الصحافيُّون في المغرب يتعرضُون لانتهاكات جسديَّة في مقامٍ أوَّل، ويكابدُون إشكالاتٍ في تأمين حريَّتهم، على مستوى ثان، ذاكَ ما استشَفَّه تقريرٌ صدر حديثًا عن شبكة المُدافعِين عن الإعلام في العالم العربِي، رصد أبرز الانتهاكات التي تطالُ الصحافيِّين بالمنطقة، في كلٍّ دولة على حدَة. التقريرُ المعنون ب"إعلام تحت النَّار" وهو الذِي أفردَ جزءً لحالة المغرب، أورد أنَّ انتهاك السلامة الجسديَّة للصحافيِّين لا تزالُ الأكثر تسجيلا بالمملكة، حتى أنَّ ثماني عشرة حالةً جرى رصدها، سنة 2014، لتشكل بذلك 25 بالمائة منْ مجمل الانتهاكات التي تعرض لها الصحافيُّون، متبوعة بالحقِّ في الأمان الشخصِي. وبحسب الوثيقة ذاتها، التي توصلت هسبريس بنسخةٍ منها، فإنَّ الصحافيَّ في المغرب لا زالَ يصطدمُ بعقباتٍ لدى بحثه عن المعلومة التي تشكلُ المادَّة الخَام لاشتغاله، وهو ما جعلَ الانتهاكات التي واجهها الصحافيُّون على مستوى تأمين الحصُول على المعلومة تشكلُ ثالث النقاط السوداء في واقع الصحافة المغربية. في المنحى ذاته، يتحدثُ التقرير عن ثمانية انتهاكات بالمغرب، إبَّان العام المنصرم، همَّت حالة التملك المرتبطة بالاعتداء على أجهزة ومعدَّات اشتغال الصحافيِّين، سواء تعلقَ الأمرُ بآلات تصوير أوْ حواسيب، وذلكَ بغرض إتلاف ما بها منْ محتوياتٍ كيْ لا تصل إلى المتابعِين فتشكلًا رأيًا عامًّا. بينما جرى حجزُ معدات العمل في بعض الحالات. وتورد شبكة المدافعِين عن الإعلام في العالم العربِي أنَّ المنع من التغطية والتواجد في أماكن التجمعات وحجب المعلومات يشكلان الانتهاك الأكبر في المغرب، بالإضافة إلى ما قدْ يلاقونه من سبٍّ وقذف أوْ حتَّى التعرض للاعتقال. وجردَ التقرير العربيُّ حالات الصحافيِّين الذِين قدمُوا بلاغاتٍ تفيدُ أنَّهم تعرضُوا للضرب، منهم الصحافيُّ هشام المنصورِي، الذِي قضت المحكمة في وقتٍ لاحق بإدانته بالسجن النافذ، على خلفيَّة تهم متصلة بالمشاركة في الخيانَة الزوجيَّة. الجانبُ الإيجابيُّ في التقرير، هو أنَّ حالة تمييزٍ واحدة فقطْ جرى تسجيلها خلال العام الماضي، وذلك في إشارة إلى أيِّ تمييز يمكن أنْ يكون صحافيٌّ مغربيٌّ قدْ لاقاه، لدى مزاولة عمله، سواء على أساس العرق أوْ الدِّين أوْ الجنس، أوْ الانحياز السياسي. في غضُون ذلك، كان الصحافيُّون في الجزائر أفضلَ حالًا منْ حيث تأمين السلامة الجسديَّة خلال الاشتغال، وفق التقرير، إذْ لمْ يجر تسجيل سوى ثلاث حالات انتُهكت سلامتها الجسديَّة، بينما وصل العددُ في المغرب إلى عشر حالات، حتى وإنْ كانت الجزائر من أكثر دُول المنطقة انتهاكًا لحقِّ الوصُول إلى المعلومة. يذكر أن التقرير المشار إليه يسُوق صورةً عن البيئة التي صار يشتغلُ فيها الصحافيُّ بعد 2011 في الدُّول العربيَّة، بعدما أفضتْ التحول إلى سقوط عدَّة أنظمة آلتْ الدُّول التي كانت تحكمها إلى الفشل، ما ساعد الجماعات الإرهابيَّة على التقوِي، في الوقت الذِي لا يزالُ القضاء سيفًا على رقبة "السلطة الرابعة".