قال الدكتور محجوب بنسعيد، الخبير في الاتصال ورئيس قسم الإعلام في المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "الإيسيسكو"، إنه باعتبار السياق العام المعروف لدى الإعلاميين من ممارسين وباحثين؛ والذي يحدد دواعي انتقال وسائل الإعلام المكتوبة من الورقي إلى الإلكتروني، فإن "المتتبع والمختص في الإعلام يُصاب فعلا بالحيرة المرفوقة بالإعجاب لما أقدمت عليه "هسبريس" أخيرا بإطلاق مجلة ورقية تحمل اسم شقيقتها الإلكترونية المشهورة التي نسجت لنفسها موقعا متميزا ضمن قطاع الصحافة الإلكترونية في المغرب والعالم العربي". وأطلقت هسبريس العدد الأول من مجلتها الورقية الأسبوعية التي تحمل الاسم ذاته، في الرابع من يناير الجاري، وذلك بعد بضعة أشهر من العمل الدءوب والتحضير المستمر لميلاد هذه المجلة الجديدة التي تأتي في سياق تحول عدد من المطبوعات الورقية في العالم إلى الاستنجاد بالحامل الإلكتروني. تجربة مطلوبة وعزا بنسعيد، في تصريحات لهسبريس، ما سماه هروب المنابر الإعلامية الدولية من الشكل الورقي إلى الافتراضي إلى أسباب وعوامل ترتبط بما تشهده المجتمعات المتقدمة من تطور في أداء الخدمة الإعلامية من جهة، وبما هو متاح للمواطن في هذه المجتمعات من تكنولوجيا الاتصال التي جعلته يتابع الأحداث في كل مكان وفي كل وقت عبر الهواتف الذكية، كما أن المادة الإعلامية التحليلية للأحداث تتكلف بها البرامج الحوارية التلفزية العديدة والمتنوعة وبأسلوب علمي ومشوق ومفيد، وتنشره كذلك مراكز بحثية ومراصد في شكل تقارير دورية ورقيا وإلكترونيا. ولفت خبير الاتصال إلى أن "المسألة مقلوبة في تجربة هسبريس في الانتقال من الافتراضي إلى الورقي، رغم أن الأمر في الواقع ليس قطيعة أو تغييرا بل هو إضافة نوعية، وربما تكمن وراءها جرأة نادرة وثقة كبيرة في النفس" يقول بنسعيد الذي زاد بأن "تجربة هسبريس تعد من الناحية العلمية تجريبا إعلاميا مطلوبا في ساحتنا الإعلامية المغربية التي تزخر بصحف أصبحت متشابهة في إخراجها الفني وموادها بالرغم من اختلاف مرجعيتها السياسية أو نوعيتها: حزبية مستقلة / يومية أسبوعية... واستطرد رئيس قسم الإعلام في الإيسيسكو بالقول: "إذا كانت الصحف الإلكترونية في المغرب وخارجه تعتمد في بحثها عن ذاتها على نسختها الورقية من حيث المواد الإعلامية والتألق والشهرة، فإن مجلة هسبريس الورقية تعكس الآية وتنطلق في مغامرتها الفريدة من نوعها على الرصيد المحقق في نسختها الإلكترونية". وتابع المتحدث بأن "هذا الرأي سيكون غير صحيح في حالة ما إذا استطاعت هسبريس الورقية ألا تكون نسخة طبق الأصل لأختها الإلكترونية"، موضحا بأن "هذا الأمر غير ممكن لاعتبارات كثيرة؛ في مقدمتها يضيف بنسعيد أن هسبريس الإلكترونية تفاعلية ومتغيرة على مدار الساعة، واستطاعت أن تحقق الريادة والسبق في ملاحقة الأخبار أولا بأول، وأن تشرك القراء في التعليقات؛ مع التحفظ حول نوعية بعض التعليقات؛ ثم تعزيز المادة الإعلامية وإثرائها وتنويعها بالمشاهد السمعية البصرية". واسترسل المحلل بأنه "إذا كان الواقع يؤكد أن لكل وسيلة خصائصها ومميزاتها وقدرتها على التكيف مع المتغيرات وتطوير إمكانياتها لتحتفظ بأكبر عدد من القراء، فإن ظهور مجلة هسبريس الورقية يعد إضافة نوعية في الحقل الإعلامي المكتوب، وتجربة قادرة على تحقيق النجاح وربح الرهان". التفرد والتميز وفضَّل الخبير المغربي أن لا يسمِّي ما أقدمت عليه هسبريس بإطلاق مجلة ورقية أسبوعية "مغامرة" إعلامية، لكون "القائمين عليها لاشك أنهم استندوا على دراسة قبلية، واعتمدوا على مؤشرات محددة، وانطلقوا من معطيات ميدانية من ضمنها حاجة الصحافة الورقية في المغرب إلى تعميق البعد التحليلي للأحداث والأخبار وتطويره، وتكليف الخبراء متنوعي الاختصاصات بإنجازه. ويشرح الدكتور محجوب بنسعيد بأنه إذا كانت الصحف الإلكترونية؛ وفي مقدمتها هسبريس؛ تقدم على مدار الساعة كما هائلا من الأخبار الطازجة مع صور ثابتة وشرائط فيديو، فإن ذلك الكم الهائل من الأخبار والمعلومات يحتاج إلى تحليل وتقييم ومقارنة واستنباط نتائج، وهو أمر ضعيف في الصحف الورقية التي تلهث وراء مواكبة تدفق معلوماتي رهيب، فلا تفلح في ذلك ولن تفلح فيه بالنظر إلى إكراهات وخصوصيات إعداد وطباعة وسحب وتوزيع الصحف الورقية" يوضح الخبير في الاتصال. وخلص بنسعيد إلى أن مجلة هسبريس الورقية بإمكانها أن تحقق التفرد والشهرة والتميز إنْ استطاعت أن تقدم للقراء والباحثين مقالات تحليلية للأحداث تساعد على فهم خلفياتها وأهدافها"، قبل أن يتابع المتحدث بأنه "في جميع الأحوال تعد هسبريس الورقية وهسبريس الإلكترونية وجهيْن لإعلام واحد متميز ومتطور وواعد في المغرب". وأردف الخبير ذاته: "تجربة صدور هسبريس ورقيا وإلكترونيا ستُقدم أجوبة لبعض الأسئلة المطروحة حاليا في الدراسات الإعلامية الحديثة بشأن إشكالية العلاقة بين الصحافة الورقية والإلكترونية في ظل تطور وسائل الاتصال الحديثة" يختم بنسعيد تصريحاته لهسبريس.