يرتقب أن تشكل الاستحقاقات الانتخابية في الرابع من شهر شتنبر المقبل، والتي سيتمخض عنها انتخاب مجالس المقاطعات والمدن والمجالس الجهوية بصلاحيات واسعة مالية وتسييرية، منعرجا هاما في إطار تفعيل الجهوية الموسعة التي ستعطي للمنتخب صلاحيات جديدة لم يعهد ممارستها من قبل. وتؤكد نزهة الوافي، عضوة الفريق البرلماني للعدالة والتنمية بالبرلمان، أن سنة 2016 "ستشهد التنزيل الفعلي لتسيير شؤون الجهات من طرف المنتخبين بصلاحيات وموارد مالية هامة، ستعطي نفسا جديدا لتنزيل الحقوق الدستورية للمواطنين على أرض الواقع، والمتمثلة في الحق في السكن والتعليم والصحة وباقي الحقوق الأساسية الأخرى". وتقول المتحدثة، في تصريح لهسبريس، إن الحكومة منهمكة في الوقت الراهن على تحضير مشروع قانون المالية والميزانيات المخصصة للجهات التي سيتم انتخاب مستشاريها ومسيريها ابتداء من 4 شتنبر المقبل، وهو ما يعتبر تطبيقا على أرض الواقع للجهوية الموسعة التي طالما سعى المغرب لتحقيقها، حسب تعبيرها. البرلمانية عن حزب "المصباح" أوردت في ذات التصريح أن "مشروع الميزانيات الفرعية لمشروع مالية 2016 الذي يحضر له حاليا قبل إحالته على البرلمان بعد افتتاح الدورة البرلمانية لشهر أكتوبر، سيشهد ولأول مرة بداية عهد جهوي جديد، وأهم متغير يتمثل في مركزية الميزانيات، وبداية التدبير الترابي اللامتمركز في المغرب كمحطة أساسية في مسار الإصلاحات المؤسساتية التي يعرفها المغرب". وأشارت الوافي إلى أنه سيتم تحويل الميزانيات للجهات في إطار الاختصاصات الذاتية للجهة والاختصاصات المنقولة من الدولة، والاختصاصات المشتركة والنظام المالي للجهة، فضلا على البرامج المتبلورة بالمجالس والمكاتب الجهوية، مشددة على "ضرورة إدماج البعد الحقوقي حتى يتسنى تقليص الهوة بين الجهات، والانتقال من خطاب ومقاربة الواجهة الى خطاب الواقع والحقيقة من لدن كل الفاعلين". وأضافت قائلة "أعتقد أن هذه المفارقة التي وجب العمل على تقليصها خاصة على المستوى المحلي على اعتبار أن المجال المحلي أصبح اليوم الإطار الأنجع لطرح القضايا الأساسية لاختبار تقدم حقوق الإنسان في بلد معين ما، لأنه أضحى المجال المتميز للتعبير عن الإشكاليات والسمات البارزة للسياسة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحقوقية في علاقاتها مع تدبير السياسات والبرامج ذات الصلة بالمواطن ميدانيا" . وحول ما إذا كان المنتخبون بمقدورهم الارتقاء إلى مستوى تحدي استقلالية التسيير المالي للجهات، التي سيشرع في إعمالها انطلاقا من بداية العام المقبل، اعتبرت نزهة الوفي، أن "هذا التحدي ليس مطروحا، ليس فقط على المنتخبين السياسيين، بل هو مطروح على المواطنين الذي يجب عليهم اختيار نخب سياسية قادرة". الحسين نصر الله، عضو اللجنة المركزية حزب الاستقلال، أفاد بدوره في تصريح لهسبريس، "أن ارتقاء المنتخبين مسألة حاسمة في إنجاح هذه التجربة التي يخوضها المغرب لأول مرة في تاريخه"، معتبرا أنه هناك عاملا حاسما آخر يتعلق بضرورة تنزيل ميثاق اللاتمركز في أسرع وقت، و"الذي أضحى ضرورة ملحة الآن أكثر من أي وقت ما، كما يجب على القطاعات الحكومية أن تساهم في تنمية الجهة". وأضاف نصر الله "المرشحون يجب أن يكونوا في مستوى الحدث وأن يتم تفادي تعدد المهام والمناصب، وهذا مسألة أخلاقية أكثر منها قانونية ولها علاقة بالإحساس بالمسؤولية". وزاد المتحدث قائلا "عموما فإن الارتقاء إلى مستوى التحديات التي يطرحها الانتقال إلى الجهوية الموسعة، هو ما يطمح له الجميع، لأن الجهة سيترأسها منتخب والذي سيصبح هو الآمر بالصرف" مشيرا إلى أن "مجلس الجهة هو بمثابة حكومة مصغرة لها صلاحيات واختصاصات جهوية واسعة، وبالتالي فالمنتخبون ملزمون لأن يكونوا في مستوى تطلعات كل المغاربة".