استفاق العديد من المغاربة، من قراء الصحف الورقية، اليوم، على رفع أسعار الجرائد اليومية بدرهم واحد، حيث صار ثمن الصحيفة أربعة دراهم، وهي الزيادة التي تلقاها مواطنون، وفق ما عاينته هسبريس في عدد من نقط بيع الصحف، بكثير من الاستغراب وغير قليل من الرفض. وكانت الفيدرالية المغربية لناشري الصحف قد قررت رفع ثمن الصحف المغربية اليومية من ثمنها الحالي، 3 دراهم، إلى 4 دراهم للصحيفة الواحدة، ابتداء من اليوم الاثنين، مبررة هذه الزيادة بأنها تأتي "لمواجهة التحديات المهنية والاقتصادية للإعلام المكتوب في المغرب". انطباعات قراء صاحب كشك بمدينة سلا قال، في تصريح للموقع، إنه وجد صعوبة بالغة في التعاطي مع كثير من زبنائه، خاصة من الأوفياء الذين يقتنون الصحف كل يوم، حيث إن أغلبهم لم يتقبلوا هذه الزيادة التي وجدوها مرتفعة، فهناك من دفع الدرهم الزائد عن مضض، فيما عاد آخرون أدبارهم بدون صحف". وقال البائع إن عددا من الزبناء لم يفهموا سبب الرفع من سعر الجرائد بدرهم كامل لكل صحيفة ورقية، فيما البعض دخل معه صباح اليوم في سجالات عقيمة وصلت إلى حد الشنآن أحيانا، لأنهم اعتقدوا أن الزيادة هي من لدن البائع، بينما باعة الصحف لا علاقة لهم بقرار الرفع من سعر الصحف". وقال مواطن جاء ليقتني أربعة صحف ورقية، كما هي عادته دائما، إن الزيادة بدرهم واحد قد تبدو بسيطة للبعض، لكنها "ضخمة" يصعب تحملها خاص بالنسبة لمدمني شراء أكثر من جريدة في اليوم"، مضيفا أنه "بالنسبة له مثلا الزيادة طالته ب4 دراهم كل يوم، وهذا شيء لا يطاق" وفق تعبيره. والتقط زبون آخرون خيط الحديث من سابقه، وقال إنه "ليس غريبا على بلد تتم فيه الزيادة في الأسعار كل يوم، في المواد الغذائية وفي الخضر والفواكه، أن لا تشهد فيه الصحف زيادة في أسعارها أيضا"، مضيفا أن "أرباب الصحف هم بدورهم لهم الحق في الزيادة على المواطنين، وإلا كانوا استثناء في هذا البلد". وفيما دافع البعض عن قرار الزيادة في أسعار الصحف، باعتباره إجراء ضروري لإنقاذ مركب الصحافة الورقية من الغرق، وبأنه طبيعي بعد مرور سنوات على استقرار السعر السابق"، أبدى آخرون استغرابهم من قرار الزيادة في خضم انخفاض مهول للمبيعات، ما يدل على أزمة عميقة تحط بثقلها على الصحافة الورقية بالبلاد. بنسعيد: السرعة والقراءة والنمطية أزمة الصحف الورقية هذه بالمغرب عزاها الدكتور محجوب بنسعيد، الخبير في الاتصال، ورئيس قسم الإعلام بمنظمة "الإيسيسكو"، إلى متغيرات عديدة تتلخص في الانتشار الواسع لتقنيات المعلومات والاتصال الجديدة التي استفادت منها الصحافة الإلكترونية في العصر الرقمي. وأضاف بنسعيد، في حديث مع هسبريس، أنهه من أهم التحديات التي تواجهها الصحف الورقية اليوم، تغيير عادات القراءة، بفعل التحولات التي شهدها إيقاع الحياة لدى المواطن، فأصبح القارئ يفضل متابعة الأخبار المتوالية والكثيرة المعززة بالصور، وأشرطة الفيديو، عبر هاتفه المحمول أو لوحته الإلكترونية". وبالتالي، يُكمل بنسعيد، أصبحت متابعة الأخبار عبر الصحافة الإلكترونية أقل تكلفة، وأكثر يسرا وتنوعا وغنى في المواد الإعلامية المقدمة، إضافة إلى تفاعل القارئ مع هذه المواد بالتعليق عليها وإبداء الرأي بشأنها، ومن ثمة إنتاج مواد إعلامية إضافية عن الموضوع الرئيسي". وذهب الخبير إلى أنه "من الأسباب العميقة للصحف الورقية بالمغرب ما هو مرتبط بالمشكل العام الذي تعاني منه البلاد، مثل باقي الدول النامية، وهو الضعف المهول في الإقبال على القراءة، والذي أصبح يشمل حتى النخبة من الأساتذة والإعلاميين، جراء تدني الاهتمام بفضاءات القراءة في المدارس وخارجها. وأشار المتحدث إلى مشكل القراءة المجانية للصحف في المقاهي والمطاعم والفنادق، حيث يتناوب على الجريدة الواحدة عشرات الزبناء"، مبرزا أن "الصحف الورقية تعاني كذلك من مشكل عدم التميز والتفرد، فهي متشابهة كثيرا في إخراجها الفني، ومواضيعها، وطريقة معالجتها للأخبار والأحداث".