المشاركون في مؤتمر التحالف من أجل الحكم الذاتي في الصحراء يقومون بزيارة لميناء الداخلة الأطلسي    عبد النباوي: العقوبات البديلة علامة فارقة في مسار السياسة الجنائية بالمغرب    نجاح باهر للنسخة الثامنة من كأس الغولف للصحافيين الرياضيين الاستمرارية عنوان الثقة والمصداقية لتظاهرة تراهن على التكوين والتعريف بالمؤهلات الرياضية والسياحية لمدينة أكادير    الاستيلاء على سيارة شرطي وسرقة سلاحه الوظيفي على يد مخمورين يستنفر الأجهزة الأمنية    كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة.. وهبي: "أشبال الأطلس" يطموحون للذهاب بعيدا في هذا العرس الكروي    مأسسة الحوار وزيادة الأجور .. مطالب تجمع النقابات عشية "عيد الشغل"    تجار السمك بالجملة بميناء الحسيمة ينددون بالتهميش ويطالبون بالتحقيق في تدبير عقارات الميناء    موتسيبي: اختيار لقجع قناعة راسخة    سلطات سوريا تلتزم بحماية الدروز    القصر الكبير.. شرطي متقاعد يضع حداً لحياته داخل منزله    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    نشرة إنذارية: زخات رعدية قوية ورياح عاتية مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    المغرب يتلقّى دعوة لحضور القمة العربية في العراق    الدولي المغربي طارق تيسودالي ضمن المرشحين لنيل جائزة أفضل لاعب في الدوري الاماراتي لشهر أبريل    تأخيرات الرحلات الجوية.. قيوح يعزو 88% من الحالات لعوامل مرتبطة بمطارات المصدر    الإنتاج في الصناعات التحويلية.. ارتفاع طفيف في الأسعار خلال مارس الماضي    المغرب يواجه حالة جوية مضطربة.. زخات رعدية وهبات رياح قوية    مُدان بسنتين نافذتين.. استئنافية طنجة تؤجل محاكمة مناهض التطبيع رضوان القسطيط    الشخصية التاريخية: رمزية نظام    فلسفة جاك مونو بين صدفة الحرية والضرورة الطبيعية    هذه كتبي .. هذه اعترافاتي    وزارة الأوقاف تحذر من الإعلانات المضللة بشأن تأشيرات الحج    العراق ولا شيء آخر على الإطلاق    المغرب ينخرط في تحالف استراتيجي لمواجهة التغيرات المناخية    إلباييس.. المغرب زود إسبانيا ب 5 في المائة من حاجياتها في أزمة الكهرباء    مسؤول أممي: غزة في أخطر مراحل أزمتها الإنسانية والمجاعة قرار إسرائيلي    تجديد المكتب المحلي للحزب بمدينة عين العودة    الصين تعزز مكانتها في التجارة العالمية: حجم التبادل التجاري يتجاوز 43 تريليون يوان في عام 2024    انطلاق حملة تحرير الملك العام وسط المدينة استعدادا لصيف سياحي منظم وآمن    الحكومة تلتزم برفع متوسط أجور موظفي القطاع العام إلى 10.100 درهم بحلول سنة 2026    العلاقة الإسبانية المغربية: تاريخ مشترك وتطلعات للمستقبل    الإمارات تحبط تمرير أسلحة للسودان    كيم جونغ يأمر بتسريع التسلح النووي    ندوة وطنية … الصين بعيون مغربية قراءات في نصوص رحلية مغربية معاصرة إلى الصين    رحلة فنية بين طنجة وغرناطة .. "كرسي الأندلس" يستعيد تجربة فورتوني    السجن النافذ لمسؤول جمعية رياضية تحرش بقاصر في الجديدة    ابن يحيى : التوجيهات السامية لجلالة الملك تضع الأسرة في قلب الإصلاحات الوطنية    فيلم "البوز".. عمل فني ينتقد الشهرة الزائفة على "السوشل ميديا"    المغرب يروّج لفرص الاستثمار في الأقاليم الجنوبية خلال معرض "إنوفيشن زيرو" بلندن    تقرير: 17% فقط من الموظفين المغاربة منخرطون فعليا في أعمالهم.. و68% يبحثون عن وظائف جديدة    مارك كارني يتعهد الانتصار على واشنطن بعد فوزه في الانتخابات الكندية    مهرجان هوا بياو السينمائي يحتفي بروائع الشاشة الصينية ويكرّم ألمع النجوم    إيقاف روديغر ست مباريات وفاسكيز مباراتين وإلغاء البطاقة الحمراء لبيلينغهام    جسور النجاح: احتفاءً بقصص نجاح المغاربة الأمريكيين وإحياءً لمرور 247 عاماً على الصداقة المغربية الأمريكية    دوري أبطال أوروبا (ذهاب نصف النهاية): باريس سان جرمان يعود بفوز ثمين من ميدان أرسنال    الأهلي يقصي الهلال ويتأهل إلى نهائي كأس دوري أبطال آسيا للنخبة    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تمنح جائزة عبد الرحمن الصديقي الدكالي للقدس    نجاح اشغال المؤتمر الاول للاعلام الرياضي بمراكش. .تكريم بدرالدين الإدريسي وعبد الرحمن الضريس    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد الحمداوي رئيس حركة التوحيد والإصلاح لقناة الجزيرة: علاقة الحركة بالحزب صيغة مغربية لا وجود لمثيل لها في العالم الإسلامي
نشر في التجديد يوم 27 - 07 - 2010

أثار الحوار الذي أجرته قناة الجزيرة مؤخرا مع المهندس محمد الحمداوي، رئيس حركة الوحيد والإصلاح، مجمل القضايا التي تشغل اهتمامات المتابعين لشأن الحركات الإسلامية بشكل عام وحركة التوحيد والاصلاح بشكل خاص، وأوضح الحمداوي، في الجزء الأول من هذا الحوار، مفهوم الإصلاح لدى الحركة وعلاقته بالمؤسسات الرسمية والمجتمع، والعلاقة بين الدعوي والسياسي، والموقف من إسلامية الدولة والمجتمع، ودور حركة التوحيد والإصلاح في نشر ثقافة الاعتدال والمشاركة. كما بين علاقة الحركة بحزب العدالة والتنمية وشدد على أن صيغة هذه العلاقة فريدة في العالم الإسلامي. كما تطرق إلى الفرق بين الحركة وجماعة العدل والإحسان، فشدد الحمداوي على كونهما مدرستان مختلفتان. وفي موضوع المراجعات التي قامت بها الحركة أوضح الحمداوي أن إحداها تتمثل في الانتقال أو التحول بشكل أرحب من التمركز حول إقامة الدولة إلى هدف إقامة الدين.
قبل أيام عقدتم الجمع الوطني الرابع لحركة التوحيد والإصلاح تحت شعار:الاستقامة والإصلاح: نهضة وفلاح، ما هي حمولة هذا الشعار في الفضاء المغربي؛ اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، وأهميته الآن في الظرف التاريخي للمغرب؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، بداية أحمد الله تعالى أن انعقد الجمع العام الرابع لحركة التوحيد والإصلاح في موعده المحدد، الذي هو على رأس كل أربع سنوات. واحترام المواعيد، واختيار القيادات، والانتخابات، هو واحد من مكونات الديمقراطية الداخلية للمنظمات والهيئات.
أما عن شعار المؤتمر الذي هو الاستقامة والإصلاح: نهضة وفلاح، فعنصره الأول يعني أن الاستقامة يجب أن تكون في كل شيء، على مستوى الأفراد والمؤسسات، وعلى مستوى المجتمع بشكل عام، فهي أساس من أساسيات ذلك النهوض الحضاري الذي نطمح إليه. وأن نتواصى في ما بيننا بعد الاستقامة كأفراد بالإصلاح، وأن يكون عنصرا عاما غير خاص لا بمنظمة ولا بهيئة بعينها ولا بالدولة وهيئاتها أو بالمجتمع، بل قضية الإصلاح يجب أن تتوافق عليها كل مكونات المجتمع.
بهذه الاستقامة، وبهذا الإصلاح، إن شاع بين مؤسسات المجتمع، نطمح أن نحقق النهوض الحضاري ونحقق إحياء أمتنا من جديد. وقضيتنا لا ترتبط بهذه الدنيا فقط بل أملنا من خلال الاستقامة والإصلاح، النهضة في الدنيا والفلاح في الآخرة إن شاء الله.
ومع ذلك، فالمغرب فيه الكثير من الآراء والأحزاب والهيئات والتوجهات اليسارية واليمينية، ومفهوم الإصلاح قد يختلف من جهة إلى أخرى، هنا تثار سمعة وكرامة المرأة مقابل معاول الهدم التي تحدثتم عنها، من تقصدون بمعاول الهدم في المغرب؟
أكيد أن هناك تدافع، وهو غير خاص بالمغرب، بل إن مجال القيم والأخلاق اليوم يعرف تدافعا حقيقيا على الصعيد الدولي، فهناك جهات ممولة وأخرى تضع الخطط والسياسات، خذ على سبيل المثال ما يراد له أن يفرض باسم المواثيق الدولية، ويتم الضغط محليا من أجل السماح به والترخيص له، أقصد بالتحديد الشذوذ الجنسي مثلا، وهناك قضايا أخرى مماثلة، باتت معروفة، مثل الإجهاض. وهذا إن كان يتهدد دولا مسلمة مثل المغرب، فإن مواجهته تتم من قبل المسلمين ومن غيرهم، أقصد أن هناك منظمات عالمية، مسيحية وغيرها، تناضل من أجل نفس الهدف. إن الدفاع عن الأسرة وحمايتها يشكل -في هذا السياق- محط إجماع بين تلك المنظمات على اختلاف مرجعياتها. ولذلك فإن حركة التوحيد والإصلاح بما أنها تقول بالتدافع فهي تعلن أنها تسهم إلى جانب آخرين في حماية قيم المجتمع وهويته. ونعتقد أن التدافع حول القيم يحتاج داخل بلادنا إلى جهات عدة وليس جهة وحيدة. ومن هذا نؤكد أن قضيتنا هي الإسهام في إقامة الدين وتجديد فهمه والعمل به. وضمنيا فأعضاء الحركة يعتبرون أنفسهم مع آخرين يشتركون في عملية الإصلاح.
طبعا الدين موجود في المجتمع المغربي، ولكن إلى أي حد يمكن أن يكون هذا الشعار مهادنا مع السلطة، بينما أنتم ترفعونه من أجل إقامة مجتمع ديني أو إسلامي في المغرب؟
دعني أؤكد لك أن المغرب منذ أن تأسس، إنما حصل ذلك بالإسلام مرجعية عليا للدولة والمجتمع، ولذلك نحن اليوم نعتبر أنفسنا في بلد إسلامي مع شعب مسلم في دولة إسلامية. وقضية إقامة الدين يجب أن تفهم في هذا السياق، فنحن نسعى إلى إقامة الدين على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع، وعلى مستوى الدولة عبر الإسهام في مؤسساتها، وما مشاركة بعض أعضائنا في العمل السياسي إلا دليل على رغبتنا في أن نكون حاضرين في التدافع على هذا المستوى، تماما عندما نركز على قضية الأسرة بوصفها أهم مؤسسة اجتماعية. هذا قد يكون جديدا، ولكنه يؤكد منهجنا، نحن نشتغل بالإصلاح، أي على تحسين ما هو موجود لننتقل به إلى الأحسن والأفضل، في إطار قيمنا وهويتنا، وسبيلنا إلى ذلك التدافع السلمي، والتعاون مع الغير على الخير.
قد يقول قائل: ما أهمية هذا الكلام بينما حركتكم لم تحصل بعد على الترخيص القانوني للعمل في المغرب؟
نحن في وضع قانوني، فالحركة تشتغل في إطار قانوني، وكل ما يجب أن تقوم به قانونا فهي تلتزم به وتعمل به. نعم، الترخيص النهائي لم نحصل عليه بعد، ولكننا نتوفر على وصل مؤقت. وبعض فروع الحركة تشتغل في وضع قانوني تام. ولذلك نحن نشتغل بشكل عادي، آخر عملنا هو المؤتمر، وقد نُظم في قاعة عمومية، وبقية أشغاله كانت في مؤسسة للدولة وبإشعار منها. نحن إذن نشتغل في المتاح، وبالنسبة لنا لا نعتبر أن هذه هي المشكلة.
بخصوص طبيعة علاقتكم بالسلطة، وعدم رضى بعض الجهات بها مما حال دون حصولكم على الترخيص النهائي، سؤالي ما هي طبيعة الأحزاب الإسلامية في علاقتها مع السلطة في ظل وجود مثل هذه الجهات التي تنظر بعين الريبة إليها؟
هنا يجب التدقيق، حزب العدالة والتنمية حزب مرخص له في المغرب، ويعمل في إطار قانون الأحزاب مثله مثل باقي الأحزاب. أما حركة التوحيد والإصلاح فهي حركة تربوية دعوية تعمل في إطار قانون الجمعيات. قد يكون هناك تحفظ عليها من قبل بعض الأطراف. ولكن أعتقد أن وضعها اليوم في تحسن، وأُقدر أنه كلما مرّت سنة بعد الأخرى، إلا وتقتنع تلك الأطراف بأن حركة التوحيد والإصلاح هي عنصر إيجابي في المجتمع. وأنها قد أسهمت منذ 30 سنة خلت بشكل فعّال في تأطير الشباب والمجتمع، وفي ترسيخ خيار الوسطية والاعتدال. وحينما تقع بعض التجاوزات، أو حتى التفجيرات الإرهابية، فإن تلك الأحداث ما هو إلا استثناء يؤكد أن الاقتناع بخيار الوسطية والاعتدال يظل هو الغالب، ويشكل الاتجاه العام في المجتمع. وهو الخيار نفسه الذي أسهم في التخفيف من مظاهر اليأس والتيئيس والعدمية في النظر إلى الواقع وتقييمه. نحن نمثل الخيار الأول وبه نقنع كل أعضائنا ومتعاطفينا. ونؤكد أن منهج الإصلاح يجب أن يكون من داخل المجتمع، ومن قبل أفراد هذا المجتمع، وبمؤسسات المجتمع ومن داخلها. وفي تقديري هناك جهات في السلطة أصبحت تعي بشكل جيد أن هذه المهمة وهذا الدور هو جد مهم ويلبي حاجيات موجودة في المجتمع.
ما هي طبيعة العلاقة بينكم وبين حزب العدالة والتنمية، هل هناك تبادل للأدوار بأن تكونوا في الواجهة الدعوية والحزب في الواجهة السياسية، هل هي استرتيجية مخطط لها أم هو تقاسم للأدوار أم حالة من الحالات التي تعيشها الكثير من الحركات الإسلامية في العالم الإسلامي؟
طيب، أبدأ من الشطر الأخير من السؤال، أي هل هي حالة تشبه ما تعيشه الحركات الإسلامية في العالم الإسلامي، في علمي لا توجد مثل هذه الصيغة المغربية في أي تجربة حركية أخرى. ففي تلك التجارب، نجد في الغالب حركة أو جماعة إسلامية تؤسس لنفسها جناحا سياسيا تابعا لها، ويصل الأمر في هذه التجارب حتى إلى تعيين قيادة الحزب. بل إن في بعضها نجد أن الدولة إذا أرادت أن تفاوض الحزب، تضطر إلى مفاوضة الجماعة منذ البدء. في الحالة المغربية، لا يوجد شيء من ذلك بكل تأكيد. نحن نؤكد أن الحركة والحزب يلتقيان على مستوى الأهداف، ومشروعنا لإصلاح المجتمع لا نتعارض فيه، إلا أن حركة التوحيد والإصلاح تشتغل على مستوى الفرد والمجتمع، بينما يشتغل الحزب في المجال السياسي. وهذا أمر لا ننكره...
محمد السروجي من مصر: مرحبا بالضيف العزيز محمد الحمداوي، وهو من الرموز التي تمثل الإسلام الوسطي المعتدل الناضج الذي نعتز به جميعا، ولكن هناك مشكلة تخصني كمهتم بالحركة الإسلامية في التجربة المغربية، خاصة ما يتعلق بالتمايز الوظيفي بين الدعوة والسياسة، فالتجربة المغربية ناضجة خاصة عندما حددت مقومات وحدة الهدف والتمايز الوظيفي، لكن على المستوى العملي، هناك انفصال قادم بين حركة التوحيد والإصلاح كهيئة دعوية وحزب العدالة والتنمية كهيئة سياسية. مما يعني أن العمل الإسلامي يعاني إشكاليتين: تتمثل على مستوى الممارسة في التداخل بين الهيئة الدعوية والهيئة السياسية، والثانية تتمثل على مستوى القانوني تضع الهيئتين في حرج. وتتحمل الحركة نتيجة الصراع بين الحزب والدولة، السؤال هو هل التجربة المغربية ستستمر وتتحمل النتائج أم لا؟
مرحبا، هذا الموضوع غالبا ما يُنظر إليه انطلاقا مما هو موجود في تجارب حركات إسلامية أخرى. أما على مستوى حركة التوحيد والإصلاح فهي حركة دعوية تربوية، والحزب يشتغل في مجال الشأن العام. ونحن نجتهد في هذا الاتجاه، لأن هذا مسار لا يمكن أن نحسم فيه بقرار. ومنذ أول يوم لم نختر لا وصلا بين الحركة والحزب ولا فصلا، بل اخترنا شراكة استراتيجية بينهما، تلتقي على مستوى المرجعية. وقررنا مثلا أن أعضاء الحركة الذين يشتغلون في الوعظ والإرشاد في المساجد لا يترشحون باسم الحزب، ولا يقومون بالدعاية السياسية للحزب، لسبب بسيط هو أن الواعظ أو الخطيب يجب أن يكون لجميع الناس. وأن على المناضل في الحزب أن ينزل إلى الشارع ليجيب عن إشكاليات الناس ببرنامج انتخابي واضح ومقنع. نعم الحزب ذو مرجعية إسلامية، لكن الناس ينتظرون منه أن يجيب عن إشكالاتهم اليومية، وعليه أن يمتلك برنامجا انتخابيا سياسيا. وانطلاقا من هذه الرؤية، قلنا إننا نرفض التوظيف الدعوي من أجل السياسي، وبنفس المستوى نريد أن تبقى حرية أكثر للحركة في عملها داخل المجتمع. وعليه، نحن لا نستبعد أن يحصل في قضية محددة خلاف في المواقف، بأن يصدر بيان عن الحزب يختلف عن بيان الحركة، ولن يعني ذلك أي خلاف أو صراع بينهما، بل هو تأكيد على استقلالية الهيئتين، وتأكيد على أن لكل معطياته وإكراهاته، ومجالات عمله في الواقع، ولكل الاستقلالية الكاملة في أن يقدر هذا الواقع، ويبقى الأهم هو أننا نلتقي في الأهداف الكبرى وفي الطموح. دعني أقدم لك مثالا، حين يقدم الحزب على تقديم مرشحيه للانتخابات البرلمانية من يختاره من مناضليه، نحن ندعم بشكل عام ولا نتدخل في ذلك. بل إن الحزب عندما يصدر بياناته لا نعلمها إلا من خلال الإعلام. وبالطبع نحن أيضا نرفض أن يتدخل الحزب في الشؤون الداخلية للحركة.
ولكن هذا التوجه وطبيبعة العلاقة بينكم وبين الحزب، هو ما جعل البعض يتهمكم بأنكم مهادنون أكثر من اللازم للسلطة مقارنة مع العدل والإحسان؟
جماعة العدل والإحسان وحركة التوحيد والإصلاح مدرستان مختلفتان، والمشاركة السياسية لأعضاء الحركة من خلال حزب العدالة والتنمية لم تأت إلا لاحقا، وإلا فلنبحث في الوثائق المؤسسة لحركة التوحيد والإصلاح، وكذا في وثائق الجماعتين اللتين كانتا قبلهما،- إذ التوحيد والإصلاح هي حصيلة اندماج بين حركة الإصلاح والتجديد ورابطة المستقبل الإسلامي- وخيارها بتبني المشاركة سابق على وجود الحزب ابتداء. بل في فترة كان الغالب على الحركات الإسلامية خيار المفاصلة والمقاطعة...
...مقاطعا، ولكن كيف تفسرون وجود قيادات في الحركة وفي الحزب في الوقت نفسه؟
دعني أكمل، قلت إن هذا الخيار عند حركة التوحيد والإصلاح بدأ بشكل مبكر ولم يكن بدافع من العمل السياسي أو مهادنة أو تصالح، لقد اخترنا قبل تأسيس الحزب خيار العمل في إطار القانون وفي إطار الواقع بشكل مبكر. أما أن يكون بعض الأعضاء مشتركين، فأنا أقول إن خيار التمايز بدأناه منذ سنة ,1996 وقلنا هو مسار وليس قرار قطعي يتخذ، وبموجبه يحسم الملف ويطوى الموضوع. نحن اليوم بيننا عضوان مشترَكَان، لكن في بداية التأسيس كان عدد الأعضاء المشترَكين خمسة. معنى هذا أنه كلما تمكنا من تعميق خيار التمايز نفعل ذلك. لقد نجحنا في إقرار التمايز على مستوى الخطاب، ويمكن أن أؤكد أن بيانات الحركة وخطابها مستوعب للجميع، ومتماز عن خطاب الحزب، إذ للخطاب السياسي/الحزبي خصوصيته وطبيعته.
يحيى كرمي من المغرب: السلام عليكم ورحمة الله، تحية للأستاذ محمد الحمداوي، الملاحظ أن أغلب الحركات الإسلامية بقيت لفترة طويلة مرتهنة إلى فكرة إقامة الدولة أولا، البداية من الدولة، مما سبب صدامات مع الأنظمة القائمة. ما هي الرؤية التي تقدمها حركة التوحيد والإصلاح؟ والسؤال الثاني: أغلب الحركات الإسلامية فهمت من كون الإسلام دينا شاملا تستلزم تنظيمات شاملة؛ لكن رأينا أن حركة التوحيد والإصلاح تبدع منهجا جديدا سمته سياسة التخصصات، هذه السياسة كيف تقدمها الحركة، وكيف يمكن الاستفادة منها لبقية الحركات الإسلامية؟
شكرا، بالنسبة للنقطة الأولى لعلها تجيب عن ما تبقى من الفقرة السابقة. إن واحدة من المراجعات التي قامت بها حركة التوحيد والإصلاح، تتمثل في الانتقال أو التحول بشكل أرحب من التمركز حول إقامة الدولة إلى هدف إقامة الدين. وفي رسالتنا نجد أن إقامة الدين يجب أن تتم على مستوى الفرد والأسرة أو المجتمع والدولة. وبذلك نحن لم نلغ الدولة من عملنا، لكننا نعتبرها واحدة من مداخل الإصلاح، وليس المدخل الوحيد والأساس. ونعتبر في ورقتنا السياسية وفي كل وثائقنا أن الدولة المغربية دولة إسلامية، ونعتبر شعبها شعب مسلم. ونعي جيدا أن الصراع مع الأنظمة يستفيد منه خصوم وأعداء الإسلام، ولا تنسى أن الجزائر مجاورة لنا، وأنت تعرف الانهاك الذي يحصل لها دولة ومجتمعا.
أما النقطة الثانية على مستوى الهيكلة، نحن نقدر أن الإسلام شامل، ومجالات عمله شاملة، ولكن هذا لا يستدعي بالضرورة أن نشتغل لعمل إقامة الدين من خلال هيكلة محورية مركزية على رأسها شخص يفهم في كل شيء، ويترأس كل مناشط العمل الإسلامي. لأن هذا سيحولنا إلى تنظيمات مثقلة بالعمل الإداري؛ ولذا قررنا أن نعطي استقلالية لكل تخصص يعمل في مجاله، ويلتقي فيه أعضاء الحركة مع مواطنين وفعاليات من المجتمع، لأن هناك أناسا مستعدين للعمل من أجل الإصلاح، في مجال من مجالات عملنا، لكن ليس لهم استعداد الانتماء إلى الحركة. هذا الخيار يطرح تخوفات عند البعض، وحينما نلتقي بهذ البعض يسألوننا عن الضمانات التي يمكن بها أن تبقى هذه المؤسسات المستقلة مرتبطة بالحركة، وجوابنا أن الهدف ليس وصايتنا على هذه المؤسسات. والسؤال الحقيقي هو ما هي الضمانات لكي تخدم هذه التخصصات مشروع الحركة، وتجربتنا إلى الآن مع كل هذه المخاطرة والتخوف أن تنفلت هذه الجمعيات أو التخصصات إيجابية. حينما تثق في الرجال والنساء عليك أن تثق فيهم إلى النهاية، حتى يحققوا أهداف الحركة في المجتمع وبتعاون مع رجاله ونسائه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.