الخضروات والفاكهة عناصر أساسية لا يجب أن تخلو منها أي مائدة صحية والبعض يصفها بأنها "تزين الطاولة" فقط دون ادراك المنافع الصحية الضخمة الموجودة فيها، بل وأن لون كل نوع من أنواع الفاكهة والخضروات يعكس الكنوز الصحية التي تحتويها هذه المواد الغذائية. ووفقا لمركز المراقبة والوقاية من الأمراض بالولايات المتحدة، فإن تناول كمية كبيرة من الخضروات ذات اللونين البرتقالي والأخضر مثل الجزر والبطاطا الحلوة والبازلاء قد يساعد في تقليل خطر الاصابة بالأمراض مع اطالة أمد الحياة. هذا التأثير الوقائي يعود لوجود الألفا كاروتين، وهي مادة تشبه البيتا كاروتين، وكلاهما من عناصر عائلة الكاروتينات المضادة للأكسدة، والتي يقول العلماء إن لديها القدرة على مواجهة الضرر الذي يحدثه الأكسجين لأجهزة الجسم في العملية المعروفة علميا بإسم الأكسدة. والكاروتينات عبارة عن طبقات عضوية يتنوع لونها من الأصفر الشاحب مرورا بالمائل للبرتقالي وحتى الأحمر القاتم وتتواجد في الخضروات والفاكهة بألوان مختلفة، مثل الجزر الذي تم اشتقاق تسمية هذه المادة من مرادفه بالإنجليزية وهو Carrot . وتعمل الكاروتينات، ومن ضمنها الليكوبين، والذي يمنح للطماطم لونها الأحمر، على مواجهة الأكسدة والتغيرات التي تحدث في خلايا بعض المواد التي يطلق عليها الشقائق الحرة، وهي ذرات أو جزيئات بها إلكترونات غير زوجية أو بها غلاف مفتوح وتلعب دورا في التفاعلات الكيميائية. وللتحقق من خصائص الألفا كاروتين قام فريق تابع للعالم تشاويانج لي بمركز المراقبة والوقاية من الأمراض بالولايات المتحدة باخضاع 15 ألف شخص تتخطى أعمارهم 20 عاما للدراسة باستخراج عينات دم منهم لتحليلها وجمع معلومات تتعلق بحالتهم الصحية وأسلوب الحياة الذي يتبعونه. وعقب 14 عاما استغرقتها الدراسة ثبت أن فرص المشاركين الذين تصل نسبة الألفا كاروتين في دمائهم إلى 39% أقل في الاصابة بالأمراض أو الوفاة مقارنة بأولئك الذين كانت نسبة الألفا كاروتين في دمائهم أقل. قوة الكاروتينات الخارقة كمضادات للأكسدة: وفقا لخبراء مركز المراقبة والوقاية من الأمراض بالولايات المتحدة فإن الألفا كاروتين مسئولة عن تقليل خطر الاصابة بالأمراض عن طريق عمله ك"فريق" مع البيتا كاروتين، حيث أن كلا المادتين المضادتين للأكسدة تتمتعان بخصائص كيميائة وآليات تحرك متشابهة وتميلان للعمل معا. وعلى الرغم من هذا التشابه لكن فريق الباحثين يعتقد أن الألفا كاروتين قد تكون أكثر فاعلية من البيتا كاروتين لمنع نمو الخلايا السرطانية في المخ والكبد والجلد. وترى دراسة أخرى أن تناول الخضروات ذات اللون الأصفر المائل للبرتقالي مثل الجزر والبطاطا الحلوة واليقطين أو الأخضر القاتم مثل البروكلي والفاصوليا الخضراء والبازلاء والسبانخ والكرنب واللفت، وكلها تتمتع بمحتوى عالي من الألفا كاروتين، يؤدي دائما إلى تقليل خطر الاصابة بسرطان الرئة، بشكل أكبر من باقي أنواع الخضروات. يقول الدكتور كارلوس خيمينيث بشركة (سانيتاس) الإسبانية للتأمين الصحي "قوس قزح الذي تشكله الخضروات والفواكه الملونة بالأحمر والبرتقالي والأصفر والأخضر والأزرق والبنفسجي أكثر من مجرد هدية جميلة من الطبيعة، بل إنها بمثابة اعلان عن عالم من الألوان التي تقي الشباب". وأشار خيمينيث إلى أن الخضاب، وهي الخلايا التي تكسب النباتات ألوانها ومن ضمنها الكاروتينات، تمتلك خصائص هامة للغاية في مواجة الشيخوخة وتدهور معدل الأيض، لأنها ضمن منافع أخرى تقي من أكسدة الخلايا. وأضاف الخبير "الفيتوكيماويات هي مركبات بيوكيميائية طبيعية ليس لها قيمة غذائية ولكنها نشطة بيولوجيا وتتواجد في المملكة النباتية، وجزء كبير منها يشكل عائلة الخضاب المعروف منها نحو ثمانية آلاف نوع". وتحمل بعض الفيتوكيماويات خصائص مضادة للأكسدة التي ترجع إلى وجود كمية كبيرة من الشقائق الحرة الناتجة عن زيادة الأكسجين الذي حينما ترتفع نسبة وجوده يهاجم الأغشية الخلوية مما يؤدي إلى الشيخوخة وتدهور الأعضاء والأنسجة، وفقا لما قاله الطبيب. وأردف خيمينيث "الجسد لديه أنظمة تستطيع التقاط هذه الشقائق الحرة، ولكنها في بعض الأحيان لا تكون كافية لمواجهة عملية انتاج كبيرة، تكون غالبا ناتجة عن البيئة التي يكثر فيها الأدخنة والتبغ واستهلاك بعض المواد مثل الكحول". وأكمل الخبير "لهذا الآن ينصح بادخال مضادات الأكسدة في الأنظمة الغذائية لما فيها من منافع مضادة للسرطان وأخرى تتعلق بعمل الخلية في حالات الاصابة بالالتهابات بل وأيضا في أنظمة المناعة والدفاع ضد أنواع مختلفة من العدوى والأمراض". وتقول دراسة أخرى إن تناول كميات أكبر من المواد الغذائية الغنية بالكاروتينات وبالأخص البيتا كاروتين واللوتين الموجودة في الخضروات والفواكه قد يقي أو يؤخر ظهور مرض التصلب العضلي الجانبي. ويساعد اللوتين والبيتا كاروتين وفيتامين أ على مواجهة الأكسدة الخلوية الضارة التي تتسبب بها الشقائق الحرة، وفقا لهذه الدراسة. وتأتي هذه الدراسة بجانب أبحاث أخرى تشير إلى أن من يتناولون كميات كبيرة من مضادات الأكسدة تقل لديهم فرص الاصابة بالتصلب العضلي الجنبي، وهو المرض الذي يؤدي إلى تدهور الخلايا العصبية للمخ بالتدريج بجانب النخاع الشوكي وكلاهما يتحكم في العضلات التي تعمل بصورة غير تلقائية مما يؤدي إلى اضعافها وفي النهاية الاصابة بشلل في الأطراف. وفي دراسة أجرتها جامعة "هارفارد" الأمريكية تم تحليل معلومات تخص أكثر من مليون شخص تم العثور على نحو ألف و100 حالة مصابة بالتصلب العضلي الجانبي، حيث تم اكتشاف أن من يواظبون على أنظمة غذائية غنية بالبيتا كاروتين يحصلون عليها عن طريق الجزر والمانجو والفلفل الأحمر والطماطم واليقطين والبطاطا الحلوة والبرقوق والمشمش والشمام والبابايا، واللوتين الذي يأتي على سبيل المثال من السبانخ والكراث والذرة والبازلاء والموز والسلق والتوت والبرتقال والكرفس، لديهم فرصة أقل للمعاناة من أمراض تتعلق بالجهاز العصبي.