة فهذا أمر متجاوز اليوم بحكم واقع علاقة عمرها 16 سنة والتي أكدت وجود تمايز حقيقي بين المؤسستين ويتعزز سنة بعد سنة، ولكن خصوم الحزب يبحثون دائما وخاصة حيال نجاحات الحزب الكبرى على تعليق ذلك على شماعة التوحيد والإصلاح، أما عن موضوع الإديوليوجية أو فكر أو مدرسة التوحيد والإصلاح فالأكيد أن أبناء العدالة والتنمية ليسوا تابعين بل هم من أسسوا ذلك الفكر، وفكر الاعتدال والوسطية أسس له عبد الإله بن كيران ومصطفى الرميد وغيرهم كثير لما كانوا في الحركة وقبل أن يلجوا العمل السياسي، فهم من أسسوا للانفتاح والحوار مع الآخر والعمل داخل المؤسسات، وبالتالي فحين ينفذون هذا الفكر في الحياة العامة فليس في الموضوع امتثال للحركة بل هو استصحاب لفكر ومنهج ومدرسة معينة، أما باقي القرارات فهي اليوم وبشهادة الجميع وتحت أعين الإعلام والصحافة تجري في أجواء ديمقراطية وفي استقلالية تامة عن الحركة ومرة أخرى أعرف من انتخب أمينا عاما للحزب وأنا جالس في بيتي أو من خلال الصحافة. ● يحسب لكم الانفتاح الحاصل في موضوع التحالف الحكومي وتوسيع دائرته غير أنكم تحفظتم على حزب واحد هو حزب الأصالة والمعاصرة فما تفسيرك لهذا التحفظ؟ ❍ طبعا أنت تتحدث هنا عن حزب العدالة والتنمية، ودعني أقل لك أنه بعد عملية التحالف بعث برسالة أهنئ فيها الأحزاب الأربعة بصفتي رئيسا لحركة التوحيد والإصلاح، وهنأتهم على هذه الخطوة التي ستعطي إشارة للجميع بالمغرب وخارجه على أن الالتقاء على البرامج أمر ممكن حتى وإن اختلفت الفكرة أو المدرسة، في ما يخص الأصالة والمعاصرة فقد شكل بالفعل خطا أحمر في تحالفات العدالة والتنمية لأنه الحزب الذي استهدف العدالة والتنمية منذ خروجه للعلن وكان مخططه إيصال المغرب للحالة التونسية في زمن بن علي وهي حالة الحزب الوحيد والتحكم في المجال العام، وهذا أمر كان مانعا حقيقيا من التحالف مع هذا الحزب في تك المرحلة، أما ما يخص التطورات التي تجري اليوم فيمكن أن تتغير الأمور في المستقبل. ● ما الفائدة من فصل الدعوي عن السياسي والذي يعد تجربة مغربية فريدة لا تتمتع بانتشار واسع على المستوى العالمي، وهل جنيتم بعض ثمار هذا المنهج؟ ❍ هو تمييز بداية وليس فصل، وقد طرح علينا في البداية إمكانية دمج الحركة في الحزب كما حدث في التجربة الجزائرية والسودانية، أم أننا سنذهب في اتجاه الفصل التام بين الحركة والحزب وتكون هناك قطيعة، لكن قلنا أيضا أن هذا لا يخدم المشروع المجتمعي الذي هو يحتاج دائما إلى فعل سياسي وفعل مدني وفعل عقدي أو إيديولوجي تربوي، فاخترنا أن يتمتع كل إطار بالاستقلالية التامة مع الاتفاق على الالتقاء على مستوى الأهداف وبالطبع وجدنا في ذلك فوائد عدة على عكس الجماعات التي أسست أحزابا وبقيت تحت مظلة الجماعة كالحالة الأردنية وغيرها، أو الحالات التي تم فيها الإدماج كالسودان والجزائر ووقع الخلاف عندما غابت المرجعية، ونحن وجدنا أن التمايز يعطي فرصة للعمل السياسي للاشتغال، لأن السياسة هي فن الممكن ولها قواعدها وسقوفها إلى غير ذلك، وعندما تقدم على دمج الدعوي والسياسي فأنت إما انك ستبطئ العمل السياسي، وإما أنك ستسرع وستدخل العمل المبدئي القيمي في اليومي، وأحيانا يقع اختلاف في الموقف بيننا وبين حزب العدالة والتنمية ونحن نتفهم ذلك لأننا نعرف ضغوط العمل السياسي وتحالفاته، في حين أنا في الحركة ليس لدي أي تحالف وهكذا فأنا أحيانا أتفهم بعض الأمور على الرغم من رفضي المبدئي لها. ● هل هناك من اتفاق محدد بينكما، حتى تدار الأمور بينكما دون تعارض ودون تداخل، أم أن هناك قيادة مشتركة أم ماذا؟ وهل ترى أن مثل هذه التجربة قادرة على حل مشاكل دول في العالم الإسلامي مثل مصر التي تعاني مشاكل على هذا المستوى؟ ❍ لقد جعلنا بداية موضوع وجود قيادة عليا مشتركة بين حركة التوحيد والإصلاح وحزب العدالة والتنمية خطا أحمر لا يمكن أن نصل إليه، لأنه سيطرح مشاكل أخرى على مستوى التحكيم وربما قد يطرح طرفا ثالث إلى غير ذلك، فحينما اخترنا التنسيق واخترنا الشراكة فذلك لنتفادى وجود مؤسستين بمؤسسة عليا تجمعهما لأنه سيحدث نوع من الصراع بين الدعوي والسياسي، وحول إمكانية حصول نوع من التداخل في المهام. ● (مقاطعا) أو في الصلاحيات؟ ❍ لا، ليس هناك تداخل في الصلاحيات، لأن كل ما يتعلق بالمجالس البلدية والبرلمان والحكومة والمعارضة والأغلبية غير موجود على مستوى جدول أعمالنا، لكننا نتكلم في قضايا الشأن العام الكبرى ونصدر فيها بيانات وقد نحتج على بعضها إلى غير ذلك. ● إذن ليس هناك اعتراض مثلا على لقاءك معنا الآن؟ ❍ أبدا ليس هناك أي اعتراض. وأنا أعطي دائما المثال بأوروبا فالجمعيات التي تهتم بموضوع المحافظة على البيئة فهي تضم الأحزاب الخضر والجمعيات الخضر كما أن هناك أكادميين مفكرين يشتغلون في نفس المجال، فهل عملها ليس سياسي وهو يرتكز إما حول الضغط أو الدفاع أو المرافعة في حين أن أحزاب الخضر عملها في البرلمان، إذن فتجربة التمايز بين الدعوي والسياسي نحتت في أرض مغربية لكن أقدر أن العلاقة بين الدعوي والسياسي لا بد لها من قدر من التمايز، والعديد من الوفود اليوم التي تأتي إلى المغرب من مختلف بلدان العالم العربي والإسلامي هي تبحث وتسأل عن هذه الوصفة، وعندما نجيبهم أنه لا تبعية لهيئة لأخرى يطلبون تفاصيل الموضوع وأعتقد أن مفتاح الحل في هذا موضوع التمايز بين الدعوي والسياسي؛ هو في القدرة على التحرر من عقلية الهيمنة لأن السؤال الذي يطرح علينا دائما ما هي ضمانات الحركة لكي لا ينفلت منها الحزب، ويكون جوابي دائما أن موضوع انفلات الحزب من عدمه غير مطروح على جدول أعمالنا ولذلك فأنا لا أبحث عن وسائل للتحكم في حزب أخشى أن ينفلت، وأقول أن قيادات أسست الحركة توجد اليوم على رأس الحزب فإن لم تستطع أن تصمد على منهاجها ومبادئ المدرسة التي تخرجت منها فهذا حزب في نظري غير قابل للحياة فبالأحرى أن يستمر في المدرسة. ● هل تنصحون بانتقال هذه التجربة المغربية الفريدة إلى باقي بلدان العالم العربي والإسلامي؟ ❍ أنا في تقديري أن كل التجارب الدعوية التي أسست أحزابا وخشيت من أن تنفلت ووضعت آليات للتحكم أو للوصاية فهذا النموذج لن يعمر طويلا، فلا بد من التفكير في طرق أخرى، فعندما يكون قيادي على رأس الحركة لا نخشاه أن ينفلت لكن إذا أصبح في قيادة حزب نبحث عن طرق ليبقى تابعا لنا أعتقد أن هذا أمر غير صائب. ● تقدمت الحركة بطلب تأسيس حزب سياسي فرفضت السلطات المغربية ذلك فعملتم بنوع من الكياسة المتميزة في إلحاق العديد من قياداتكم بحزب آخر كان قائما، فما السر في هذا التفكير الكيس لدى حركة التوحيد والإصلاح منذ بداية اشتغالها؟ ❍ نحن نؤمن بأن الحركة الإسلامية ومشروع النهضة الذي تحمله للأمة يعتمد على مداخل متعددة للإصلاح لكن لا نؤمن بأن يكون هناك تنظيم محوري هرمي على رأسه شخص يفهم في كل الأمور ويعطي الأوامر في كل مجالات العمل، ونحن قلنا منذ أول يوم هل العمل الخيري مثلا من الضروري أن يبقى تحت وصاية الجماعة؟ بل قلنا بأن نفتح العمل على هذا المستوى كما هو الشأن بالنسبة للعمل الطلابي والعمل الثقافي لأناس يريدون الاشتغال في هذه المجالات دون أن يكون شرطا انتسابهم للحركة ولماذا سنضيع هذه الكفاءات المختلفة داخل المجتمع عبر بوابة الانفتاح، واعتقد أن السر في هذا يعود إلى رسالة الحركة والتي تقول «الإسهام في إقامة الدين» والإسهام هنا يعني أنك لست وحدك العامل في هذا المجال أو حاملا لشعار الحق وغيرك الباطل، وكل من دخل إلى الحركة وعرف بأن منهجها يتأسس على الإسهام إلى جانب آخرين ستكون لديه القدرة على الإلتقاء مع الآخرين وليس فقط القبول به، بل إنه سيبحث عنه لأنه يعرف أن مشروع إقامة الدين هو مشروع ضخم وان عمله لوحده غير كاف سواء أكان حكومة أو وزارة أو مفكرا أو جمعية فهو سيضطر إلى البحث عن الآخرين للتعاون وهذا هو السر في الموضع. ● تواجهون بانتقاد دائم مفاده أن العمل السياسي قد أضعف العمل الدعوي؟ ❍ بالفعل فهذا اتهام رافقنا طيلة الثلاثين سنة من العمل، وقد مررنا شأننا شأن العديد من التنظيمات الإسلامية من مرحلة التغيير الجذري والعمل السري إلى مرحلة المراجعات الفكرية التي خضناها بشكل إرادي، ووصلنا إلى أن أي صراع بين الأنظمة والحركات الإسلامية لا يخدم إلا مصلحة أعداء الإسلام، وهكذا أصبحنا كلما وجدنا مدخلا للإصلاح من داخل المؤسسات بدل التغيير الجذري كلما نتيح لأنفسنا هذه الفرص ونفوت الفرص على خصومنا اللذين يقتاتون على الصراع بين الحركات الإسلامية والأنظمة الحاكمة. ● لكن الانتقاد أحيانا يكون من طرف تنظيمات إسلامية نموذج جماعة العدل والإحسان؟ ❍ نعم وذلك منذ أول يوم، لكن نحن وقبل العمل السياسي وعندما قررنا العمل من داخل المؤسسات وأسسنا جمعيات قيل لنا أن هذا تنازل عن المبادئ الكبرى، وكذلك عندما أسسنا جريدة ومجلة وأيضا عندما دخلنا للعمل السياسي، لكن اليوم عملية الاقتراع والانتخابات الأخيرة أعطى فيها الشعب المغربي المرتبة الأولى لهذا الحزب الذي يتهم أنه منذ 30 سنة وهو يقدم التنازلات، وذلك في سنة الربيع العربي وفي سنة الحراك في الشوارع وفي سنة مواجهة الفساد والاستبداد أعطى المغاربة الذين يرفضون الفساد والاستبداد أصواتهم لحزب العدالة والتنمية ولكن ذلك في ظل الاستقرار وهذه هي المعادلة التي اختارها حزب العدالة والتنمية. ● هل يمكن في نظرك وعلى مستوى الواقع التوفيق بين العمل الدعوي والسياسي، وهل تتوقعون نجاح هذه التجربة في المستقبل بالمغرب أولا وهل ستستطيع الصمود لتصبح نموذجا قابلا للتصدير إلى دول أخرى غير المغرب؟ ❍ في ما يتعلق بالتجارب الإسلامية والتحولات فالسلفيون كان لهم موقف من العمل السياسي واليوم لهم أحزاب في مصر فهذا سيأخذ من حصة حزب الحرية والعدالة فليكن ذلك وأين المشكل، لكن في تقديري فالربح الذي تربحه الأمة في هذه التعددية أنها تجنب دعاء جماعة ما أن لها القدسية أو تحتكر مفهوم الإسلامية. ● تعني بهذا أن التنوع مطلوب ويخدم الفكر الإسلامي ويخدم الحركات الإسلامية وكذلك وصولها إلى السلطة؟ ❍ أكيد، وأي بلد في جماعة إسلامية واحدة واتجاه واحد سيعاني من عقم في إنتاج الأفكار، والتنافس الجاري بمصر اليوم بين الإخوان والسلفيين سيدفع الطرفين لمراجعات معينة حتى لا يقع نوع من التحجر على فكر واحد. ● فيما تختلف تجربتك عن تجربة ولاية الفقيه في إيران أو التجربة الأردنية؟ ❍ أهم خصوصية في تقديري هي أننا نحن خاطرنا وغامرنا بإعطاء الاستقلالية للحزب، فيما هذا لم يحصل بعد في تجارب مختلفة وكان السؤال المطروح دائما؛ إذا كان هناك استقلالية تامة فما دورنا نحن كحركة، وأخشى أن يقرن دور الحركات والجماعات الإسلامية في علاقتها بأحزابها بمستوى التدخل والتحكم وإلا في نظري فإن كنت حركة دعوية فقوتك في أفكارك وفي مقترحاتك وفي درجة حضورك مع الناس لإشاعة الصلاح بشكل عام، فجبهة العمل الإسلامي في الأردن عندما أسست لتجلب الناس من خارج دائرة الإخوان لم يحدث ذلك مع الأسف، لأنه عندما يعلم الناس أن من يتحكم في القرار جهة أخرى أو يعلمون انه قد تتخذ قرارات من طرف الحزب ويتم التراجع عنها فهذا أمرغير مشجع بتاتا.