قال تعالى في سورة البروج :" قتل أصحاب الأخدود ، النار ذات الوقود، إذ هم عليها قعود ، وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود ، وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد ، الذي له ملك السموات والأرض والله على كل شيء شهيد ، إن الذين قتلوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق " صدق الله العظيم . (...فقال للملك : إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به , قال وما هو , قال : تجمع الناس في صعيد واحد ، وتصلبني على جذع , ثم خذ سهما من كنانتي , ثم ضع السهم في كبد القوس , ثم قل : باسم الله رب الغلام , ثم ارمني...أتي الملكُ فقيل له : أرأيت ما كنت تحذر , قد والله نزل بك حَذَرُكَ , قد آمن الناس...) تنظر تفاصيل القصة في حديث النبي الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن صهيب البوعزيزي شاب بسيط ، ثابت وشجاع زلزل عرش الديكتاتور المتجبر، كما زلزل غلام عرش الملك الطاغية المتكبر ، كلا الطاغيتين نزل بهما حذرهما فآمن الناس..آمن التونسيون بخيار الثورة وطرد الصنم..الملك وزين الهاربين تألها وطغيا ، وكما كان للملك ساحر يعتمد عليه لتثبيت ملكه ، كذلك كان لزين الهاربين خدامه ، حثالة ينبغي للتونسيون إلحاقها بمن تولى..كلاهما يرهبان الناس ويقمعون..فكانت سنة الله تعالى "ولن تجد لسنة الله تبديلا" أن هيأ غلاما ليحطم صنما جثم على صدورالناس كما بين حديث النبي الذي فصل القصة ، فالملك كان له ساحر كما أومأت ، ويوم كبر هذا الساحر وشاخ طلب من الملك أن يجلب له من يخلفه في سحره الذي كان الملك يستحكم به على الناس..فكان أن نصب الغلام لهذه المهمة ، لكن هذا الغلام التقى براهب دعاه ليؤمن بالله فآمن وتيقن من دعوة الراهب للتوحيد ، ثم دعا الغلام بعد حادثة الدابة الناس للتوحيد فاستجاب الناس وبلغ الأمر الملك المتأله الذي استشعر خطر انهدام صرحه واندمار عرشه بما يزعمه الغلام للألوهية لغيره..بعد أن تبع وزير الملك الغلام قتله الملك وقتل معه الراهب فأما الغلام فأخبره باستحالة قتله بعد أن يئس من ذلك إلا أن يفعل ما يأمر به ، فأجاب الملك فطبق الطريق التي أملاها عليه الغلام، أخبره أنه لن يستطيع قتله إلا إذا جمع الناس في صعيد واحد ، وصلبه على خشبة ، ثم أخذ سهما - وليس أي سهم , بل سهما من كنانة الغلام - ثم رماه به قائلا : بسم الله رب الغلام ، فقام الملك بتطبيق قول الغلام ، ومات الغلام , وتحقق للملك ما أراد , وآمن الناس كلهم , فجن جنون الملك , وحفر لهم الأخاديد , وأضرم فيها النيران ، ورضي الناس بالتضحية في سبيل الله،وأنطق الله الرضيع عندما تقاعست أمه عن اقتحام النار ...كذلك كان أمر البوعزيزي الذي مات على طريقته التي اختارها كما مات الغلام صادعا بالحق ، حق الشعب التونسي الأبي في حياة الكرامة والمعنى ، فاستجاب الطاغية زين الهاربين لقومة أشعلها البوعزيزي : " الآن فهتمتكم أيها التونسيون " ! أبعد أن تغير لون الكرسي من جلوسك طيلة 23 سنة تفهم ؟! لكن التونسيون اقتحموا نارا أضرمها المتجبر كما اقتحم المؤمنون أخاديد الملك المتأله..فجن جنون الملك ، فجن جنون زين الهاربين..انتصر الشعب الأبي هنيئا وسقط الطواغيت..هي سنة الله في الذين خلو من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا.. ولكن أكثر الطواغيت لا يعلمون.. رحل البوعزيزي..من قال انتحر ؟ ألم يطلب الغلام الذي دعا الناس للتوحيد أن يموت بطريقته ليؤمن الناس ؟ ثم ألم يقتحم الناس المؤمنون النيران التي أضرمها الملك المتجبر المتأله وأنطق الله رضيعا أنكر على أمه تقاعسها ؟ لا بل هو شهيد شهيد..وسيبقى اسمه خالدا في ذاكرة التونسيين..الأولى ثم الأولى للذين يطالبون بالشفاعة له أن يطلبوها لأنفسهم أولا ، لأنهم رضوا بالظلم وركنوا إليه وأنكروه بأضعف الإيمان ! فعل البوعزيزي لم يكن لحظة منفصلة بل هو تاريخ بدأ من تولي الطاغية زمام إفساد تونس طيلة 23 عاما والبوعزيزي كان عمره 26 ! إن التاريخ لا يحيا إلا بالقصة..تماما كما رأينا فعل الغلام غير منفصل عن تاريخ حيي بالقصة..بالقصص القرآني ! هي قصة تعيد نفسها عبر التاريخ..كلما وجد طاغية إلا وستتكرر القصة من جديد غلام يشخصها ! [email protected] www.hadakalami.blogspot.com face book : hafid elmeskaouy