لم تعد الأرض، في الفترات الأخيرة، ساكنة جامدة تحت أرجل المغاربة، فما إن تهتز في مدينة حتى ترتج في أخرى، وصارت بلاغات للمعهد الوطني للجيوفيزياء تتوالى لإخبار المواطنين بالهزات الأرضية المختلفة هنا وهناك، والتي يشاء الله أنها تظل خفيفة لا يكاد يحس بها الكثيرون. وفيما يرى البعض أن هذه الهزات الأرضية المتوالية، مثل قِطَع ليل مظلم، قد تشكل خطرا داهما على ملايين المغاربة في المستقبل، بالنظر إلى توالي حدوثها واحتمال وقوع زلزال مدمر، يؤكد آخرون بأن الأمر يتعلق فقط بهزات أرضية خفيفة لها بؤر عميقة ولا تسجل أضرارا. وفي شهر ماي الجاري، تم تسجيل أربع هزات أرضية بإقليمي الحسيمة وتازة، آخرها حدث قبل أيام قليلة، حيث أوردت الشبكة الوطنية لرصد الزلازل، التابعة للمعهد الوطني للجيوفيزياء، بأن هزة أرضية بقوة 3,3 على سلم ريشتر، تم تحديد بؤرتها في جماعة شقران بالحسيمة. وقبل ذلك في شهر أبريل، تم تسجيل هزتين أرضيتين بالناظور، بلغت قوتهما على التوالي 2,8 و3 درجات على سلم ريشتر، وكانت بؤرتهما في عرض ساحل مدينة الناظور، بينما في مارس شهد الإقليم هزة أرضية بقوة 4,1 درجة، وحدد مركزها بجماعة "بني وكيل أولاد محاند". تؤكد إحصائيات المعهد الوطني للجيوفيزياء، التابع للمركز الوطني للبحث العلمي والتقني، ظاهرة توالي الهزات الأرضية بوتيرة غير مسبوقة بالمغرب، حيث سجل مثلا في 2014 زهاء 2200 هزة أرضية، من بينها 306 هزة أرضية في شهر أكتوبر لوحده، و141 هزة بقوة بين 3و4 درجات، و15 هزة بين 5 و6 درجات. ثريا المرابط، الخبيرة المتخصصة في الزلازل، قالت في تصريحات لهسبريس، إن الهزات الأرضية التي يعرفها المغرب خفيفة، ولا تشكل خطرا محدقا بحياة الناس، مبرزة أن المغرب لا يوجد في بؤرة جيولوجية تتسم بالزلازل الخطيرة، وبأن الاهتزازات التي تحدث هي نتيجة فقط لتقارب بعض الصفائح المتحركة. وتبعا لذات المتخصصة، فإن أكثر الهزات الأرضية التي شهدها المغرب في السنوات الأخيرة، تم تسجيلها في منطقة شمال البلاد، وخاصة في الحسيمة والناضور، التي تكررت فيها الهزات الأرضية، وأيضا وسط المغرب في مدن مثل بني ملال والخنيفرة، كما لم تسلم منطقة أكادير من تلك الهزات. ولفتت المرابط إلى أنه عندما تكون بؤرة الزلزال قريبة من سطح الأرض، وكانت الأرض هشة غير مبنية على أسس متينة، تكون أضرار الزلزال واضحة للعيان، بينما إذا كانت بؤرة الزلزال عميقة حتى لو في مناطق آهلة بالسكان، فإن الهزة الأرضية لا تحدث أضرارا". ودعت المرابط إلى "ضرورة أن تتوفر في البنايات والمنشآت بالمغرب خاصية مقاومة الزلازل، حتى يتم التخفيف من حدة الأضرار والخسائر في الممتلكات والأرواح البشرية التي قد تنجم عن حدوث الزلزال"، مبرزة أنه من الناحية القانونية يتعين أن تتوفر المنشآت والبنايات على ما يتيح لها مقاومة الزلازل. وفيما يخص الزلازل التي تكون بؤرتها قوية داخل البحر، قالت المتحدثة إنه ينشأ عنها موجات ما يسمى "تسونامي"، مشيرة إلى أن المغرب سبق له أن تعرض لتسونامي سنة 1755، طالت أمواجه الهادرة الشواطئ الساحلية للبلاد من العرائش إلى الصويرة، وأفضت إلى مقتل آلاف الضحايا.