للممثلين والإعلاميين بمصر تاريخ ممتد في إهانة عدد من الشعوب، دون اعتبار لعواقب الأمور التي قد تصل إلى حد إثارة أزمات دبلوماسية بين "البلدان الشقيقة والصديقة"، لعل آخرها الإهانة التي وجهها الفنان، عبد المنعم صبري، للشعب التونسي، حين وصف محمد البوعزيزي، مفجر ثورة الياسمين ب"ابن الوسخة". وأفضت بعض خرجات فناني مصر، إلى حد المطالبة بقطع العلاقات الاقتصادية والثقافية والفنية بين بلاد الكنانة ودول عربية، كمثل الصدع الذي أصاب العلاقات المصرية الجزائرية، ومطالب بسحب سفيري البلدين، بسبب أحداث مباراة لكرة القدم بمدينة أم درمان السودانية عام 2009. وبينما عمد حكماء إلى تخفيف احتقان مفتعل، وصف فنانون مصريون، من أمثال زينة، ومحمد سعد، وإيهاب توفيق وغيرهم، إلى جانب عدد من الإعلاميين، الشعب الجزائري بنعوت مسيئة، حيث ساووا في ذلك بين المبادر إلى الاعتداء والتعنيف، وبين النخبة من المثقفين، وأولئك الذين لا علاقة له بمباريات لكرة القدم من قريب أو بعيد. الشعب المغربي بدوره، كان له نصيب الأسد من الإهانات التي يقذفها في وجهه فنانون وإعلاميون مصريون، وصلت إلى حد تعكير الأجواء بين الرباط والقاهرة، حين تحدثت أماني الخياط ضمن برنامجها "صباح أون"، عن اعتماد الاقتصاد المغربي على الدعارة، وهو ما أثار غضب المغاربة، وتلاه اعتذارات بالجملة من الجانب المصري. ولم يتوقف سيل الإساءة للمغرب عند الفنانين والإعلاميين الذي يعمدون في كثير من خرجاتهم وتصريحاتهم إلى الإساءة للمغرب، حيث أقدم الممثل المصري حسن حسني على وصف المغرب ب"المطعم الجنسي"، زيادة على اتهام المستشار مرتضى منصور، رئيس نادي الزمالك المصري، المغاربة بممارستهم السحر. وفي سياق ذي صلة، هاجم الإعلامي المصري المثير للجدل، توفيق عكاشة، الشعب العراقي، ووجه له سبابًا وشتائم، ونعته بأوصاف مسيئة، مثل الحمير والبغال، ما أثار غضب إعلاميين ومواطنين عراقيين، وجر عليه دعوى بتهمة "السب والقذف" ضد الشعب العراقي، وذلك في برنامجه "مصر اليوم" على قناته "الفراعين". وبالرغم من العطايا التي لا تبخل بها السعودية على مصر، خاصة بعد تولي عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم، هاجم الإعلامي المصري، إبراهيم عيسى، الملك سلمان بن عبد العزيز، قائلا "إن السياسة السعودية تجاه مصر تغيرت عقب وفاة الملك عبد الله، مذكرا بالدور الذي لعبته مصر في حرب الخليج". وتعليقا على الموضوع، قال الناقد السينمائي، عز الدين الوافي، إن في تكرار الإهانات الصادرة عن بعض الفنانين المصريين للشعوب الأخرى، ومنها المغرب، أمر غير عاد"، مبرزا أنه "على الفنان النأي بنفسه عن مثل هذه المشاحنات التي توتر العلاقات، باعتبار أن الفن مجال للرقي بالأذواق، والحوار، وتقبل الآخر". وأضاف الوافي، في تصريح لهسبريس، أن الفنان عندما يرمي بنفسه في هذه المهاترات في إطار تصفية حسابات مبتذلة، يضع الفنون في موضع لا يليق بها"، موضحا أن الخطابات السياسية تحمل أفكارا مسبقة، ونظرة ظالمة لعدد من الأمور، وأن "الفنان لا يجب أن يمتطي حصان السياسي، وأن يكون بوقا لسيده السياسي". ويرى الناقد السينمائي أن جميع الفنانين المصريين مرحب بهم بالمغرب، معتبرا أن موجات الإهانة تكون عابرة، ولكن عندما تتكرر يجب أن يتم اتخاذ رد فعل إزاءها، حفظا لكرامة الإنسان وقدسيته، كما أن الشعوب التي تتعرض لمثل هذه الإهانات يجب أن يكون لها موقف جاد تجاه كل من ثبت تورطه فيها.